اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 80
ذلك أنه في القسم
الخاص من كتابه [نقد العقل الخالص]، والذي عنونه بـ [الجدل المتعالي] وقف متسائلا
عن سبب نزوع العقل البشري إلى تجاوز عالم الحس والتجربة، مذكرا بأفلاطون الذي وقف كثيرا
عند نزوع العقل إلى التدين والتفكير فيما وراء العالم الحسي.
وبذلك، فإن كانط اعترف بأن هذه المجاوزة
ذات حافز طبيعي يوجد داخل كينونة العقل، وليست مجرد افتعال أو سلوك من الترف
الذهني، كما أنه في كتابه [نقد العقل الخالص] كان يرى أن العقل البشري عاجز عن
إنتاج حقيقة فيما وراء عالم الحس، منتهيا إلى الاستحالة العقلية لتأسيس معرفي
للميتافيزيقا، ولذلك عاد في كتابه [نقد العقل العملي] إلى تأسيس الدين على أساس
أخلاقي، لا أساس معرفي.
اعذروني إن كنت قد أقحمتكم معي في هذه
الأحاديث.. وأنا لا أريد أن أعتذر لكم من خلال ذكرها لكم عن نفسي، ولا أريد أن
أجعلها مبررا لإلحادي، فأنا قد وفر الله لي في الفترة التي
عشتها في عالم الدنيا الكثير من الفرص للمراجعة والتوبة، لكني لم أستفد منها.. فقد
قام الكثير من الأعلام والمشايخ والمثقفين بتتبع أطروحاتي ومناقشتها والرد عليها،
ودعوتي إلى التوبة منها.. لكني كنت أتكبر عليهم جميعا[1]..
وأنظر إليهم باحتقار، لأني كنت أعتبر نفسي الوحيد الذي يعقل، والوحيد الذي يحق له
أن يتحدث باسم العقل والعلم.
[1] من الأعلام الذين قاموا
بالرد عليه، وعلى أطروحاته، ومنهم من خصها بتآليف الشيخ عبد الرحمن الميداني في
كتابه [صراع مع الملاحدة حتى العظم].. ومنهم الشيخ محمد حسن آل ياسين في كتابه
[هوامش على كتاب نقد الفكر الديني].. ومنهم الأستاذ جابر حمزة فراج في كتابه
[الرد اليقيني على كتاب نقد الفكر الديني].. ومنهم الأستاذ محمد عزت نصر الله في
كتابه [تهافت الفكر الاشتراكي].. ومنهم الأستاذ محمد عزة دروزة في كتابه [القرآن
والملحدون].. ومنهم الدكتور عبداللطيف الفرفور في كتابه [تهافت الفكر الجدلي]..
ومنهم حسن بن محمد الأسمري في رسالته [موقف الاتجاه الفلسفي المعاصر من النص
الشرعي]
اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 80