اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 317
ثم التفت إلي،
وقال: ها هو أمامكم فقد عمل كل جهده، وبذل كل ما في وسعه ليرى عقله، ويرى المحل
الذي يوجد فيه، والشكل الذي يكون عليه.. لكنه في الأخير استسلم، وعرف أن أمره أعظم
من أن يحبس في سجون المادة.
***
أصابني إرباك
عندما قال هذا، فلم أكن أعرفه، ولم يكن يعرفني.. ولم تكن بيننا أي علاقة لا من
قريب ولا من بعيد..
عندما انتهى من
حديثه ذهبت إليه، واكتشفت عنده من أسرار العقول ما لم يدركه كل العلماء الذين
أدركتهم والتقيتهم، والعجيب أني وجدتهم جميعا ضيوفا عنده، وتلاميذ يدرسون على
يديه.
برهان المشاعر:
بعد أن أنهى
الرجل الثالث حديثه، قام آخر، وقال: بعد أن حدثكم صديقي وأخي عن [برهان الوعي]،
وكيف خرج به من ظلمات الجهل والغواية إلى نور الإيمان والهداية.. فاسمعوا حديثي عن
برهان من براهين الآيات الباهرة، أطلقت عليه اسم [برهان المشاعر].. وهو برهان يدل
على الله من كل الوجوه، وبكل المقدمات، وبجميع اللغات..
فالله برحمته لم
يخلق الكون مادة فحسب، وإنما أضاف إليه الحياة.. ثم أضاف إلى الحياة أهم عنصر
فيها، وهو الوعي والعقل.. ثم أضاف إلى الوعي والعقل أهم عنصر فيها، وهو المشاعر
والأحاسيس والعواطف والمواجيد.. وذلك من أكبر الآيات الباهرة التي لا يمكن لأحد من
العقلاء أن يجادل في حاجتها إلى قوة خارجية تتصف بكل أنواع الكمال تكون مصدرا لها
جميعا..
وقد أشار القرآن
الكريم إلى هذا النوع من الآيات في قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ
وَأَبْكَى﴾ [النجم: 43]، فالضحك والبكاء تعبيران حسيان عن الكثير من
المشاعر الإنسانية،
اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 317