responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 316

موجود لا بد له من بعد زماني أو مكاني، أو أنّه لابد أن يتّصف بلون أو شكل؟

سكت الجميع، فقال: أظن أنكم.. بل نحن جميعا قد بالغنا كثيرا في تصور قدراتنا على استكناه أسرار الوجود.. فالإنسان بما أحرزه من تقدّم في العلوم الطبيعيّة لا يزال عاجزاً عن فهم وإدراك أبسط المواضيع في علم الأحياء، وهي الخلايا وما تشتمل عليه من صفات وعناصر.. فكيف يستطيع أن ينفي كلّ موجود عدا المادة والطاقة؟

وما دام الأمر كذلك، فكيف يتطلع إلى التعرف على ذاته وحقيقته التي لا يمكن إدراكها مطلقا.. لأن ذات الله تختلف عن خلقه.. ونحن لا نعرف من ذوات الأشياء إلا ما له علاقة بنا.

قالوا: فكيف نعرف الله إذن ما دامت عقولنا قاصرة عن معرفته؟

قال: هي قاصرة عن تصوره.. لأن التصور خيال.. والخيال ابن للمدركات الحسية، ويستحيل على الله أن يخضع للمدركات، لأنه حينئذ سيكون من جنسها.

قالوا: فما المجال المسموح لعقولنا به إذن؟

قال: إذا تتبعنا الحقائق المطلقة وجدناها لا تقتصر على المادّيات فقط.. بل إن الوجود أوسع بكثير من كل تصوراتنا المحدودة.. نعم باستطاعتنا إدراك الألوان والأوزان بحواسنا هذه، أو بمساعدة المجهر.. لكن هناك أشياء كثيرة لا نستطيع أن نشاهدها أو نلمسها أو أن نحسّ بها بحواسّنا هذه، سواء أكانت مجردة أو مجهزة.. بل أنّ العقل يعترف بوجودها قطعاً دون تردّد.. وعن طريق الأدلّة والبراهين العقلية يُؤمن بوجودها في عالم الغيب.

قالوا: فهلا ضربت لنا مثالا على ذلك.

قال: هذه عقولكم أمامكم.. هل يمكن لأي طبيب أو باحث أو مخبر أن يدلكم على مكانها.. نعم هم يعرفون آثارها على وعيكم وتفكيركم، لكنهم لم يشاهدوا العقل أبدا، ولم يلمسوه، ولم يروا لونه.. وإن كنتم لا تصدقونني.. فها هو ذا أمامكم فاسألوه.

اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 316
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست