اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 178
لا أخفي أنني قلدت في هذا الأسلوب
من المكيدة الأسلوب الذي استعمله تلميذي النجيب [مايكل شيرمر] ذلك العالم النفساني
الملحد الذي جمَع عشرة أسئلة واعتبرها بمنزلة [حقيبة أدوات لكشْفِ الخرافات
والترَّهات]
سكت قليلا، ثم راح يربت على التلسكوب كما
يربت على ظهر إنسان، ثم يقول، وهو يبتسم: هل تذكر معي استثماري للأخطاء التي يقع
فيها رجال الأديان المختلفة، واستعمالي لها في نصرة الإلحاد؟
هل تذكر معي الأمثلة التي ذكرتها عند
حديثي عن قاعدة [الاحتجاج بالجهل المُطلَق]، أو [الجواب
بالأماني]، أو [التفسير بالجهل].. فقد ذكرت من الأمثلة على ذلك أنه إذا سئل أحدهم:
(كيف يمكن لإله رحيم أن يَلعن أجيالاً مستقبلية من الناس لعذاب لا نهائي بسبب
امرأة واحدة أغرَت رجلاً واحدًا ليَأكُل تفاحة؟)، فيجيب عنه بقوله: (أنت لا تفهم
الطبيعة الفريدة لمفهوم الإرادة الحرة!)
فمع أن أصل السؤال مرتبط بدين واحد
من الأديان، إلا أني رحت أطبقه على الأديان جميعا، مع أني كنت أعلم أن هناك أديانا
لا تردد هذا، لأنها لا تؤمن أصلا بتوارث الخطيئة.
ولو أنني كنت صادقا لضربت الأمثلة
على هذا من أصحابي الملاحدة أنفسهم.. أو مزجت على الأقل بين أخطاء المتدينين
وأخطاء الملاحدة.. حتى لا أقع في الانتقائية.
ذلك أن أولى الناس بأن يُخاطَبوا
بهذا الكلام هم أصحابي من الملاحدة.. فلا يكاد يُناظرهم أحد في بطلان كثير من
القضايا الفلسفية التي يُشيدون عليها اعتقادهم في إنكار الصانع وفي أصل الحياة
وأصل الكون إلا رأيتَهم يُسارعون إلى تجهيله، واتهامه بأنه جاهل لا يفهم نظرية
الارتقاء، ولا يفهم الانتخاب الطبيعي؛ إذ يخلط بينه وبين معنى الصدفة المحضة، وأنه
لا يُحسن تصور نظرية الاحتمالات الإحصائية، ولا يحسن تطبيقها، ولا دراية له بضوابط
العلم الطبيعي وقيود ممارسته، إلى آخر ما يثيرونه من دعاوى مشابهة لإسكات
اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 178