responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 139

قال آخر: صدقتم.. فإنه لما كان ذلك الجود في العطاء غير المحدود، وذلك الحسن في الجمال الذي لا مثيل له، وذلك الكمال الذي لا نقص فيه.. يقتضي خلود الشاكرين، وبقاء المشتاقين المستحسنين، ونحن نشاهد رحلة كل شخص واختفاءه بسرعة في دار ضيافة الدنيا هذه، دون أن يستمتع باحسان ذلك السخاء إلا نزراً يسيراً بما يفتح شهيته فقط، ودون أن يرى من نور ذلك الجمال والكمال اِلاّ لمحة خاطفة.. إذن الرحلة منطلقة نحو متنزهات خالدة ومَشاهدَ أبدية.

قال آخر: مثلما أن هذا العالم يدل بموجوداته دلالة قاطعة يقيناً على صانعه الكريم ذي الجلال، فصفاته المقدسة سبحانه وأسماؤه الحسنى تدل كذلك على الدار الآخرة بلا ريب وتظهرها، بل تقتضيها.

سكت قليلا، ثم قال: هذا بعض ما قالوا.. وقد بقيت بعد سماعي لذلك أياما أتحسر على نفسي التي خرجت من سيطرتي.. لكنها ما إن مضت حتى رحت أحضر نفسي لصفعة جديدة أصفع بها الإيمان والمؤمنين.

لقد رحت أقول في تلك الصفعة: (من المرجح أنه قبل حوالي 180 ألف سنة مضت، حدثت كارثة كبيرة للاحتباس الحراري على الأرض، والتقديرات تشير إلى أن عدد البشر في إفريقيا انخفض إلى ما بين ثلاثين وأربعين ألفا، أي أنهم كانوا في غاية القرب حينئذ من الانضمام إلى جميع الكائنات التي سبق لها الانقراض على الأرض.. فثمة نوع من الغرور عند من يفترض أن كل هذا التقلب الفاحش في أحداث العالم وأحواله، كان جميعه من أجلنا نحن البشر! هذا الإهدار الفائق الذي يظهر فيه، هذه القسوة البالغة التي تغلب عليها، هذه العشوائية وهذا التخبط الفاحش الذي يتسم به، كل هذا لا يهم، ما دمنا نعيش فيه! الكون كله قد صمم لك وحدك!)

لقد قلت هذا، وأنا أحاسب الله العظيم.. المدبر الحكيم على أفعاله في خلقه، دون

اسم الکتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 139
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست