اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 26
قلت: ولم كان الأمر كذلك؟
قال: لقد ابتليت بأساتذة وأصدقاء
زينوهم في عيني.. وصوروهم لي كما يصور الأنبياء والقديسون للمؤمنين.. وقد جعلني
ذلك أقع في شباكهم.. ولولا أن من الله علي بمعلم الإيمان الذي عرفني حقيقتهم لكنت
الآن في حفرة من حفرهم، وسجن من سجونهم.
قلت: فكيف وظفوك مرشدا في هذا
الفندق؟
قال: هم لم يوظفوني.. بل أنا الذي
تطوعت لذلك .. حتى أصلح ما كنت أفسدت، وأرقع ما كنت مزقت.. فقد كنت داعية ضلالة..
وأبى الله إلا أن يجعلني داعية هداية.
قلت: وما ذلك على الله بعزيز.. فهلا
دللتني على سر وجودي في هذا الفندق.
قال: لاشك أنك أحضرت قلمك وقراطيسك
معك، كما طلب منك معلم الإيمان.
قلت: أجل.. هل تريدون توثيق عقود
هذا الفندق؟
ابتسم، وقال: بل نريد تسجيل أحاديث
نزلائه.
قلت: كيف ذلك.. وأنى لي بذلك؟
قال: في هذا الفندق أجنحة كثيرة..
يوجد في كل جناح منها مجموعة متجانسة من الملاحدة.. وهم يتحدثون ويناقشون أسرار
الإلحاد وأسبابه ودوافعه.. وأنت مطالب بأن تسجل كل ما يقولونه بدقة من غير أن
تتدخل في شيء.
قلت: وما الحاجة لكل هذا التعب..
لقد ترك الملاحدة تراثا ضخما، يمكن الرجوع إليه، فهو أدق من كل ما سأكتبه.
قال: ذلك ما سجلوه.. أما أنت فستسجل
ما لم يسجلوه.. هناك أشياء كثيرة صاحت بها فطرتهم وعقولهم.. لكنهم لم يجرؤوا على
تسجيلها.. ولا النطق بها.. وفي هذا الفندق من الأسرار ما يجعلهم يذكرون الحقيقة
كما هي من دون طلاء ولا دجل.
قلت: كيف ذلك؟
اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 26