اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 243
أي
ذهن سيتساءل لا محاله: ما الطبيعة على وجه التحديد؟.. وأين تكمن قدرتها على الخلق؟..وفى
أى مكان منها؟
وكنت
أعجز عن الإجابة، لأن إجابتي عن ذلك لن تؤدي إلا للإيمان بالله الذي كنت أهرب منه،
كما كان قومي يهربون منه.. ذلك أني أعلم ـ كما يعلم قومي ـ أن الطبيعة ليست سوى
اسم اخترعناه لنفسر به الظواهر مع أنه ليس لها وجود ولا مكان ولا حيز.. فإذا لم
تكن محسوسة، ولم يكن يحدها المكان، ولا الحيز، وكانت (غيبا) لا تدركه الأبصار،
إنما تدرك آثاره فقط ومظاهره، فما الذى يبرر فى منطق العقل أن نعدل عن الاسم
الحقيقى، اسم (الله)، ونلجأ إلى هذه المسميات؟
وإن
كان (الله) فى هذا المنطق لا حقيقة له، فما الذى يبرر ـ فى منطق العقل أو فى منطق العلم ـ أن يقول قائل: إنه ليس حقيقة حين يكون اسمه (الله)، ثم يكون
هو ذاته حقيقية حين يكون اسمه (الطبيعة)؟
لقد
قالت لي فطرتي، وهي تعرض علي مثل هذه الأفكار: إن كان سبب هذا التحريف هو الخوف من
الكنيسة وطغيانها، أو هو البغض لها والحقد عليها.. فليكن ذلك.. وفي هذه الحالة،
فلنهجر الكنيسة، ونفر منها إلى الله الحق، وهو إله لا كنيسة له فى الحقيقة، ولا
رجال دين.
وقالت
لي: ثم ما المادة الأزلية الأبدية الخالقة، وما قصتها؟ وكيف نناقشها مناقشة علمية؟
ألا تعلم ـ حضرة الرفيق ـ أن القول بأن (المادة لا تفنى ولا تستحدث) لم يعد صحيحا
من الوجهة العلمية، وهو القول الذى تصيده أساتذتك تصديا ليبنوا عليه تفسيرا علميا
للكون والحياة والإنسان، ولقضية الألوهية؟
ألا
تعلم ـ حضرة الرفيق ـ أن طلاب الجامعات يدرسون هذه الأيام أن الكون المادى حدث ذات
يوم، ولم يكن موجودا من قبل، وأن عمر هذا الكون المادى يكاد يحدد الآن تحديدا
علميا دقيقا على ضوء المعلومات التى ترسلها الأقمار الصناعية التى تدور حول الشمس
وغيرها من
اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 243