اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 246
منها
أن النقيضين كالوجود والعدم، وكإيجاب الشيء وسلبه، لا يجتمعان في شيء واحد ووقت
واحد، واجتماعهما مستحيل عقلاً.. ولا يرتفعان معاً من شيء واحد في وقت واحد،
وارتفاعهما معاً مستحيل عقلاً.. فلا يكون الشيء الواحد في الوقت الواحد موجوداً
ومعدوماً معاً، ولا موجباً وسالباً معاً من الجهة التي يكون فيها موجباً.. ولا
يكون الشيء الواحد في الوقت الواحد غير موجود وغير معدوم معاً، أو غير موجب وغير
سالب معاً.
ومنها
أن الضدين كالأبيض والأسود، وكالواجب والحرام، وكالجبر على الهداية والجبر على
الضلال، لا يجتمعان معاً في شيء واحد ووقت واحد، واجتماعهما معاً مستحيل عقلاً..
فلا يكون الشيء الواحد بالذات أبيض وأسود معاً من الجهة نفسها في وقت واحد، ولا
يكون حكم العمل الواحد واجباً وحراماً معاً فيوقت واحد لشخص واحد من جهة واحدة،
ولا يكون المخلوق الواحد مجبوراً على الهداية ومجبوراً على الضلالة معاً، في وقت
واحد، ومن جهة واحدة.
لكن
الضدين ـ خلافا للمتناقضين ـ قد يرتفعان معاً في وقت واحد، فيكون الجسم لا أبيض
ولا أسود معاً في وقت واحد، إذ قد يكون أحمر أو أصفر أو غير ذلك من ألوان..
لكن
المادية الجدلية نسفت هذا الأصل العقلي المنطقي نسفاً كلياً، فأقامت الوجود كله
على فكرة اجتماع الأضداد أو المتناقضات واتحادها.
وفي
ادعاء اتحاد الأضداد والمتناقضات استهانة بالغة بالعقل البشري، وإقامة مذهب كامل
على أمر باطل واضح البطلان.. فاللحظة التي يكون فيها الشيء متحركاً، لا يمكن أن
يكون فيها ساكنا، واللحظة التي يكون فيها ساكناً لا يمكن أن يكون فيها متحركاً..
لكن الشيء الواحد قد تتداول عليه الحركة والسكون بلحظات متتابعات مهما صغرت ودقت
هذه اللحظات، وقد ينخدع بذلك بعض أهل الفلسفة، فيظن أن السكون كامن في الحركة،
فيعتبر ذلك من اجتماع النقيضين، وليس الأمر كذلك.
وقد
يمثل مدعو اجتماع الضدين أو النقيضين بتماس السالب والموجب في الكهرباء، الذي
اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 246