اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 209
تعجب الرجل من
هذا الحديث الذي حدثته به، وكيف تحولت من تلك الحال الغاضبة إلى هذه الحال
الجديدة، ولذلك أسرع يحث الخطى إليه، وما هي إلا ساعات قليلة حتى جاء به، فطلبت
منه أن يذكر لي سر قوله ذلك، فقال: لقد كررت عليك ما حصل لي في يوم من الأيام حين
كنت أؤمن بالصدفة والطبيعة، وأنها ملهمة الكون كل الجمال الذي يحويه..
وقد أرسل الله
لي حينها رجلا رآني منبهرا أمام لوحة طبيعية جميلة، بيعت بأثمان غالية جدا، فقال
لي، وهو يحاورني[1]: أراك مندهشا أمام هذه اللوحة، فانيا في جمالها؟
قلت: أجل.. إنها
أثر عظيم؟
قال: لماذا حكمت
عليها بذلك؟
قلت: لما فيها
من إبداع في التصوير والتعبير والجو والظلال والتناسق والتفاعل.. إنها بكل ما فيها
تثير الإعجاب في نفس كل من يشاهدها.
قال: لك الحق في
ذلك، فهي مثيرة للإعجاب.. فمن أبدعها.. أم ترى الألوان تساقطت عليها، فتشكلت هكذا
صدفة؟
قلت، وقد امتلأت
غضبا: يستحيل على هذا الأثر الفني العظيم أن يكون وليد صدفة عشوائية.. إن الذي
أبدعها فنان ماهر.. يعرف كل لون أين يضعه.. وكل شكل كيف يرسمه.. نعم لا أعرفه..
ولكني مع ذلك موقن تماما أن من رسمها يستحيل ألا يكون فنانا ماهرا.
قال: ما دمت
تعتبر من المحال أن تكون هذه اللوحة خرجت هكذا صدفة، مع كونها لم تفعل سوى أن
حاولت تصوير مشهد طبيعي موجود، نراه جميعا بالأبعاد الثلاثة.. ألم يخطر ببالك أن
تكون تلك المشاهد هي أيضا ليست وليدة صدفة.. أم أنك تعتبر المقلد