اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 318
ومن العجيب أن
هذه الآية تليت بقوله تعالى: ﴿ وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (44)
وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (45) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا
تُمْنَى (46) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى (47) وَأَنَّهُ هُوَ
أَغْنَى وَأَقْنَى﴾ [النجم: 44 - 48]، وهي التي تشير إلى برهان الحياة..
وتليت بقوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى﴾ [النجم: 49]،
وهي التي تشير إلى برهان الكون.
وقد بدأ اهتمامي
بهذه المشاعر بأنواعها المختلفة في وقت مبكر حيث كنت لا أزال مرتبطا بالحس،
ومتوهما أن الحس هو مصدر كل شيء، فلذلك كنت أرى[1] العواطف ليست سوى ملكات حسية وناشئة عنها..
وكنت أقول لصاحبي الذي جاء يحاورني في ذلك: انظر إلى الغضب.. فهو لا يثيره إلا الإحساس
بالضرر أو الإهانة.. والخوف لا يحركه إلا تخيل وقوع شر يتهددنا فى المستقبل.. والحزن
لا يسببه إلا الإحساس بألم حاضر أو تذكر ألم مضى زمانه.. ولهذا فإن العواطف يطلق
عليها أحيانا كثيرة اسم [الأحاسيس]
وكان محاوري
يقول لي: قد يكون بعض ما تقوله صحيح.. ولكن العواطف أكبر من ذلك، ومجالها أرحب،
وتعبيراتها أعم.. وهي بذاتها ليست أفعالا تندرج تحت الإدراك الحسى.. فالخوف لا يدل
على مجرد الإحساس بشىء ما، وإنما يدل على موقف أو رد فعل إزاء ذلك الشىء..
والعاطفة ليست عملية الإبصار، ولكنها رد الفعل إزاء الشىء المبصر، والذى يجعلنا
نميل إليه أو يدفعنا بعيدا عنه.
وكان ينظر إلى
تصوراتي المادية عن الإنسان وكل ما يرتبط به من عواطف أحاسيس، ويقول لي بحنان
ورحمة: انظر جيدا.. فلو كان الإنسان مجرد كائن مادي، كما تزعم لكان من المعقول أن
تتخذ أشياء مادية أبسط، كالآلات، نماذج للسلوك البشري.. فلكل آلة دافعة تشغلها،
كالبخار أو الكهرباء أو الاحتراق الداخلي..
[1] انظر: العلم في منظوره الجديد، لروبرت
م.أغروس وجورج ن. ستانسيو، ترجمة كمال خالايلي.
اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 318