اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 242
ومثل قارون من أنعم الله عليه بنعمة
العافية بعد البلاء، فينسى المبتلي والمعافي، لا يذكر إلا نفسه، قال تعالى:﴿ فَإِذَا مَسَّ الْأِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ
نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ
وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ (الزمر:49)
وهكذا الإنسان الثامل بخمرة العلم
الحديث، والساجد أمام وثن العقل يتصور أنه يصارع الطبيعة، ويغلبها غلبة الأبطال.
وفي مقابل ذلك نجد القرآن الكريم يصور
النعم المستسخرة بصورة الهدايا المقدمة على أطباق، ومعها ختم المهدي، فالله تعالى
صور ـ مثلا ـ الأرض بصورة المركب الذلول، المحتوية على كل المنافع، فقال
تعالى:﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي
مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ (الملك:15)
فالآية تصف الأرض بكونها ذلولا، وهذا
الوصف يطلق عادة على الدابة، ليصور في الأذهان ويغرس في العقول والقلوب بينما
يصورها الجاحدون في صورة الدابة الرامحة الراكضة التي تحتاج فارسا قويا مثل فرسان
رعاة البقر ليقوم بترويض جماحها على نغمات تصفيق المعجبين.
وقد عقد بعض علمائنا مقارنة بين التعبير
القرآني في وصف الشمس في قوله تعالى:﴿ وَجَعَلَ الشمسَ سراجاً ﴾ (نوح:16)،
وبين التعبير العلمي الحديث الجاف، فقال عن التعبير القرآني:(في تعبير السراج
تصوير العالم بصورة قصر، وتصوير الأشياء الموجودة فيه في صورة لوازم ذلك القصر،
ومزيّناته، ومطعوماته لسكان القصر ومسافريه، واحساسٌ أنه قد أحضَرتها لضيوفه
وخدّامه يدُ كريمٍ رحيم، وما الشمسُ إلاّ مأمور مسخَّر وسراج منوَّر. ففي تعبير
السراج تنبيه الى رحمة الخالق في عظمة ربوبيته، وافهامُ إحسانه في سعة رحمته،
واحساسُ كرمه في عظمة
اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 242