اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 18
كذلك العمال
الذين حضروا، فإن رأوا أني أضفت شيئا من عندي، فيمكنهم أن يكذبوني.
قال ذلك، ثم
التفت الى العمال الكثيرين الذين حضروا قاعة المحاكمة، وقال: سيدي القاضي.. إن
هؤلاء العمال الذي تراهم يشهدون أن المدعي علي كان يجمعنا كل أسبوع ليلقي علينا
محاضراته التشكيكية في كل الحقائق، مما جعل الكثير منا يكاد يفقد عقله، وبعضنا خرج
من جميع معتقداته التي ورثها، وكان سعيدا بها من دون أن يجد أي معتقدات صحيحة
نافعة يمكن أن تعوضها.. ولذلك فإنني أدعي على المدعي علي بأن جريمته أكبر من
جريمتي.. فأنا لم أفعل سوى أن قطعت التيار الكهربائي عن الآلات عدة ساعات، مما
أحدث بعض الخسارة في المعمل.. لكن هذا الرجل قطع تيار الحياة عن أرواح أصحابي من
العمال قطعا أبديا.. وهو بذلك قد قام بقتلهم من حيث لا يشعر.
قال القاضي: وضح
ما تقول.. فنحن لا نفهم شيئا.
قال المتهم:
أنتم تعلمون أن الرجل الواقف أمامكم، والذي يطلق عليه الناس اسم [ديفيد هيوم[1]]، ليس رجل أعمال فحسب، وإنما هو فيلسوف أيضا،
مثله مثل زملائه في الفلسفة ديكارت وسبينوزا وبيكون وكانط وجون ستيوارت ميل وبرنارد
راسل.. وغيرهم.
قال القاضي: نعم
نعلم ذلك.. فهل في ذلك مشكلة؟
قال المتهم: لكن
فلسفته ـ سيدي ـ ليست فلسفة عادية، إنها نوع من السموم القاتلة.. إن أفكاره تنخر
العقل والروح، فلا تبقي منهما شيئا.. بل تجعل الإنسان يشك في كل شيء.
قال القاضي: وضح
أكثر.
قال المتهم: إن
المتهم الواقف أمامكم سيدي يتميز عن غيره من الفلاسفة بأنه سلك
[1] ديفيد هيوم (1711، 1776)، فيلسوف واقتصادي
ومؤرخ اسكتلندي ولد وتوفي بأدنبره، أهم كتبه: بحث في الطبيعة الإنسانية، ثلاثة
أجزاء، وفحص عن الفهم الإنساني، وفحص عن مبادئ الأخلاق، والتاريخ الطبيعي للديني،
وغير ذلك راجع تاريخ الفلسفة الحديثة ليوسف كرم 172 ـ 173.
اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 18