responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 211

لكنه يقف في مواجهة البدائل الكثيرة التي يطرحها الدين، ولا يستطيع أن يعوضها.. وقد كان له ـ ما دام يطرح نفسه كبديل للدين ـ أن يعوضها، وأن يتسع مجاله لما يتسع له المجال الديني.. فالمجال الديني يتسع لأغلب مجالات النشاط الإنساني، وهو يتخطى المساحات العقدية لينطلق إلى مساحات أخرى تتعلق بالفرد والجماعة، تتمثل في العبادات، والأخلاق، والمعاملات، وهذا هو ما نعنيه بالمجال العملي للدين.

لقد وضع [نينيان سمارت] فيلسوف الدين الشهير، نموذجا سباعي الأبعاد لوصف أي مذهب بأنه الدين.. وهي: البعد الطقسي أو العملي، والبعد التجريبي أو العاطفي، والبعد السردي أو الأسطوري، والبعد العقائدي أو الفلسفي، والبعد الأخلاقي أو القانوني، والبعد الاجتماعي أو المؤسسي، والبعد المادي.

وكل هذه الأبعاد ما عدا البعد العقائدي أو الفلسفي والبعد السردي ذات طابع عملي، بطريقة مباشرة.. ولذلك فإنه إذا خلا أي منظور علمي أو عملي من أحد تلك المحددات؛ غدا مجرد مذهب فلسفي، أو تقنية عملية، مع ملاحظة أن خلو المذهب الفلسفي من الأثر السلوكي الواضح يحوله لمجرد كلام بارد، لا فائدة منه، وهكذا إذا خلت التقنية من المعنى والأساس النظري؛ غدت عبثًا مجردًا، لا قيمة له.

نعم .. نحن نرى أن جميع كهنة الإلحاد لم يزعموا.. أو لم يزعم أكثرهم .. أنهم يطرحون دينا جديدا مقابل الدين المعتمد على الإله.. حتى يمكن إلزامهم باستيفاء الجوانب التي يقدمها الدين للإنسان، ولكن الذي لا يمكن إغفاله أن الإلحاد الذي يقدم رؤية كونية للإنسان والعالم ينحي بها الدين جانبا؛ لا يمكن أن يرضى بأن يكون فلسفة باردة، أو تقنية عبثية، ولذا ينبغي عليه، علميًا وأدبيًا وإجرائيًا، أن يقدم بدائل عن تلك التي يطرحها الدين لكافة المجالات، لأن الإلحاد بطبيعته مذهب نفيٍ للدين، فيجب أن يشتغل على كافة مساحات شغل الدين لينفيها ويؤكد صحته، وإلا فإنه لا يستطيع الزعم أن الدين خرافة

اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 211
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست