اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 245
أما
ما ذكرته من أن الطبيعة ليست ساكنة، بل هي ملازمة للحركة، وهي في تطور وتغير
دائمين.. فهو مبدأ لا حرج فيه.. بل إنه من مقررات المؤمنين بالله، سواءٌ أكانوا
أتباع دين رباني صحيح أو فلاسفة مثاليين.. وهو من الأدلة التي هدتهم إلى حدوث
الكون، وحاجته إلى محدثٍ خالق بارئ مصور، إذ يقولون: العالم متغير، وكل متغير حادث،
فالعالم حادث، وكل حادث لا بد له من محدث، فالعالم لا بد له من محدث.
أما
ما ذكرته من أن الوعي لمادة عالية التنظيم وهي الدماغ، وأن الحياة وظيفة من وظائف
المادة متى وصل تركيبها إلى وضع خاص، فهو مخالف لما كشفته العلوم الكثيرة.. فآخر
ما توصلت إليه العلوم الإنسانية، والتي أنفقت في سبيلها ألوف الملايين، وعشرات
السنين، قد انتهت إلى قرار علمي جازم هو أنه لا تتولد الحياة إلا من الحياة، وأن
وسائل العلوم الإنسانية لا تملك تحويل المادة التي لا حياة فيها، إلى أدنى وأبسط
خلية حية[1].
وبما
أن الوعي مرتبط بالحياة فهو مظهر من مظاهرها وصفة من صفاتها، فلا سبيل للمادة
الميتة أن يكون الوعي أحد وظائفها، مهما كانت عالية التنظيم[2].
على
أن هذا المبدأ في الأساس ادعاء غير مقترن بأي دليل عقلي أو علمي، وهو من لوازم المبدأ
الباطل الذين يرى أن المادة هي أساس الوجود وجوهره.
أما
ما ذكرته من أن كل الأشياء وحوادثها تحوي تناقضات داخلية، مجتمعة متزاحمة في وحدة،
يعبر عنها بوحدة الأضداد أو وحدة المتناقضات. وهي تتصارع فيما بينها وفق نظام
(جدلية هيجل) فيدفع بها الصراع إلى التطور الصاعد لأنه السبيل الوحيد لحل التناقض
أو التضادّ القائم بينها.. فهي قضية تحوي مغالطات كثيرة.
[1] سنرى الأدلة العلمية المفصلة على
هذا في محلها من هذه السلسلة.
[2] الوعي المراد هنا هو الوعي
الكامل.. أما أصل الوعي فقد ذكرنا في مناسبات كثيرة أنه لا تخلو منه ذرة من ذرات
الكون.. انظر رسالة (أكوان الله)
اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 245