اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 162
وغيرهم من عمالقة الشرق.. وغاليلو
وديكارت ونيوتن وباستور وغيرهم من رجالات الغرب.. سببه عامل الخوف من الحوادث
الطبيعية، وهم أهل عقل وفهم، ورجال علم واستدلال؟
وإن لم يكن اعتقاد هؤلاء ناشئا عن الخوف
من الطبيعة، فلم لا يكون اعتقاد الإنسان البدائي ـ على غرار اعتقاد هؤلاء العلماء
ـ مبنيّاً على الاستدلال العقلي المتناسب مع مداركه، وناشئاً من فطرته النقية[1]؟
سكت قليلا، ثم قال: أذكر ذلك اليوم الذي
سئلت فيه عن حياة الإنسان بعد الموت.. ومع أن المسألة خطيرة جدا، وخاض فيها كبار
الفلاسفة والعقلاء.. بل آمن بها أكثرهم.. إلا أنني بغروري وكبريائي رحت أملي فيها
على السائل ما أملته علي الشياطين.. لقد قلت له بكل كبر: (عندما ننظر إلى هذا
السؤال من زاوية العلم، وليس من خلال ضباب العاطفة نجد أنه من الصعب اكتشاف المبرر
العقلي لاستمرار الحياة بعد الموت، فالاعتقاد السائد بأننا نحيا بعد الموت يبدو لي
بدون أي مرتكزٍ أو أساسٍ علمي، ولا أظن أنه يتسنى لمثل هذا الاعتقاد أن ينشأ وأن
ينتشر لولا الصدى الانفعالي الذي يحدثه فينا الخوف من الموت. لا شك أن الاعتقاد
بأننا سنلقى في العالم الآخر أولئك الذين نكن لهم الحب، يعطينا أكبر العزاء عند
موتهم، ولكني لا أجد أي مبرر لافتراض أن الكون يهتم بآمالنا ورغباتنا، فليس لنا أي
حق في أن نطلب من الكون تكييف نفسه وفقاً لعواطفه وآمالنا، ولا أحسب أن من الصواب
والحكمة أن نعتنق آراء لا تستند إلى أدلة بينة وعلمية)[2]
وقلت بعدها .. أظن أن ذلك كان عام 1925م ..
حينها كنت الثالثة والخمسين من
[1]
انظر: الله خالق الكون: دراسةٌ علميّةٌ حديثة للمناهج والنظريّات المختلفةِ حولَ
نشأةِ الكونِ ومسألةِ الخالقِ،
جعفر الهادي، ص31.
[2] انظر الرد على هذا القول وما
يشبهه في رواية ( أسرار الحياة) من هذه السلسلة.
اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 162