responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 161

بالجنون وخفة العقل.. وأصور أن الإيمان لا يمكن أن يكون وليد العقل، وإنما هو وليد للعواطف المجردة من البصيرة.. وأن الأطفال يرضعون هذا الإيمان من أمهاتهم، ويشبون عليه دون أن يعرفوا دليلا يثبته.. وأما الكبار، فإنهم لا يؤمنون إلا بسبب خوفهم من المجهول، وسعيهم للبحث عن قوة تحميهم من المخاطر التي قد يتعرضون لها.

وكنت أصور ذلك في مقالاتي ورواياتي بأساليب مختلفة.. لقد قلت في ذلك: (الإنسان استمد فكرة الإيمان بالله من نظم الطغيان والجبروت السائدة في الشرق، فعلاقة الإنسان بالله أشبه ما تكون بعلاقة العبد الذليل بالحاكم المستبد، وهي ذلة تأباها كل نفس تشعر بالمعزة والكرامة)[1]

وقلت: (إن الدين لا يقوم إلا على عوامل الترهيب والتلويح بالعقاب، وبالتالي فإن الدين يشكل ضرباً من ضروب الشر التي تملأ هذا العالم.. وهذا هو السبب في أننا نجد أن أولئك الذين لم يبلغوا بعدُ درجة كافية من النضج الأخلاقي والعقلي هم وحدهم الذين ما زالوا يتمسكون بالمعايير الدينية التي تناهض بطبيعتها جميع المعايير الإنسانية الخيرة التي يجب أن تسود عالمنا الحديث)

وهكذا رحت أضرب كل المعاني الدينية، بحقائقها وقيمها.. وكنت أكذب في كل ذلك، فهل كان الخوف من القوى الطبيعية هو الذي دفع كبار العباقرة وأساطين العلم والفكر الذين برعوا في إلجام الطبيعة، وتسخير بعض قواها، ودرؤوا الكثير من أخطارها إلى الإيمان بالله.

هل يمكن أن يكون اعتقاد سقراط وأفلاطون وأرسطو، وغيرهم من كبار الفلاسفة الإغريق.. والفارابي وابن سينا والرازي وابن الهيثم ونصير الدين الطوسي وجابر بن حيان


[1] ملحدون محدثون معاصرون، د. رمسيس عوض، ص 56.

اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 161
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست