اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 210
محدود، لكنه مكتنف بخسارات كثيرة يجدها
المؤمنون في إيمانهم بالله، ولا أجدها أنا بسبب إلحادي.
لقد التقيت بعض المؤمنين حينها، وقلت له
ساخرا: (ماذا يكون الحال لو اخطأت حساباتك وانتهيت بعد عمر طويل إلى موت وتراب ليس
بعده شيء؟)
فقال لي بكل برودة: (لن أكون قد خسرت
شيئا .. ولكنكم أنتم سوف تخسرون كثيرا لو أصابت حساباتي وصدقت توقعاتي .. وإنها
لصادقة.. سوف تكون مفاجئة هائلة يا صاحبي)[1]
لكني مع ذلك لم أستطع أن أخضع للإيمان..
لأن ارتباطاتي ومصالحي كلها كانت مع الملاحدة.. لقد كنت مخيرا بين الله ومصالحي..
فانحزت إلى مصالحي وبعت الله بأبخس الأثمان.. وها أنذا أدفع ثمن اختياري.
لقد رحت أجادل وأشاغب وأعبث بأبسط
الضروريات العقلية في سبيل إرضاء نزوتي ونزوة زملائي الإلحادية.. والمشكلة لم تكن
متوقفة على الأدلة العقلية على وجود الله.. بل كانت هناك مشاكل أخرى لا تقل خطرا[2]..
ولهذا رحت أضع رهاني لأتداركها، وأعلم الملاحدة كيف يجيبون المؤمنين.. وشتان ما
بين رهاني ورهان المؤمنين.
لقد رأيت أثناء دراستي للتراث الإلحادي
في القديم والحديث أنه لا يصطدم فقط بالعقبات العقلية التي تحول بين العقول
وتقبله.. فقد كنت أعلم أن كثيرًا من الناس لا يعير موضوع العقل اهتمامًا حقيقيًا،
وإن كان يبدي اهتمامًا ظاهرًا مبالغًا فيه بالعقل ومنزلته ومجالاته، ليغطي عجزه
وقصوره أمام العقل المؤمن المنسجم مع كل حقائق الوجود.