اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 25
قال: هل رأيت الشباب الذين امتلأوا
إلحادا وغفلة؟
قلت: أولئك المجرمين أصحاب القلوب
المظلمة، والعقول المعطلة.. لا تحدثني عنهم.
قال: لقد كنت أحدهم.. لكن الله من
علي بمعلم الإيمان.. فخرجت من التيه إلى الرشاد.. ومن الضلال إلى الإيمان.
قلت: كيف ذلك؟
قال: لقد رحل بي إلى هذا الفندق..
وفيه عاينت الحقيقة التي كان عقلي غافلا عنها..
قلت: إن ما تقوله عجيب.. فكيف يكون
فندق الملاحدة مدرسة للإيمان .. وكيف يكون مركز الضلالة منبعا للهداية .. أتراكم
أخطأتم التسمية.. أم ترى الإلحاد عندكم ليس سوى الإيمان؟
قال: لا هذا ولا ذاك.. هذا فندق
الملاحدة، لأن نزلاءه جميعا ملاحدة..
قلت: لم تزدني إلا عجبا.. فكيف يكون
أساتذة الإلحاد هم أساتذة الإيمان.
قال: عندما تراهم وتسمع كلامهم
ستعرف حقيقة ذلك.
قلت: وهل سمعتهم أنت؟
قال: أجل.. ولولاهم لكنت الآن في
هاوية الإلحاد التي أوقعتني فيها غفلتي.
قلت: لا أزال لا أفهم ما تقصد؟
قال: لقد كان هؤلاء النزلاء هم سبب غوايتي..
وأبى الله إلا أن يجعلهم سبب هدايتي.
قلت: كيف ذلك؟
قال: لقد كنت في فترة إلحادي وغفلتي
معجبا بهم، فانيا فيهم، فكنت أتلقى كل ما يقولونه بتسليم مطلق، لا أناقش لهم رأيا،
ولا أطلب منهم دليلا.. فقد كانت أقوالهم وحدها كافية لإقناعي.. وكانت أسماؤهم
وحدها كافية لتسليمي.
اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 25