responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 165

فقلت: أجل.. وكيف لا أعرفها، وهي بنات أفكاري.. فأنا العبقري الذي أبدعها.. لقد استطعت أن أبين من خلالها نشوء الكون وتطوره.. ونشوء الحياة وتطورها.. وأصل الإنسان ونشأته وتطوره.. ونشوء الديانات والعبادات والطقوس وتطورها.. وذكرت فيها أن النهاية الحتمية لجميع الأشياء هي الفناء والعدم، ولا أمل لكائن بعدها بشيء.. فالحياة من السديم، وإلى السديم تعود.

فقال لي: لقد رأيت من خلال روايتك تلك، ومن خلال كل كتبك أنك ترى ـ انطلاقا من معارفك في البيولوجيا ـ أن الحوادث تحدث طبقا لقانون الطبيعة.. ولهذا لا حاجة لأن نفترض لهذه الحوادث إلها مجهولا.

فقلت له بكل كبرياء: صحيح أنا أقول هذا.. ولست وحدي في ذلك.. فكل الفلاسفة الماديين يرددون هذا.

فقال لي: ذلك غير صحيح.. فكثير من علماء المادة يؤمنون بالله، ولا يرون تناقضا بين العلم والدين.. وقد قال بعضهم يعبر عن علاقة الطبيعة بالكون: (إن الطبيعة حقيقة من حقائق الكون، وليست تفسيرا له)

شعرت حينها بهزة عظيمة، فهذه الجملة تعبر عن الحقيقة بدقة ووضوح، ولو أنني لم أكن حينها أفكر بعقل اللوردات والنبلاء، لقبلت الفكرة بكل سرور، وتخليت عن كبريائي، وغطرستي.. لكنني لم أفعل.. بل رحت أقول له: وما يعني هذا المجنون بقوله هذا؟

فقال: لتفهم هذا سأستعير لك مثالا بسيطا مقربا.. ألا ترى الكتكوت يعيش أيامه الأولى داخل قشرة البيضة القوية، ويخرج منها بعدما تنكسر وكأنه مضغة لحم؟

قلت: ذلك صحيح.. وقد كان الإنسان البدائي الخرافي القديم يؤمن بأن الله أخرجه.. ولكننا اليوم بالمنظار نعلم أنه في اليوم الحادي والعشرين يظهر قرن صغير على منقار الكتكوت يستعمله في تكسير البيضة لينطلق خارجا منها، ثم يزول هذا القرن بعد بضعة أيام

اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 165
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست