اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 306
لكن نبوءة
صديقنا هكسلي لم تتحقق، فعندما قدم القرن العشرون بكشوفه الكثيرة في عالم وظائف
الأعضاء، لم يأت بأي دليل يساند تلك النظرة المادية.. بل إنه أتى فوق ذلك بما
يضادها تماما، وبما يثبت للعقل دوره المميز الذي حاولنا تغييبه في وسط المادة.
***
أذكر حينها أني
ذهبت إلى زميل لي كان في بداية أمره مثلي تلميذا لهكسلي، وتلميذا لرؤيتنا المادية،
كان اسمه [السير تشارلز سرنغتون]، وقد كان بحق مؤسس فسيولوجيا الأعصاب الحديثة..
ذهبت إليه أستفسر منه عن الجديد الذي جاءت به كشوفه، ومدى الخدمات التي قدمتها
لنبوءة أستاذنا، فقال لي: يؤسفني أن أقول أنه، ونتيجة بحوثي الرائدة في الجهاز
العصبي والدماغ وصلت إلى أنه (ظهر فرق جذري بين الحياة والعقل، فالحياة مسألة
كيمياء وفيزياء، أما العقل فهو يستعصي على الكيمياء والفيزياء)
قلت: ما تقصد؟
قال: قد نفسر
الحياة بكونها التغذية الذاتية، واستقلاب الخلايا والنمو.. وحينها يمكن التعبير عن
أن هذه الظواهر تتم بواسطة قوانين الفيزياء والكيمياء.. لكن أنشطة العقل لا يمكن
أبدا أن تخضع لآليات الفيزياء والكيمياء.
***
تركته، وأنا
أحاول كل جهدي أن أنسى ما ذكره.. ثم ذهبت إلى صديق آخر هو [السير جون اكلس]، وهو متخصص
في الأعصاب، فحكيت له ما قال تشارلز، فقال لي: (التجارب التي تنم عن الوعي تختلف
في نوعها كل الاختلاف عما يحدث في آلية الأعصاب.. ومع ذلك فإن مايحدث في آلية
الأعصاب شرط ضروري للتجربة.. وإن كان هذا شرطاً غير كاف)
قلت: ما تعني
بذلك؟
قال: سأضرب لك
مثالا يوضح لك هذا.. عندما يرى أحدنا شجرة.. فإن أشعة
اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 306