اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 179
المخالف.
كان حريا بي أن أضرب المثل على ذلك
بالكاهن الأكبر للملاحدة [ريتشارد دوكينز] الذي ذكر في أكثر من موضع من كتابه [وهم
الإله] بأن تحقيق الفهم والاستيعاب الأكمل لنظرية داروين، وما يترتَّب عليها من
تصورات تخالف الحدس البشري الطبيعي يتطلب ما يسميه بالرقي بالوعي البشري..
ألا ترى يا صاحبي التلسكوب أنه لا
يختلف كثيرا عن زعم بعض علماء اللاهوت أن فهم الثالوث واستيعابه على حقيقته لا يصل
إليه إلا قديس، يأتيه الرب بنفسه ويجالسه ويخاطبه كل ليلة.
سكت قليلا، ثم راح يربت على التلسكوب،
ويقول: هل تذكر معي تلك القاعدة التي وضعتها في كتابي، والتي سميتها [الاستدلال
بالعدم]، ونصصت عليها بأن (ما لم يَثبت بطلانه
فإنه حق ولا بد، والعكس بالعكس).. وضربت على ذلك مثالا، فقلت: (قد يكون هناك
البلايين من العوالم الأخرى، ولكن ما مِن واحد من تلك العوالم يُعرَف عنه أن فيه ما
في الأرض من تقدم أخلاقي، وبالتالي فنحن لا نزال مركزيِّين في هذا الكون)، ثم ذكرت
أن هذا الحكم يمكن انتقاده في عبارة واحدة، وهي: (إن عدم الدليل ليس دليلاً على
العدم)
لاشك أنك تعرف نوع المغالطة التي
أريد أن أمررها بهذا المثال.. وهي احتقار الأرض، واحتقار الإنسان.. وذلك كله
لاحتقار المعارف التي يحملها عن الكون، بحجة أنه ليس مركزيا فيه.. وبالتالي
التشكيك في المعرفة بالله، وفي كل القيم التي جاءت بها الأديان.
سكت قليلا، ثم راح يقول: من الأمثلة
التي كنت أتلاعب بها بعقول البسطاء والسذج ما ذكرته عند حديثي عن [الاحتجاج
بالعواقب غير المرغوبة].. فقد ضربت لذلك مثالا قلت فيه: (الزعم
بأن إلهًا يضع للخلائق العقوبات والمكافآت يجب أن يوجد؛ لأنه إن لم يكن موجودًا،
فإن المجتمع سينفك من القانون ويفتقر إلى الأمن، وربما يكون غير قابل للحكم
اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 179