اسم الکتاب : الكون بين التوحيد والإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 123
ثم التفت للحضور، وقال: لا شك أنكم تسمعون في
الأخبار أن كسوفا للشمس، أو خسوفا للقمر سيحدث في اليوم الفلاني، والمكان
الفلاني..ولا شك أن الكثير منكم ينبهر من دقة العلماء، ودقة حساباتهم.. ولكن أيهما
أكثر إبهارا: هل مكتشف تلك الحسابات الدقيقة، أو واضعها ومصممها ومبدعها؟
سكت قليلا، ثم قال: وهكذا الحال عندما نرفع
أعيننا إلى السماء، ونشاهد الكواكب والنجوم التي لا حصر لها؛
إن هذه الكرات السماوية التي لا تزال معلقة في الفضاء منذ
قرون لا نعرف عدتها، تدور في الفضاء
الفسيح السحيق على نظام معين معلوم بحيث يمكننا معرفة جميع الوقائع المستقبلة قبل
وقوعها بقرون.. إنه نظام لا مثيل له من
الذرة.. إلى قطرة الماء.. إلى الكواكب السحيقة في أجواز الفضاء.. نظام تستنبط على أساسه قوانين علمية.
إن نظرية نيوتن تفسر دوران الكرات الفلكية،
وبناء عليها استطاع العالمان: آدمز ولا
فريير أن يتنبآ بوجود كوكب لم يكن معروفا وجوده في وقتهما، وبناء على قولهما وجه مرصد برلين في ليلة من ليالي سبتمبر سنة 1846
تلسكوبا إلى الجهة التي أشارا إليها، وسرعان ما وجد المرصد الكوكب الذي نسميه
اليوم (نبتون)، في أسرة الشمس.
تقدم من بعض زملائه من العلماء، وقال: ألا
ترى ـ صديقي العزيز ـ أننا كنا واهمين حين كنا نردد كل حين، ونحن نكذب على أنفسنا
وعلى الناس أنه ـ كما يقول هكسلى ـ (لو جلست ستة من القردة على آلات كاتبة، وظلت تضرب على حروفها لملايين السنين فلا نستبعد
أن نجد في بعض الأوراق الأخيرة التي كتبوها قصيدة من قصائد شكسبير! فكذلك كان الكون الموجود الآن نتيجة لعمليات عمياء، ظلت تدور في (المادة) لبلايين السنين)
ضحك بصوت عال، وقال: ألا ترى إلى هذا اللغو المثير..
فهل هذا الكون العجيب قصيدة من قصائد شكسبير.. إن كل ذرة في الكون أكثر إبداعا
ودقة ونظاما من كل قصائد شكسبير.. فأي صدفة عجيبة أنتجت هذا الواقع العظيم ذا الروح
العجيبة؟
اسم الکتاب : الكون بين التوحيد والإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 123