responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 242

سأجيبكم على ذلك.. فأنا الأبله الغبي الذي راح ينافس المجرمين إجرامهم.. رحت أمزج بينها كما يمزج الطباخ بين الخضر والتوابل .. وكأن الكون كان بين يدي مطبخا، وكنت الطباخ الوحيد الذي ينتظر الكون جميعا إعداده لوجبة الوجود، ليأكلها.

لقد رحت بكبريائي وغروري، وبكبرياء بيئتي وغرورها أنشأ فلسفة مترابطة متكاملة تحاول أن تحل العقد، وتفسر كل المعضلات بعيدا عن الدين وعن الله وعن القيم التي توارثتها الإنسانية، وارتضتها الفطرة.

لقد رحت أفسر الوجود بالمادية الجدلية.. وهي الفكرة التي تعزل (الله) عزلا تاما عن تفسير الوجود.. فالمادة هى الشئ الوحيد الأصيل فى هذا الكون، وكل ما فى الكون ومن فيه منبثق منها ومحكوم بقوانينها، ولا وجود له خارج نطاقها.

ولأقنع العقول التي تتساءل عن سر هذا الانبثاق رحت أدعي أنه [وجود التناقض فى طبيعة المادة].. ومن ثم فى كل ما ينبثق عنها من مخلوقات ومن كيانات بما فى ذلك الكيان الإنسانى، فهو كيان مادى من جهة، ومحكوم بصراع المتناقضات من جهة أخرى.

وهكذا أخذت من هيجل جدليته.. ولكني خالفته مخالفة كبرى، فهيجل اعتبر الفكرة هى الأصل، وهى سابقة فى وجودها على المادة ومسيطرة عليها، بينما ذكرت أنا أن المادة هى الأصل، وهى سابقة على الفكرة ومسيطرة عليها.. ولهذا سميت جدلية هيجل (الجدلية المثالية)، بينما سميت جدليتنا (الجدلية المادية) أو (المادية الجدلية)، أو (المادية الديالكتيكية)

أما (الله)، فقد كنا نعتبره مجرد خرافة ابتداعها خيال الإنسان.. لأن الحقيقة الوحيدة هى المادة، والوحدة التى تجمع الكون هى ماديته.

قال ذلك، ثم راح يلطم وجهه ورأسه بكل قوة، ويتطاير الدم أثناء ذلك، ثم قال: لقد كنت أقول هذا وأكتبه، وكان الناس يسمعون لي، لكن فطرتي كانت تسخر مني، وتضحك علي، وتستهزئ بي لأنها تعلم أن الطبيعة والمادة لا يمكنها أن تفسر الوجود بتلك الصورة التي فسرتها بها.. ذلك أن

اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 242
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست