responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 417

على باله، بل إنه يستهين بكل ما يراه من آلام طمعا في السعادة التي تنتظره، كما روي عن رسول الله (صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم) أنه قال: (يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض)[1]

وقد عبر بعضهم عن هذا المعنى،فكتب ـ تحت عنوان [وماذا بعد الموت!] ـ يذكر تجربته الشخصية، فيقول: (أن يسأل الإنسان نفسه، وهو جالس في بيته بين أهله وأطفاله يأكل طعامًا لذيذًا أو يشاهد برنامجًا مسليًا، أو يستلقي مرتاحًا على سريره الدافئ، أو يتبادل الحوار الشيق مع أصدقائه في ناد أو مقهى.. ومن حولهم تتمخض حركة الحياة الدائمة عن الأمل والبلادة والمتعة والنسيان.. ليس كمن يسأل نفسه، وهو يلتفت فجأة في أعماق الظلام، الى قبر جديد، وحيد، نبت قبل دقائق في قلب الصحراء، وغادره أقرب أصدقائه وأشد محبيه)[2]

ثم راح يطرح تأملاته في ذلك قائلا: (ترى.. لو أن دينًا من السماء لم ينزل.. ودخل في عقول الناس، على مدار التاريخ، خرافة الملحدين والعدميين، من أنه لا حياة بعد هذه الحياة، لا بعثًا ولا حسابًا ولا جزاءً.. وأن نهاية الإنسان المطلقة تجيء عندما يسكت قلبه عن الخفقان ويوارى التراب، لكي ما يلبث أن يأكله الدود ويتحول بعد قليل إلى تراب يستعدّ لاستقبال الحفنات الجديدة من التراب الذي لا يكف عن الانقطاع.. إن أيّ مسلم لا يستطيع بفطرته وبداهته ويقينه وإيمانه أن يتصور موقفًا عدميًا كهذا، إنه بمجرد تصوّره يحس بالاختناق، ويستنفر كل طاقاته النفسية للخلاص من المأزق واستنشاق الهواء الصافي النقي.. إنه لا يفرّق أبدًا بين كابوس لا يرحم يدهمه في المنام وبين إحساس عدمي قاتم يمر


[1] الترمذي كتاب الزهد رقم (2403) عن جابر وقال هذا حديث غريب.

[2] عماد الدين خليل، آفاق قرآنية،بيروت: دار الكتب العلمية، 1982م، ص291-295.

اسم الکتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 417
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست