اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 305
تقوله صحيح..فالتغيرات
المادية هي التي تسبب الأفكار، لا العكس.
حينها ألقى
صديقنا [و.ك كليفورد]، عالم الرياضيات المعروف معادلته التي عبر عنها بقوله: (إذا
قال أحد أن الإرادة تؤثر في المادة فقوله ليس كاذباً فحسب، وإنما هو هراء)
أعجب صديقنا هكسلي
بهذا التجاوب الذي أبديناه لفكرته، فراح يفسر لنا العلاقة بين العقل والجسد بقوله:
(يبدو أن الوعي متصل بآليات الجسم كنتيجة ثانوية لعمل الجسم، لا أكثر، وأن ليس له
أي قدرة كانت على تعديل عمل الجسم مثلما يلازم صفير البخار حركة القاطرة دونما
تأثيرعلى آليتها)
حينها قلت
بحماسة: أجل.. لك الحق في ذلك.. وحينها سنصطاد عصفوين بحجر واحد.. أما الأول فهو
الرد على المؤمنين الذين يذكرون افتقار العقل الأصغر إلى العقل الأكبر.. ونرد كذلك
على دعواهم بالآخرة والحياة بعد الموت.. فلاشيء في الإنسان يمكن أن يبقى بعد الموت..
لأنه إذا كان التفكير والإرادة نشاطين من أنشطة الدماغ، فليس هناك سبب يجعلنا
نفترض أن هذين النشاطين يمكن أن يستمرا بعد فناء الدماغ.. وإذا كان كل جزء من
أجزاء الإنسان مادة، فلابد من أن يكون كل جزء منه عرضه للفناء.. فلاخلود إلا
للمادة.
***
كانت هذه آراؤنا
ودعاوانا العريضة التي خرجنا نتيه بها على الناس، وكأننا اكتشفنا الحقيقة التي غفل
عنها جميع عقلاء العالم على مدار التاريخ.. لكنا كنا نقف محتارين عندما يطلب منا توضيحات
حول كيفية انبثاق العقل من المادة..
وكان الكثير منا
للتهرب من هذه المسألة يذكر أن المستقبل سيأتي بالجواب.. أذكر أنه في عام 1886 كتب
هكسلي يقول: (وهكذا سيوسع علم وظائف الأعضاء في المستقبل شيئا فشيئا من عالم
المادة وقوانينها إلى أن يصبح مساويا في امتداده نطاق المعرفة والشعور والعمل)
اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 305