responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 156

قياس الغائب على الشاهد.

وضع بعض الدهن على جرحه، ثم صاح صيحة شديدة من الألم، ثم قال[1]: لقد كنت أقول للمؤمنين: أنتم تزعمون أنه إذا كان للبيت مهندس، فلا بد أن يكون للكون خالق.. وهذا قياس فاسد.. فنحن لم نشاهد عالَما آخر لنقارنه بعالمنا كي نستنتج أن هذا العالم مخلوق بالضرورة.

كنت أقول هذا، وأنا مدرك تمام الإدراك أن البيت والكون من جنس واحد، فكلاهما كيان مادي حادث في الزمان والمكان، وكلاهما يحتاج إلى طاقة، والاختلاف بينهما يقتصر على الصفات فقط، وليس الجنس.

لم يكن موقفي هذا مخالفا للمؤمنين البسطاء فقط، بل كان مخالفا لكل ما ذهب إليه العقلاء، بما فيهم فلاسفة قومي الذين لا يشك أحد في سلامهم عقولهم وتفكيرهم..

ومنهم الفيلسوف الفرنسي الكبير [رينيه ديكارت] الذي أوضح أن ما يسميه المؤمنون [برهان التصميم] من القوة بحيث لا يحتاج إلى دليل خارجي، فهو دليل يعتمد على الحدس الفلسفي .. أي بالإدراك العقلي المباشر، وليس بالاستنتاج والقياس.. ولذلك ذكر أن أولى الحقائق التي يدركها العقل هي وجود الذات (أنا أفكر إذن أنا موجود)، ثم يدرك مباشرة أن هناك خالقا موجودا بالضرورة، وهو الذي أوجده، وهذا الإدراك ليس قياسا بل حدسا.

وما ذكره ديكارت من الوضوح والقوة بحيث لا يحتاج إلى أي دليل، فإذا هبط أحدنا مثلا على سطح كوكب بعيد ووجد عليه جهازا معقدا وهو لا يعرف شيئا عن حقيقته وآلية عمله، فسيدرك فورا وبدون قياس ولا مقدمات أن هناك مصمما ما قام بتصميم هذا الجهاز.

سكت قليلا، ثم قال: لقد حاول الملحدون من أصحابي، وبكل الوسائل استغلال ما


[1] انظر: الإلحاد ووجود الله، أحمد محمد حسن وأحمد دعدوش.

اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 156
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست