اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 163
عمري، وكنت أظن أنني سأموت قريبا..: (أؤمن
بأنني عندما سأموت فأنني سأتعفن، ولن يبقى شيء مني. لست شابًا، ولا أزال أحب
الحياة، ولكن علىَّ أن أزدري الارتجاف برعب من فكرة الزوال. السعادة بذاتها هي
سعادة حقيقية لأنها ستصل لنهايتها. لا يفقد الحب والفكرة قيمتهما بسبب أنهما غير
دائمين، الكثيرون من الرجال مضوا محمولين على السقالة بفخرٍ، وبالتأكيد فإن الفخر
ذاته يجب أن يعلمنا أن نفكر بمكانة الإنسان في العالم)[1]
ولم يكن لي في ذلك أي حجة إلا الظن
والوهم والخيال.. فمن أين لعقلي القدرة على التعرف على حقائق الوجود، وهو لم يتح
له إلا التعرف على أشياء بسيطة جدا لا تكاد تذكر.. لكن لذة الغرور والكبر كانت
تحول بين عقلي وبين التفكير في هذه المسألة الخطيرة.
وهكذا كنت أسخر من الدين ومن جميع
القيم والحقائق والأخلاق.. لقد ذكرت في بعض كتبي أن للإنسان إرادة حرة
تدفعه لأن يقيم لنفسه في الحياة مثلاً عليا، يطمح بها إلى تحقيق حياة خيرة، تسير
على هدى المعرفة والمحبة الإنسانية، ومن شأن حرية الاختيار هذه أن تغني الإنسان عن
البحث عن نظريات أخلاقية لا طائل وراءها.. وذكرت أنه لا جدوى للنظريات الأخلاقية
التجريدية لضرورات الحياة العملية، وبرهنت على ذلك بالأم التي تواجه مرض طفلها الصغير،
وقلت في ذلك: إن تلك الأم لا تحتاج في سعيها وراء شفاء طفلها إلى مشرعين أخلاقيين،
وإنما تحتاج إلى طبيب ماهر قادر على وصف العلاج المناسب.
ولم أكتف في دعوتي للإلحاد بما كان يسجله
قلمي الممتلئ بالمداد المسموم، وإنما رحت أؤسس التنظيمات التي تنشر الإلحاد، وتدعو
إليه.. لقد أسست مع [جورج مور[2]]
و
[2]
كان جورج مور (1852-1933م) لا أدريًّا، فقد قال: (بقدر ما أعتقد أنه لا يوجد دليل
على وجوده، فإني أعتقد كذلك أنه لا يوجد دليل على عدم وجوده. ومن ثمَ فإني لستُ
مُلحدًا بمعنى ما. إنني لا أنكر أن الله موجود، فالمحاجات التي أسوقها هي لمجرد حث
الناس على أنه لا يوجد ثمة أسباب للاعتقاد بوجوده.. إني لا أؤمن أن الله موجود
ولكن في الوقت نفسه لا أؤمن بعدم وجوده. ليس هناك ذرة واحدة من دليل ينم عن أدنى
احتمال لوجود الله أو لعدم وجوده)[ د. رمسيس عوض، ملحدون محدثون ومعاصرون ص 60،
61]
اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 163