اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 19
خطاً فلسفيا
جديداً خطيرا.. فلا هو سقط في المثالية المشغولة بالتأمل العقلي.. ولا هو ناصر
المذهب التجريبي.. لقد كان يذكر لنا كل حين أن مصدر المعرفة للإنسان لا يكون
بالعقل، كما أنه لا يكون بالحواس.. بل هو يرى أن مصدر المعرفة عند الإنسان لا يكون
إلا بالعادة والتكرار..
ولذلك أنكر وجود
ما يسمى بالعقل البشري، وقال: إن العقل ليس سوى ذاكرة نحفظ بها تجاربنا وتجارب
الآخرين.. وبهذا أبطل العلية، وفتح الباب على مصراعيه لهدم المنهج الإستقرائي،
ومنه لهدم المنهج التجريبي.. وبذلك أحدث هذا الرجل من الفضائح الفلسفية ما هو وبال
على البشرية جميعا.. و..
قاطعه القاضي،
وقال: قبل أن تكمل، دعنا نسأل صاحب الدعوى ديفيد هيوم عن مدى صحة ما قلت.. وهل هو
حقا يرفض السببية؟
قال ديفيد: أجل
ـ سيدي القاضي ـ فقد اكتشفت أن السبية ليست سوى نتيجة للبرهان الاستقرائي القائم
من الملاحظة المستمدة من الاطراد في الطبيعة كوسيلة للنظر للمستقبل والتنبؤ به.. فلو
رأينا ظاهرتين تتبع إحداهما الأخرى على الدوام، فالنتيجة أنهما سيستمران في
التتابع إلى الأبد..
التفت القاضي
إلى المتهم، وقال: واصل حديثك..
توجه المتهم إلى
ديفيد هيوم، وقال[1]: اسمعني ـ ديفيد ـ لأقول لك بكل صراحة: لقد حجبك حسك الممتلئ بالزهو والغرور عن كل
شيء.. فرحت تعتبره المجال الوحيد للمعرفة، والمنبع الفريد للإدراك.. ورحت تحصر
المعارف في المادة الجامدة، وما ارتبط بها.. ورحت تعتبر كل ما يتحدث عنه العقلاء
من مصادر للمعرفة غير الحس والمادة أوهاما
[1] النص الوارد هنا مقتبس بتصرف من كتاب [ما
قاله الملاحدة ولم يسجله التاريخ]
اسم الکتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 19