مدرسة الفقاهة
مکتبة مدرسة الفقاهة
قسم التصویري
قسم الکتب لأهل السنة
قسم التصویري (لأهل السنة)
ويکي الفقه
ويکي السؤال
فارسی
دلیل المکتبة
بحث متقدم
مجموع المکاتب
الصفحة الرئیسیة
علوم القرآن
الفقه
علوم الحديث
الآدب
العقيدة
التاریخ و السیرة
الرقاق والآداب والأذكار
الدعوة وأحوال المسلمين
الجوامع والمجلات ونحوها
الأشخاص
علوم أخرى
فهارس الكتب والأدلة
مرقم آلیا
جميع المجموعات
المؤلفین
اللغة
الآدب
جميع المجموعات
المؤلفین
كتب اللغة
الغريب والمعاجم ولغة الفقه
جميع المجموعات
المؤلفین
مدرسة الفقاهة
مکتبة مدرسة الفقاهة
قسم التصویري
قسم الکتب لأهل السنة
قسم التصویري (لأهل السنة)
ويکي الفقه
ويکي السؤال
صيغة PDF
شهادة
الفهرست
««الصفحة الأولى
«الصفحة السابقة
الجزء :
1
««اول
«قبلی
الجزء :
1
اسم الکتاب :
درة الغواص في أوهام الخواص
المؤلف :
الحريري
الجزء :
1
صفحة :
293
درة الغواص في أوهام الخواص
1
[1] فمن أوهامهم الفاضحة، وأغلاطهم الواضحة أنهم يقولون: قدم سائر الحاج، واستوفى سائر الخراج، فيستعملون سائرا بمعنى الجميع، وهو في كلام العرب
9
[2] ويقولون للمتتابع: متواتر فيوهمون فيه لأن العرب تقول: جاءت الخيل متتابعة، إذا جاء بعضها في إثر بعض بلا فصل، وجاءت متواترة، إذا تلاحقت وبينها فصل، ومنه قولهم: فعلته متواترا، أي حالا بعد حال، وشيئا بعد شيء.
12
[3] ويقولون أزف وقت الصلاة اشارة إلى تضايقه ومشارفة تصرمه.
14
[4] ويقولون: زيد أفضل اخوته فيخطئون فيه، لأن أفعل الذي للتفضيل لا يضاف إلا إلى ما هو داخل فيه، ومنزل منزلة الجزء منه، وزيد غير داخل في جملة اخوته، ألا ترى أنه لو قال لك قائل: من اخوة زيد لعددتهم دونه، فلما خرج عن أن يكون داخلا فيهم امتنع أن يقال: زيد أفضل اخوته كما لا يقال: زيد أفضل النساء لتميزه من جنسهن وخروجه عن أن يعد في جملتهن.
15
[5] ويقولون لمن يأخذ الشيء بقوة وغلظة: قد تغشرم، وهو متغشرم.
15
[6] ويقولون: بعد اللتيا والتي فيضمون اللام الثانية من اللتيا وهو لحن فاحش، وغلط شائن إذ الصواب فيها اللتيا بفتح اللام لأن العرب خصت الذي والتي عند تصغيرهما وتصغير أسماء الإشارة بإقرار فتحة أوائلها على صيغتها، وبأن زادت ألفا في آخرها، عوضا عن ضم أولها، فقالوا في تصغير الذي والتي: اللذيا واللتيا، وفي تصغير ذاك وذلك: ذياك وذيالك، وعليه أنشد ثعلب:
16
[7] ويقولون: فلان يستأهل الإكرام وهو مستأهل للأنعام، ولم تسمع هاتان اللفظتان في كلام العرب، ولا صوبهما أحد من أعلام الأدب، ووجه الكلام أن يقال: فلان يستحق التكرمة، وهو أهل للمكرمة، فأما قول الشاعر:
17
[8] ويقولون إذا أصبحوا: سهرنا البارحة وسرينا البارحة، والاختيار في كلام العرب على ما حكاه ثعلب أن يقال: مذ لدن الصبح، إلى أن تزول الشمس: سرينا الليلة، وفيما بعد الزوال إلى آخر النهار: سهرنا البارحة، ويتفرع على هذا أنهم يقولون مذ إنتصاف الليل إلى وقت الزوال: صبحت بخير، وكيف أصبحت ويقولون إذا زالت الشمس إلى أن ينتصف الليل: مسيت بخير، وكيف أمسيت وجاء في الأخبار المأثورة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا انفتل من صلاة الصبح، قال لأصحابه: هل فيكم من رأى رؤيا في ليلته وقد ضرب المثل في المتشابهين فقيل: ما أشبه الليلة بالبارحة، كما قال طرفة:
18
[9] ومن أوهامهم أيضا في هذا الفن قولهم: لا أكلمه قط وهو من أفحش الخطأ لتعارض معانيه وتناقض الكلام فيه وذاك أن العرب تستعمل لفظة قط فيما مضى
19
[10] ويقولون للمريض: مسح الله ما بك، بالسين، والصواب فيه مصح كما قال الراجز:
21
[11] ويقولون: قرأت الحواميم والطواسين ووجه الكلام فيهما أن يقال: قرأت آل حم وآل طس، كما قال ابن مسعود رحمه الله: آل حم ديباج القرآن.
22
[12] ويقولون: أدخل باللص السجن فيغلطون فيه، والصواب أن يقال: أدخل اللص السجن، أو دخل به السجن، لأن الفعل يعدي تارة بهمزة النقل كقولك: خرج وأخرجته، وتارة بالباء، كقولك: خرج وخرجت به فأما الجمع بينهما فممتنع في الكلام، كما لا يجمع بين حرفي الإستفهام.
23
[13] ويقولون لما يتخذ لتقديم الطعام عليه: مائدة، والصحيح أن يقال له
24
[14] ويقولون لمن يحمل الدواة: دواتي بإثبات التاء، وهو من اللحن القبيح والخطأ الصريح، ووجه القول أن يقال فيه: دووي، لأن تاء التأنيث تحذف في النسب، كما يقال في النسب إلى فاطمة: فاطمي.
28
[15] ويقولون: بعثت إليه بغلام، وأرسلت إليه هدية، فيخطئون فيهما، لأن العرب تقول فيما يتصرف بنفسه: بعثته وأرسلته، كما قال تعالى: {ثم أرسلنا رسلنا} ويقولون فيما يحمل: بعثت به وأرسلت به، كما قال سبحانه إخبارا عن بلقيس: {وأني مرسلة إليهم بهدية} .
28
[16] ويقولون: المشورة مباركة، فيبنونها على مفعلة والصواب أن يقال فيها مشورة على وزن مثوبة ومعونة، كما قال بشار:
29
[17] ويقولون في التحذير: إياك الأسد، إياك الحسد ووجه الكلام إدخال الواو على الأسد والحسد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إياك ومصاحبة الكذاب، فإنه يقرب عليك البعيد، ويبعد عنك القريب، وكما قال الشاعر:
29
[18] ويقولون ذهبت إلى عنده، فيخطئون فيه، لان عند لا يدخل عليه من أدوات الجر إلا من وحدها، ولا يقع في تصاريف الكلام مجرورا إلا بها، كما قال سبحانه: {قل كل من عند الله} وإنما خصت من بذلك لأنها أم حروف الجر،
31
[19] ويقولون لمن تغير وجهه من الغضب: قد تمغر وجهه بالغين المعجمة، والصواب فيه تمعر بالعين المغفلة.
33
[20] ويقولون من هذا النوع أيضا: قد اصفر وجهه من المرض، واحمر خده من الخجل.
33
[21] ويقولون: اجتمع فلان مع فلان، فيوهمون فيه، والصواب أن يقال: اجتمع فلان وفلان لأن لفظة اجتمع على وزن افتعل، وهذا النوع من وجوه افتعل مثل اختصم واقتتل، وما كان أيضا على وزن تفاعل مثل تخاصم وتجادل يقتضي وقوع
33
[22] ويقولون: لقيتهما اثنيهما مقايسة على قولهم: لقيتهم ثلاثتهم، فيوهمون في الكلام والمقايسة وهمين، ويختل عليهم الفرق بين الكلامين، وذلك أن العرب تقول في الاثنين: لقيتهما من غير أن تفسر الضمير، فإن أرادت أن تخبر عن أفرادهما باللقاء قالت: لقيتهما وحدهما.
35
[23] ويقولون: لعله ندم ولعله قدم، فيلفظون بما يشتمل على المناقضة وينبيء عن المعارضة، ووجه الكلام أن يقال: لعله يفعل أو لعله لا يفعل لأن معنى لعل التوقع لمرجو أو لمخوف، والتوقع إنما يكون لما يتجدد ويتولد لا لما انقضى وتصرم.
36
[24] ويقولون في التعجب من الألوان والعاهات: ما ابيض هذا الثوب وما اعور هذا الفرس كما يقولون في الترجيح بين اللونين والعورين: زيد أبيض من عمرو، وهذا أعور من ذاك، وكل ذلك لحن مجمع عليه، وغلط مقطوع به، لأن العرب لم تبن فعل التعجب إلا من الفعل الثلاثي الذي خصته بذلك لخفته، والغالب على أفعال الألوان والعيوب التي يدركها العيان أن تتجاوز الثلاثي، نحو أبيض وأسود وأعور وأحول ولهذا لم يجز أن يبنى منها فعل التعجب، فمن أراد أن يتعجب من شيء منها بنى فعل
36
[25] ويقولون: امتلأت بطنه، فيؤنثون البطن، وهو مذكر في كلام العرب، بدليل قول الشاعر:
38
[26] ويقولون: فعلته لإحازة الأجر، والصواب أن يقال: لحيازة الأجر، بدليل أن الفعل المشتق منه حاز، ولو كانت الهمزة أصلا في المصدر لالتحقت بالفعل المشتق منه، كما تلتحق بأراد المشتق من الإرادة، بأصاب المتفرع من الإصابة.
39
[27] ويقولون للخبيث الدخلة: ذاعر، بالذال المعجمة، فيحرفون المعنى فيه، لأن الذاعر هو المفزع لاشتقاقه من الذعر، فأما الخبيث الدخلة فهو الداعر، بالدال المهملة لاشتقاقه من الدعارة وهي الخبث، ومنه قول زميل بن أبير لخارجة بن ضرار:
40
[28] ويقولون: شوشت الأمر وهو مشوش.
43
[29] ويقولون في ضمن أدعيتهم لمن يخاطب أو يكاتب: بلغك الله المأثور، ويعنون به ما يؤثره المدعو له، فيوهمون فيه إذ ليس هو في معنى المؤثر ولا اشتقاق لفظة منه لأن المأثور هو ما يأثره اللسان لا ما يؤثره الإنسان، لاشتقاق لفظه من أثرت الحديث، أي رويته، لا من آثرت الشيء، أي اخترته، وعلى معنى الرواية فسر
43
[30] ومن أوهامهم أيضا في تغيير صيغة المفاعيل وهو من مفاضح اللحن الشنيع قولهم: قلب متعوب، وعمل مفسود، ورجل مبغوض، ووجه القول أن يقال: قلب متعب، وعمل مفسد، ورجل مبغض، لأن أصول أفعالها رباعية، ومفعول الرباعي يبنى على مفعل فكما يقال: أكرم فهو مكرم وأضرم فهو مضرم، كذلك يقال: أتعب فهو متعب، وأفسد فهو مفسد، وأبغض فهو مبغض، وأخرج فهو مخرج.
44
[31] ويقولون: انضاف الشيء إليه وانفسد الأمر عليه، وكلا اللفظين معرة لكاتبه والمتلفظ به إذ لا مساغ له في كلام العرب ولا في مقاييس التصريف.
45
[32] ويقولون للمأمور بالبر والشم: بر والدك بكسر الباء، وشم يدك بضم الشين.
46
[33] ويقولون: فلان أشر من فلان، والصواب أن يقال: هو شر من فلان بغير ألف، كما قال الله تعالى: {إن شر الدواب عند الله الصم البكم} ، وعليه قول الراجز:
47
[34] ويقولون: هبت الارياح، مقايسة على قولهم: رياح وهو خطأ بين ووهم مستهجن، والصواب أن يقال: هبت الأرواح، كما قال ذو الرمة:
48
[35] ويقولون: باقلاء مدود، وطعام مسوس، وخبر مكرج، ومتاع مقارب، ورجل موسوس.
49
[36] ويقولون: فعل الغير ذلك، فيدخلون على غير آلة التعريف، والمحققون من النحويين يمنعون من إدخال الألف واللام عليه، لأن المقصود في إدخال آلة التعريف على الاسم النكرة أن تخصصه بشخص بعينه، فإذا قيل: الغير، اشتملت هذه اللفظة على ما لا يحصى كثرة، ولم يتعرف بآلة التعريف، كما أنه لا يتعرف بالإضافة، فلم يكن لإدخال الألف واللام عليه فائدة، ولهذا السبب لم تدخل الألف واللام على المشاهير من المعارف مثل دجلة وعرفة وذكاء ومحوة لوضوح اشتهارها والاكتفاء عن تعريفها بعرفان ذواتها.
51
[37] ويقولون: هذه كبرى وتلك صغرى، فيستعملونهما نكرتين، وهما من قبيل ما لم تنكره العرب بحال، ولا نطقت به إلا معرفا حيثما وقعا في الكلام، والصواب أن يقال فيهما: هذه الكبرى وتلك الصغرى، أو هذه كبرى اللآليء وتلك صغرى الجواري كما ورد في الأثر: إذا اجتمعت الحرمتان طرحت الصغرى للكبرى أي إذا اجتمع أمران في أحدهما مصلحة تخص وفي الآخر مصلحة تعم، قدم الذي تعم مصلحته على الذي تخص منفعته.
53
[38] ويقولون لمن أخذ يمينا في سعيه: قد تيامن ولمن أخذ شمالا: قد
55
[39] ويقولون: هو مشؤم، والصواب أن يقال: مشؤوم بالهمز، وقد شئم إذا صار مشؤوما، وشأم أصحابه إذا مسهم شؤم من قبله، كما يقال في نقيضه يمن، إذا صار ميمونا، ويمن أصحابه إذا أصابهم يمنه.
56
[40] ويقولون: اتخذت سردابا بعشر درج، فيفتحون السين من سرداب، وهي مكسورة في كلام العرب، كما يقال: شمراخ وسربال وقنطار وشملال، وما أشبه ذلك مما جاء على فعلال بكسر الفاء.
58
[41] ويقولون في الاستخبار: كم عبيدا لك مقايسة على ما يقال في الخبر: كم عبيد لك فيوهمون فيه، إذ الصواب أن يوحد المستخبر عنه بكم، فيقال: كم عبدا لك، لأن كم لما وضعت للعدد المبهم أعطيت حكم نوعي العدد، فجر الاسم الواقع بعدها في الخبر تشبيها بالعدد المجرور في الإضافة، ونصب في الاستفهام تشبيها بالعدد المصنوب على التمييز، فلهذه العلة جاز أن يقع بعد كم الخبرية الواحد والجمع، كما يقال: ثلاثة عبيد وألف عبد، ولزم في الاستفهامية أن يقع بعدها الواحد كما يقع بعد أحد عشر إلى تسعة وتسعين، وامتنع أن يقع بعدها الجمع لأن العدد بعدها منصوب على التمييز والمميز بعد المقادير لا يكون جمعا.
59
[43] ويقولون: قد حدث أمر، فيضمون الدال من حدث مقايسة على ضمها في قولهم: أخذه ما حدث وما قدم، فيحرفون بنية الكلمة المقولة ويخطئون في المقايسة المعقولة، لأن أصل بنية هذه الكلمة حدث على وزن فعل، فتح العين، كما أنشدني بعض أدباء خراسان لأبي الفتح البستي:
61
[44] ويقولون: هم عشرون نفرا وثلاثون نفرا، فيوهمون فيه لأن النفر إنما
62
[45] ويقولون في جمع حاجة: حوائج، فيوهمون فيه كما وهم بعض
64
[46] ويقولون لما يكثر ثمنه: مثمن، فيوهمون فيه لأن المثمن على قياس كلام العرب هو الذي صار له ثمن ولو قل كما يقال غصن مورق، إذا بدا فيه الورق، وشجر مثمر إذا أخرج الثمرة، والمراد به غير هذا المعنى ووجه الكلام أن يقال فيه: ثمين، كما يقال: رجل لحيم، إذا كثر لحمه، وكبش شحيم، إذا كثر شحمه.
65
[47] ويقولون: هو قرابتي، والصواب: أن يقال: ذو قرابتي كما قال
66
[48] ويقولون في جمع رحى وقفا: أرحية وأقفية، والصواب فيهما أرحاء وأقفاء كما روى الأصمعي أن أعرابيا ذم قوما، فقال: أولئك قوم سلخت أقفاؤهم بالهجو، ودبغت جلودهم باللؤم، وأنشد ابن حبيب:
68
[49] ويقولون في جمع أوقية: أواق على وزن أفعال، فيغلطون فيه لأن ذلك
69
[50] ويقولون لما يصان: هو مصان، والصواب فيه مصون، كما قال الشاعر:
70
[51] ويقولون: المال بين زيد وبين عمرو، بتكرير لفظة بين فيوهمون فيه.
72
[52] ويقولون للمتوسط الصفة: هو بين البينين، والصواب أن يقال: هو بين بين، كما قال عبيد بن الأبرص:
74
[53] ويقولون: بينا زيد قام إذ جاء عمرو، فيتلقون بينا بإذ، والمسموع عن العرب: بينا زيد قام جاء عمرو، بلا إذ لأن المعنى فيه: بين أثناء الزمان جاء عمرو، وعليه قول أبي ذؤيب:
76
[54] ويقولون: ثفل في عينه بثاء معجمة بثلاث، فيصحفون فيه لأن المنقول عن العرب تفل باعجام اثنتين من فوق.
78
[55] ويقولون: أزمعت على المسير ووجه الكلام: أزمعت المسير كما قال عنترة:
79
[56] ويقولون: أحدرت السفينة وقد آن إحدارها، ووجه الكلام أن يقال:
80
[57] ويقولون في جمع فم أفمام وهو من أوضح الأوهام، والصواب أن يقال: أفواه، كما قال سبحانه: {يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم} ، وذلك أن الأصل في فم فوه على وزن سوط، فحذفت الهاء تخفيفا لشبهها بحروف اللين فبقي الاسم على حرفين: الثاني منهما حرف لين، فلم يروا إيقاع الاعراب عليه لئلا تثقل اللفظة ولم يروا حذفه لئلا يجحفوا به، فأبدلوا من الواو ميما، فقالوا: فم لأن مخرجهما من الشفة.
81
[58] ويقولون في تصغير عقرب عقيربة، فيوهمون فيه وهم من لم يستقر كلام العرب، ولا عشا إلى جذوة الأدب لأن العرب تصغرها على عقيرب، كما تصغر زينب على زيينب، وذلك أن الهاء إنما ألحقت في تصغير الثلاثي، نحو قدر وقديرة وشمس وشميسة، فأما الرباعي فإنه لما ثقل بكثرة حروفه نزل الحرف الأخير منه منزلة هاء التأنيث، والدليل عليه منع سعاد من الصرف كما منع ما فيه الهاء، فلما حل الحرف الأخير من الرباعي المؤنث محل الهاء من الثلاثي لم يجز أن تدخل عليه الهاء، كما لا تدخل على هاء التأنيث هاء أخرى.
83
[59] ويقولون رجل دنيائي، بهمزة قبل ياء النسب، فيلحنون فيه، لأن المسموع عن العرب في النسب إلى دنيا دنيي ودنيوي، وفيهم من شبه ألفها بألف بيضاء لكونهما علامتي التأنيث، فقالوا فيها: دنياوي، كما قيل في بيضاء: بيضاوي، فأما إلحاق الهمزة بها فلا وجه له، لأنه اسم مقصور غير مصروف والهمزة إنما تلحق بالممدود
84
[60] ويقولون: ما آليت جهدا في حاجتك، فيخطئون فيه، لأن معنى ما آليت، ما حلفت، وتصحيح الكلام فيه أن يقال: ما ألوت، أي ما قصرت لأن العرب تقول: ألا الرجل يألو، إذا قصر وفتر.
85
[61] ويقولون: الضبعة العرجاء، وهو غلط، ووجه الكلام أن يقال: الضبع العرجاء لأن الضبع اسم يختص بأنثى الضباع، والذكر منها ضبعان، ومن أصول العربية أن كل اسم يختص بجنس المؤنث مثل حجر واتان وضبع وعناق، لا تدخل عليه هاء التأنيث بحال، وعلى هذا جميع ما يستقرى من كلام العرب، وحكى ثعلب قال: أنشدني ابن الأعرابي في أماليه:
88
[62] ويقولون لأول يوم من الشهر مستهل الشهر، فيغلطون فيه على ما ذكره أبو علي الفارسي في تذكرته، واحتج فيه على ذلك بأن الهلال إنما يرى بالليل، فلا يصلح إلا ما يكتب فيها، ومنع أن يؤرخ ما يكتب فيها بليلة خلت، لأن الليلة ما انقضت بعد، كما منع أن يؤرخ ما يكتب في صبيحتها بمستهل الشهر، لأن الاستهلال قد انقضى.
89
[63] ويقولون: خرمش الكتاب، بالميم، أي أفسده، والصواب أن يقال: خربش بالباء، وجاء في بعض الحديث: وكان كتاب فلان مخربشا.
90
[64] ويقولون: ما رأيته من أمس والصواب أن يقال: منذ أمس، لأن من تختص بالمكان ومذ ومنذ يختصان بالزمان، وأما قوله عز وجل: {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة} فإن من هاهنا بمعنى في الدالة على الظرفية، بدليل أن النداء للصلاة المشار إليها يوقع في وسط يوم الجمعة، ولو كانت من ها هنا هي التي تختص بابتداء الغاية لكان مقتضى الكلام أن يوقع النداء في أول يوم الجمعة.
91
[65] ويقولون: تتابعت النوائب على فلان، ووجه الكلام أن يقال: تتايعت، بالياء المعجمة باثنتين من تحت لأن التتابع يكون في الصلاح والخير، والتتايع يختص
91
[66] ويقولون في ضمن أقسامهم: وحق الملح، إشارة إلى ما يؤتدم به فيحرفون المكنى عنه لأن الإشارة إلى الملح فيما تقسم به العرب، هو إلى الرضاع لا غير، والدليل عليه قول وفد هوازن للنبي صلى الله عليه وسلم: لو كنا ملحنا للحارث أو للنعمان لحفظ ذلك فينا، أي لو أرضعنا له.
95
[67] ويقولون: هو ذا يفعل وهو ذا يصنع وهو خطأ فاحش ولحن شنيع، والصواب فيه أن يقال فيه: ها هو ذا يفعل وكأن أصل القول: هو هذا يفعل، فتفرع حرف التنبيه الذي هو ها من اسم الإشارة الذي هو ذا، وصدر في الكلام وأقحم بينهما الضمير ويسمى هذا التقريب، إلا أنه إذا قيل: ها هو ذا، كتب حرف التنبيه
96
[68] ويقولون: رجل متعوس، ووجه الكلام أن يقال: تاعس، وقد تعس، كما يقال: عاثر، وقد عثر.
97
[69] ويقولون ما شعرت بالخبر، بضم العين، فيحيلون المعنى فيه، لأن معنى ما شعرت بضم العين، ما صرت شاعرا، فأما الفعل الذي بمعنى علمت، فهو شعرت بفتح العين.
99
[70] ويقولون في المنسوب إلى الفاكهة والباقلاء والسمسم: فاكهاني وباقلاني وسمسماني فيخطئون فيه لأن العرب لم يلحقوا الألف والنون في النسب إلا بأسماء محصورة زيدتا فيها للمبالغة كقولهم للعظيم الرقبة: رقباني وللكثيف اللحية لحياني وللوافر
99
[71] ويقولون للذهب.
100
[72] ويقولون: سارر فلان فلانا وقاصصه وحاججه وشاققه فيبرزون التضعيف كما يظهرونه في مصادر هذه الأفعال أيضا، فيقولون المساررة والمقاصصة والمحاججة والمشاققة.
101
[73] ومن أوهامهم في التضعيف قولهم للاثنتين: ارددا، وهو من مفاحش اللحن، ووجه الكلام أن يقال لهما: ردا كما يقال للجميع: ردوا، والعلة فيه أن الألف التي هي ضمير المثنى، والواو التي هي ضمير الجمع تقتضيان لسكونهما تحريك آخر ما قبلهما، ومتى تحرك آخر الفعل حركة صحيحة وجب الإدغام، وهذه العلة مرتفعة في قولك
103
[74] ويقولون: نقل فلان رحله، إشارة إلى أثاثه وآلاته وهو وهم ينافي الصواب، ويباين المقصود به في لغة الأعراب، إذ ليس في أجناس الآلات ما يسمونه رحلا إلا سرج البعير الذي عناه الشاعر بقوله:
104
[75] ويقولون لمن يكثر السؤال من الرجال: سائل ومن النساء سائلة، والصواب أن يقال لهما سأل وسألة، كما أنشد بعضهم في الخمر:
105
[76] ويقولون: يوشك أن يفعل كذا بفتح الشين، والصواب فيه كسرها، لأن الماضي منه أوشك، فكان مضارعه يوشك، كما يقال: أودع يودع وأورد يورد، ومعنى يوشك يسرع، لاشتقاقه من الوشيك وهو السريع إلى الشيء، وقد تستعمل هذه اللفظة باتصال أن بها وحذفها عنها، فيقال: يوشك يفعل، كما قال الشاعر:
107
[77] ويقولون لهذا النوع من الخضراوات المأكولة: ثلجم، وبعضهم يقول: شلجم بالشين المعجمة، وكلاهما خطأ على ما حكاه أبو عمر الزاهد عن ثعلب، ونص على أن الصواب فيه أن يقال: سلجم بالسين المغفلة، واستشهد عليه بقول الراجز:
109
[78] ويقولون: جلست في فيء الشجرة، والصواب أن يقال: في ظل الشجرة، كما جاء في الأثر مما أخبرنا به أبو الحسن محمد بن علي السيرافي الحافظ
109
[79]- ويقولون: ما فعلت الثلاثة الأثواب فيعرفون الاسمين ويضيفون الأول منهما إلى الثاني، والاختيار أن يعرف الأخير من كل عدد مضاف، فيقال: ما فعلت ثلاثة الأثواب وفيم انصرفت ثلاثمائة الدرهم، وعليه قول ذي الرمة:
111
[80] ويقولون في الثياب المنسوبة إلى ملك الروم ثياب ملكية بكسر اللام، والصواب فيه ملكية بفتح اللام، كما يقال في النسب إلى النمر نمري، والعلة فيه أنهم لو أفردوا الكسرة في ثاني هذه الكلمة لغلبت عليها الكسرات والياءات، ولم يسلم من ذلك إلا الحرف الأول والتلفظ بما هذه صيغته يستثقل، فلذلك عدل إلى إبدال الكسرة فتحة لتخف الكلمة، ويحسن النطق بها، وإنما لم يفعل ذلك في المنسوب إلى الرباعي، نحو مالكي وعامري، لأن الكسرات لم تغلب عليه من فصل الألف بين أوله وثالثه.
112
[82] ويقولون للند المتخذ من ثلاثة أنواع من الطيب: مثلث، والصواب أن يقال فيه: مثلوث، كما قالت العرب: حبل مثلوث إذا أبرم على ثلاث قوى، وكساء مثلوث إذا نسج من صوف ووبر وشعر، ومزادة مثلوثة إذا اتخذت من ثلاثة جلود.
113
[83] ويقولون: قمئ الرجل ودفئ اليوم، والصواب أن يقال فيهما: قمؤ ودفؤ لينتظما في سلك حيزهما من أفعال الطبائع التي تأتي على فعل بضم العين مثل:
114
[84] ويقولون للأنثى من ولد الضأن: رخلة، وهي في اللغة الفصحى رخل بفتح الراء وكسر الخاء، وقد قيل فيها: رخل بكسر الراء وإسكان الخاء، وعلى كلتا اللغتين لا يجوز إلحاق الهاء بها، لأن الذكر لا يشركها في هذا الاسم وإنما يقال له: حمل، فجرت
115
[85] ويقولون سررت برؤيا فلان إشارة إلى مرآه، فيوهمون فيه، كما وهم أبو الطيب في قوله لبدر بن عمار، وقد سامره ذات ليلة إلى قطع من الليل:
116
[86] ويقولون: قال فلان كيت وكيت، فيوهمون فيه، لأن العرب تقول: كان من الأمر كيت وكيت، وقال فلان: ذيت وذيت، فيجعلون كيت وكيت كناية عن
117
[87] ويقولون في مضارع ذخر يدخر بضم الخاء، والصواب فتحها، كما يقال: فخر يفخر وزخر البحر يزخر، ومن أصول العربية أنه إذا كانت عين الفعل أحد حروف الحلق التي هي الهمزة والهاء والعين والحاء الغين والخاء، كان الأغلب فتحها في المضارع، نحو سأل يسأل وذهب يذهب ونعب ينعب وسحر يسحر، وفغر فاه يفغر، وفخر يفخر، فإن نطق في بعضها بالكسر أو بالضم فهو مما شذ عن أصله، وندر عن رسمه.
118
[88] ويقولون في تصغير مختار مخيتير، والصواب فيه مخير، لأن الأصل في
119
[89] ويقولون: دستور، بفتح الدال، وقياس كلام العرب فيه أن يقال بضم الدال، كما يقال: بهلول وعرقوب وخرطوم وجمهور ونظائرها، مما جاء على فعلول، إذ لم يجيء في كلامهم فعلول بفتح الفاء إلا صعفوق وهو اسم قبيلة باليمامة قال فيهم العجاج:
120
[90] ويقولون: كلا الرجلين خرجا وكلتا المرأتين حضرتا، والاختيار أن يوحد الخبر فيهما، فيقال: كلا الرجلين خرج، وكلتا المرأتين حضرت، لأن كلا وكلتا
122
[91] ويقولون: أنت تكرم علي: بضم التاء وفتح الراء، والصواب فيه تكرم، بفتح التاء وضم الراء لأن فعله الماضي كرم ومن أصول العربية أن كل ما جاء من الأفعال الماضية على مثال فعل بضم العين كان مضارعه على يفعل، نحو حسن يحسن وظرف يظرف وإنما ضمت عين المستقبل من هذا النوع ولم يخالف فيه بناء الماضي
123
[92] ويقولون: فيه شغب بفتح الغين، وهو تهيج الشر والفتنة والخصام، فيوهمون فيه كما وهم بعض المحدثين في قوله:
124
[93] ويقولون: هو سداد من عوز، فيلحنون في فتح السين كما لحن هشيم المحدث فيها، والصواب أن يقال بالكسر.
125
[94] ويقولون: اقطعه من حيث رق، وكلام العرب اقطعه من حيث رك، أي من حيث ضعف، ومنه قيل للضعيف الرأي: ركيك، وفي الحديث: أن الله تعالى ليبغض السلطان الركاكة، والرككة.
127
[96] ويقولون: قاما الرجلان وقاموا الرجال فيلحقون الفعل علامة التثنية، والجمع، وما سمع ذلك إلا في لغة ضعيفة لم ينطق بها القرآن ولا اخبار الرسول عليه السلام، ولا نقل أيضا عن الفصحاء، ووجه الكلام توحيد الفعل، كما قال سبحانه في المثنى: {قال رجلان} ، وفي الجمع: {إذا جاءك المنافقون} .
128
[97] ويقولون: أجد حمى، والصواب أن يقال: أجد حميا أو حموا، لأن
128
[98] ويقولون: جاءني القوم إلاك وإلاه، فيوقعون الضمير المتصل بعد إلا كما
129
[99] ويقولون: هب أني فعلت، وهب أنه فعل، والصواب إلحاق الضمير المتصل به، فيقال: هبني فعلت وهبه فعل، كما قال أبو دهبل الجمحي:
131
[100] ويقولون: امرأة شكورة ولجوجة وصبورة وخؤونة، فيلحقون هاء التأنيث بها، فيوهمون فيه لأن هذه التاء إنما تدخل على فعول إذا كان بمعنى مفعول كقولك: ناقة ركوبة وشاة حلوبة، لأنهما بمعنى مركوبة ومحلوبة، فأما إذا كان فعول بمعنى فاعل، نحو صبور الذي بمعنى صابر ونظائره، فيمتنع من إلحاق التاء به، وتكون صفة مؤنثة على لفظ مذكره، قال الشاعر:
132
[101] ويقولون لمن يأتي الذنب متعمدا: قد اخطأ، فيحرفون اللفظ والمعنى لأنه لا يقال: اخطأ إلا لمن لم يتعمدالفعل أو لمن اجتهد، فلم يوافق الصواب، وإياه عنى صلى الله عليه وسلم بقوله: إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر وإنما أوجب له الأجر عن اجتهاده في إصابة الحق الذي هو نوع من أنواع العبادة، لا عن الخطأ الذي يكفي صاحبه أن يعذر فيه ويرفع مأثمه عنه، والفاعل من هذا النوع مخطيء، والاسم منه الخطأ، ومنه قوله تعالى: {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ} ، أما المتعمد الشيء فيقال فيه: خطئ فهو خاطئ، والاسم منه الخطيئة، والمصدر الخطء بكسر الخاء وإسكان الطاء، كما قال تعالى: {إن قتلهم كان خطأ كبيرا} قال الإمام أبو محمد رحمه الله: ولى فيما انتظم هاتين اللفظتين واحتضن معنييهما المتنافيين:
134
[102] يقولون لمن بدأ في إثارة شر أو فساد أمر: قد نشب فيه، ووجه الكلام أن
134
[103] ويقولون في الأمر للغائب والتوقيع إليه: يعتمد ذلك، بحذف لام الأمر من الفعل، والصواب اثباتها فيه، وجزمه بها لئلا تلتبس الكلمة بصيغة الخبر، وتخرج عن حيز الأمر، على ذلك جاءت الأوامر في القرآن وفصيح الكلام والأشعار، فأما قول الشاعر:
136
[104] ويقولون لمركز الضرائب: المأصر بفتح الصاد والصواب كسرها، لأن معناه الموضع الحابس للمار عليه والعاطف للمجتاز به، ومن ذلك اشتقاق أواصر القرابة والعهد لأنها تعطف على ما تجب رعايته من الرحم والمودة.
137
[105] ويقولون: هذا أمر يعرفه الصادر والوارد، ووجه الكلام أن يقال.
138
[106] ويقولون: أبنت بكسر الباء مع همزة الوصل، وهو من أقبح أوهامهم وأفحش لحن في كلامهم لأن همزة الوصل لا تدخل على متحرك، وإنما اجتلبت للساكن ليتوصل بإدخالها عليه إلى افتتاح النطق به، والصواب أن يقال فيها: ابنة أو بنت، لأن العرب نطقت فيها بهاتين الصيغتين، فمن قال: ابنة صاغها على لفظة ابن ثم ألحق بها هاء التأنيث التي تسمى الهاء الفارقة، وتصير في الوصل تاء، ومن قال فيها: بنت أنشأها نشأة مؤتنفة، وصاغها صيغة مفردة، وبناها على وزن جذع المتحرك أوله، فاستغنى بحركة بائها على اجتلاب الهمزة لها وإدخالها عليها، وهذه التاء المتطرفة في بنت وفي أخت أيضا هي تاء أصلية تثبت في الوصل والوقف، وليست للتأنيث على الحقيقة، لأن تاء التأنيث يكون ما قبلها مفتوحا، كالميم في فاطمة والراء في شجرة، إلا أن تكون ألفا كالألف في قطاة وقناة.
139
[107] ويقولون: ودعت قافلة الحاج، فينطقون بما يتضاد الكلام فيه لأن التوديع إنما يكون لمن يخرج إلى السفر، والقافلة اسم للرفقة الراجعة إلى الوطن، فكيف يقرن بين اللفظتين مع تنافي المعنيين ووجه الكلام أن يقال: تلقيت قافلة الحاج، أو استقبلت قافلة الحاج.
140
[108] ويقولون: فلان أنصف من فلان، إشارة إلى أنه يفضل في النصفة عليه، فيحيلون المعنى فيه، لأن المعنى هو أنصف منه، أي أقوم منه بالنصافة التي هي الخدمة لكونه مصدر نصفت القوم، أي خدمتهم فأما إذا أريد به التفضيل في الانصاف، فلا يقال إلا: هو أحسن انصافا منه، أو أكثر انصافا، وما أشبه ذلك.
141
[109] ويقولون لمن أصابته الجنابة: قد جنب، فيوهمون فيه، لأن معنى جنب أصابته ريح الجنوب، فأما من الجنابة، فيقال فيه: قد أجنب.
143
[110] ويقولون: عندي ثمان نسوة وثمان عشرة جارية وثمانمائة درهم.
144
[111] ويقولون: ابتعت عبدا وجارية أخرى، فيوهمون فيه لأن العرب لم تضف بلفظتي آخر وأخرى إلا ما يجانس المذكور قبله، كما قال سبحانه: {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى} ، وكما قال تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر} ، فوصف جل اسمه مناة بالأخرى لما جانست العزى واللات، ووصف الأيام بالاخر لكونها من جنس الشهر، والأمة ليست من جنس العبد لكونها مؤنثة، وهو مذكر، فلم يجز لذلك أن يتصف بلفظة أخرى، كما لا يقال: جاءت هند ورجل آخر، والأصل في ذلك أن آخر من قبيل افعل الذي تصحبه من، ويجانس المذكور بعده، يدل على ذلك أنك إذا قلت: قال الفند الزماني، وقال آخر، كان تقدير الكلام: وقال آخر من الشعراء، وإنما حذفت لفظة من لدلالة الكلام عليها وكثرة استعمال آخر في النطق، وأما قول الشاعر:
145
[112] يقولون: السبع الطول بكسر الطاء، فيلحنون فيه لأن الطول هو الحبل، ووجه الكلام أن يقال: السبع الطول، بضم الطاء، لأنها جمع الطولى،
146
[113] يقولون عند نداء الأبوين: يا أبتي ويا أمتي، فيثبتون ياء الإضافة فيهما مع إدخال تاء التأنيث عليهما، قياسا على قولهم: يا عمتي، وهو وهم يشين وخطأ مستبين، ووجه الكلام أن يقال: يا أبت ويا أمت، بحذف الياء والاجتزاء عنها بالكسر، كما قال تعالى: {يا أبت لا تعبد الشيطان} ، {يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا} ، أو يقال: يا أبتا ويا أمتا بإثبات الألف، والاختيار أن يوقف عليهما بالهاء، فيقال: يا أبه ويا أمه.
147
[114] ويقولون: عيرته بالكذب، والأفصح أن يقال: عيرته الكذب بحذف الباء، كما قال أبو ذؤيب:
148
[115] ويقولون ابدأ به أولا، والصواب أن يقال: ابدأ به أول بالضم، كما قال معن بن أوس:
149
[116] ويقولون لهذا النوع من المشموم: سوسن بضم السين، فيوهمون فيه، كما أن بعض المحدثين ضمها فتطير من اسمه حين أهدي إليه، وكتب من أهداه له:
150
[117] ويقولون جرى الوادي فطم على القليب، والمسموع في هذا المثل: فطم على القري، وهو مجرى الماء إلى الروضة، ومعنى طم علا وقهر، ومنه سميت القيامة طامة، وهذا المثل يضرب في هجوم الخطب الهائل المصغر ما عداه من النوازل.
152
[118] ويقولون لمن نبت شاربه: قد طر شاربه بضم الطاء، والصواب أن يقال: طر بفتح الطاء، كما يقال: طر وبر الناقة، إذا بدا صغاره، وناعمه، ومنه يقال: شارب طرير، وعليه قول الشاعر:
152
[119] ويقولون: ركض الفرس بفتح الراء وقد أقبلت الفرس تركض بفتح التاء، والصواب أن يقال: ركض بضم الراء، وأقبلت تركض بضم التاء، وأصل الركض في اللغة تحريك القوائم، ومنه قوله تعالى: {اركض}
153
[120] ويقولون أيضا: حكني جسدي فيجعلون الجسد هو الحاك، وعلى التحقيق هو المحكوك، والصحيح أن يقال: أحكني جسدي، أي ألجأني إلى الحك، كذلك يقولون: اشتكت عين فلان، والصواب أن يقال: اشتكى فلان عينه، لأنه هو المشتكي لا هي.
155
[122] ويقولون للعبة الهندية: الشطرنج، بفتح الشين، وقياس كلام العرب أن تكسر لأن من مذهبهم أنه إذا عرب الاسم العجمي رد إلى ما يستعمل من نظائره في لغتهم وزنا وصيغة، وليس في كلامهم فعلل بفتح الفاء، وإنما المنقول عنهم في هذا الوزن فعلل، بكسر الفاء فلهذا وجب كسر الشين من الشطرنج ليلحق بوزن جردحل، وهو الضخم من الإبل.
156
[123] ويقولون في جواب من قال: سألت عنك: سأل عنك الخير فيستحيل المعنى بإسناد الفعل إليه، لأن الخير إذا سأل عنه فكأنه جاهل به أو متناه عنه، وصواب القول: سئل عنك الخير، أي كان من الملازمة لك والاقتران بك بحيث يسأل عنك.
161
[124] ويقولون للمتشبع بما ليس عنده: مطرمذ وبعضهم يقول: طرمذار، كما قال بعض المحدثين:
162
[125] ويقولون للاثنين: هاتا بمعنى أعطيا، فيخطئون فيه، لأن هاتا اسم للإشارة إلى المؤنثة الحاضرة، وعليه قول عمران بن حطان:
162
[126] ويقولون: رأيت الأمير وذويه، فيوهمون فيه لأن العرب لم تنطق بذي الذي بمعنى صاحب إلا مضافا إلى اسم جنس، كقولك: ذو مال وذو نوال، فأما
163
[127] يقولون: الحوامل تطلقن والحادثات تطرقن، فيغلطون فيه، لأنه لا يجمع في هذا القبيل بين تاء المضارعة والنون، التي هي ضمير الفاعل، ووجه الكلام أن يلفظ فيه بياء المضارعة المعجمة باثنتين من تحت، كما قال الله تعالى: {تكاد السماوات يتفطرن منه} وعلى هذا يقال: الغواني يمزحن والنوق يسرحن.
164
[128] ويقولون: شلت الشيء، فيعدون اللازم بغير حرف التعدية، ووجه الكلام أن يقال: أشلت الشيء، أو شلت به، فيتعدى بهمزة النقل أو بالباء كما تقول العرب: شالت الناقة بذنبها، وأشالت ذنبها، والشائل عندهم هو المرتفع، ومنه قول الشاعر:
165
[129] ويقولون لمن تناول شيئا: ها، بقصر الألف فيلحنون فيه لأن الألف ممدودة كما جاء في الحديث: الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء ويجوز فيه فتح الهمزة وكسرها مع مد الألف في كلتيهما، ولا تقصر هذه الألف إلا إذا اتصلت بها كاف الخطاب، فيقال: هاك، كما يروى أن عليا رضي الله عنه آب إلى فاطمة من بعض مواطن الحرب وسيفه يقطر من الدم، فقال:
166
[130] ويقولون: حسد حاسدك بضم الحاء، فيعكسون المراد به، ويجعلون المدعو عليه مدعوا له، والصواب أن يقال: حسد حاسدك، بفتح الحاء، أي لا أنفك حسودا ولا زلت محسودا، وإلى هذا أشار الشاعر في قوله:
167
[131] ويقولون أعطاه البشارة، والصواب فيه ضم الباء لأن البشارة بكسر الباء ما بشرت به، وبضمها حق ما يعطى عليها، فأما البشارة بفتح الباء فإنها الجمال، ومنه قولهم: فلان بشير الوجه، أي حسنه، وعند أكثرهم أن لفظة بشرته لا تستعمل إلا في الإخبار بالخير، وليس كذلك، بل قد تستعمل في الإخبار بالشر كما قال سبحانه:
167
[132] ويقولون تفرقت الأهواء والآراء، والاختيار في كلام العرب أن يقال في مثله: افترقت، كما جاء في الخبر: تفترق أمتي كذا وكذا فرقة أي تختلف، فأما لفظة التفرق فتستعمل في الأشخاص والأجسام فإذا قيل: إن لزيد ثلاثة اخوة متفرقين، كان المعنى أن كل واحد منهم ببقعة، وان قيل في وصفهم: مفترقين كان المعنى أن أحدهم لأبيه وأمه والآخر لأبيه، والثالث لأمه، وكذلك يقال: فرق بتشديد الراء فيما كان من قبيل الجمع، وفرق بالتخفيف فيما يراد به التمييز كقولك: فرق بين الحق والباطل والحالي والعاطل.
169
[134] ويقولون للقائم: اجلس، والاختيار على ما حكاه الخليل بن أحمد أن يقال لمن كان قائما: اقعد، ولمن كان نائما أو ساجدا: اجلس، وعلل بعضهم لهذا الاختيار، بان القعود هو الانتقال من علو إلى سفل، ولهذا قيل لمن أصيب برجله: مقعد، وأن الجلوس هو الانتقال من سفل إلى علو، ومنه سميت نجد جلسا لارتفاعها وقيل لمن أتاها: جالس، وقد جلس، ومنه قول عمر بن عبد العزيز للفرزدق.
170
[135]- ويقولون في جواب من مدح رجلا أو ذمه: نعم من مدحت، وبئس من ذممت، والصواب أن يقال: نعم الرجل من مدحت، وبئس الشخص من ذممت، كما قال عمرو بن معدي كرب، وقد سئل عن قومه: نعم القوم قومي عند السيف المسلول، والمال المسؤول.
171
[136]- ويقولون لضد الذكر: النسيان بفتح النون والسين فيوهمون فيه، لأن النسيان تثنية النسا، وهو العرق الذي في الفخذ، فأما المصدر من نسي فهو النسيان على وزن فعلان مثل العرفان والكتمان، فإن جاءت مصادر في كلام العرب على فعلان بفتح الفاء والعين، فهي مما يختص بالحركة والاضطراب، كالوخدان والذملان واللمعان والضربان.
173
[137]- ويقولون: هو بين ظهرانيهم بكسر النون، والصواب أن يقال: بين ظهرانيهم، بفتح النون، وأجاز أبو حاتم أن يقال: بين ظهريهم.
174
[138] ويقولون: دخلت الشأم، وهو غلط قبيح وخطأ صريح، لأن اسم البلد الشأم، ولفظه مذكر والدليل على هذين الأمرين قول الشاعر:
175
[139] ويقولون: قدم الحاج واحدا واحدا، واثنين اثنين، وثلاثة ثلاثة، وأربعة أربعة، والصواب أن يقال في مثله: جاءوا أحاد وثناء وثلاث ورباع، أو يقال: جاؤوا موحد ومثنى ومثلث ومربع، لأن العرب عدلت بهذه الألفاظ إلى هذه الصيغ لتستغني بها
175
[140] ويقولون لما يتعجل من الزروع والثمار: هرف، وهي من ألفاظ الأنباط ومفاضح الأغلاط، والصواب أن يقال فيه: بكر، لأن العرب تقول لكل ما يتقدم على وقته: بكر، فيقولون: بكر الحر وبكر البرد وبكرت النخلة، إذا أثمرت أول ما تثمر النخل فهي بكور، والثمرة المعجلة باكورة.
178
[141] ويقولون عند الحرقة ولذع الحرارة الممضة أخ: بالخاء المعجمة من فوق، والعرب تنطق بهذه اللفظة بالحاء المغفلة، وعليه فسر قول عبد الشارق الجهني:
179
[142] ويقولون من التأوه: أوه، والأفصح أن يقال: أوه، بكسر الهاء وضمها وفتحها، والكسر أغلب، وعليه قول الشاعر:
180
[143] ويقولون: لقيته لقاة واحدة، فيخطئون فيه، لأن العرب تقول: لقيته لقية ولقاءة ولقيانة، اذا ارادوا به المرة الواحدة، فإن ارادوا المصدر قالوا: لقيته لقاء ولقيا ولقيانا ولقي على وزن هدى، وعليه أنشد الكسائي:
181
[144] ويقولون: فلان يكدف، بمعنى يستقل ما أعطي، والصواب فيه يجدف بالجيم، لأن التجديف في اللغة هو استقلال النعمة وسترها، وبه فسر: لا تجدفوا بنعم الله تعالى.
181
[145] ويقولون: بالرجل عنة ولا وجه لذلك، لأن العنة الحظيرة من الخشب، والصواب أن يقال: به عنينة أو عنانة أي تعنين، وأصله من عن، أي اعترض، فكأنه يتعرض للنكاح ولا يقدر عليه، والعرب تسمي العنين السريس كما قال الشاعر:
182
[146] ويقولون لمن يقتبس من الصحف: صحفي، مقايسة على قولهم في النسب إلى الأنصار: أنصاري، وإلى الأعراب أعرابي، والصواب عند النحويين البصريين أن يوقع النسب إلى واحدة الصحف وهي صحيفة، فيقال: صحفي، كما يقال في النسب إلى حنيفة: حنفي، لأنهم لا يرون النسب إلا إلى واحد الجموع، كما يقال في النسب إلى الفرائض: فرضي، وإلى المقاريض: مقراضي، اللهم إلا أن يجعل الجمع إسما علما للمنسوب إليه، فيوقع النسب حينئذ إلى صيغته، كقولهم في النسب إلى قبيلة هوازن: هوازني، وإلى حي كلاب: كلابي، وإلى مدينة الأنبار: أنباري، وإلى بلدة المدائن مدائني.
183
[147] ويقولون في النسب أيضا إلى رامهرمز رامهرمزي، فينسبون إلى مجموع
183
[148] ويقولون لما يغسل به الرأس: غسلة بفتح الغين، فيخطئون فيه لأن الغسلة بالفتح كناية عن المرة الواحدة من الغسل، فأما الغسول فهو الغسلة بكسر الغين، وعليه قول علقمة ابن عبدة:
185
[149] ويقولون: دابة لا تردف، ووجه القول: لا ترادف، أي لا تقبل المرادفة، لأن مبنى المفاعلة على الاشتراك في الفعل، فهو بهذا الكلام أليق وبالمعنى المراد أعلق، والعرب تقول: ترادفت الأشياء، إذا تتابعت، وأهل المعرفة بالقوافي يسمون الشعر الذي تتوالى الحركة في قافيته المترادف.
186
[150] ويقولون: مطرد ومبرد ومبضع ومنجل، كما يقولون: مقرعة، ومقنعة، ومنطقة، ومطرقة، فيفتحون الميم من جميع هذه الأسماء وهو من أقبح الأوهام وأشنغ معايب الكلام، لأن كل ما جاء على وزن مفعل ومفعلة من الآلات المستعملة المتداولة فهو بكسر الميم كالأسماء المذكورة ونظائرها، وعليه قول الفرزدق في مرثية سائس:
187
[151]- ويقولون: اعمل بحسب ذلك بإسكان السين، والصواب فتحها لتطابق معنى الكلام، لأن الحسب بفتح السين هو الشيء المحسوب المماثل معنى المثل والقدر، وهو المقصود في هذا الكلام، فأما الحسب.
189
[152]- ويقولون: قد كثرت عيلة فلان، إشارة إلى عياله، فيخطئون فيه، لأن العيلة هي الفقر، بدليل قوله تعالى: {وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله} وتصريف الفعل منها عال يعيل فهو عائل، والجمع عالة، وجاء في التنزيل: {ووجدك عائلا فأغنى} وفي الحديث: لأن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس.
191
[153] ويقولون: فلان في رفهة، والمسموع عن العرب في رفاهة ورفاهية، كما قالوا: طماعة وطماعية، وكراهة وكراهية.
192
[154] ويقولون لرضيع الإنسان: قد ارتضع بلبنه، وصوابه ارتضع بلبانه، لأن اللبن هو المشروب واللبان هو مصدر لابنه، أي شاركه في شرب اللبن، وهذا هو معنى كلامهم الذي نحوا إليه، ولفظوا به، واليه أشار الأعشى في قوله في صفة النار:
193
[155] ويقولون: لدغته العقرب، والاختيار أن يقال لكل ما يضرب بمؤخره كالزنبور والعقرب: لسع، ولما يقبض بأسنانه كالكلب والسباع: نهش، ولما يضرب بفيه كالحية: لدغ، ومنه قول بعض الرجاز:
194
[156] ويقولون: الحمد لله الذي كان كذا وكذا.
195
[157] ويقولون: فلان شحاث بالثاء المعجمة بثلاث من فوق، والصواب فيه شحاذ بالذال المعجمة، لاشتقاق هذا الاسم من قولك: شحذت السيف، إذا بالغت في إحداده، فكأن الشحاذ الملح في المسألة والمبالغ في طلب الصدقة.
196
[159] ويقولون: جبة خلقة، فيوهمون فيه لأن العرب ساوت فيه بين نعت المذكر والمؤنث فقالت: ملحفة خلق، كما قالت: ثوب خلق، وبين بعضهم العلة فيه، فقال: كان أصل الكلام: أعطني خلق جبتك، فلما أفرد من الإضافة بقي على ما كان
196
[160] ويقولون ثلاثة شهور وسبعة بحور، والاختيار أن يقال: ثلاثة أشهر وسبعة أبحر، ليتناسب نظم الكلام، ويتطابق العدد والمعدود، كما جاء في القرآن: {فسيحوا في الأرض أربعة أشهر} وفيه أيضا: {والبحر يمده من بعده سبعة أبحر} ، والعلة في هذا الاختيار أن العدد من الثلاثة إلى العشرة وضع للقلة، فكانت إضافته إلى مثال الجمع القليل المشاكل له أليق به، وأشبه بالملاءمة له.
197
[161] ويقولون للعليل: هو معلول، فيخطئون فيه لأن المعلول هو الذي سقى
198
[162] ويقولون في مثله: مالي فيه منفوع ولا منفعة، فيغلطون فيه، لأن المنفوع
199
[163] ويقولون للمريض: به سل، ووجه القول أن يقال: به سلال، بضم السين، لأن معظم الأدواء جاء على فعال، نحو الزكام والصداع والفواق والسعال.
200
[165] ويقولون في جمع مرآة: مرايا، فيوهمون فيه كما وهم بعض المحدثين حين قال:
201
[166] ويقولون لفم المزادة: عزلة، وهي في كلام العرب عزلاء، وجمعها عزالى، ومنه قول الشاعر:
201
[167] ويقولون: جاء القوم بأجمعهم، لتوهمهم أنه أجمع، الذي يؤكد به في مثل قولهم: هو لك أجمع، والاختيار أن يقال: جاء القوم بأجمعهم بضم الميم لأنه مجموع جمع، فكان على أفعل، كما يقال: فرخ وأفرخ وعبد وأعبد.
202
[168] ويقولون لمن انقطعت حجته: مقطع، بفتح الطاء، والصواب أن يقال
202
[169] ويقولون: كلمت فلانا فاختلط، أي اختل رأيه وثار غضبه، فيحرفون فيه، لأن القول فاحتلط بالحاء المغفلة لاشتقاقه من الاحتلاط، وهو الغضب، ومنه المثل المضروب: إن أول العي الاحتلاط، وأسوأ القول الإفراط.
204
[171] ويقولون للمعرس: قد بنى بأهله، ووجه الكلام بنى على أهله، والأصل فيه أن الرجل كان إذا أراد أن يدخل على عرسه بنى عليها قبة، فقيل لكل من عرس: بان، وعليه فسر أكثرهم قول الشاعر:
205
[172] ويقولون حتى، فيميلونها مقايسة على إمالة متى، فيخطئون فيه لأن
206
[173] ويقولون: قتله شر قتلة، بفتح القاف، والصواب كسرها، لأن المراد به الإخبار عن هيئة القتلة التي صيغ مثالها على فعلة، بكسر الفاء، كقولك: ركب ركبة
207
[174] ويقولون: هذا واحد اثنان ثلاثة أربعة.
208
[175] ويقولون: ما أحسن لبس الفرس إشارة إلى تجفافها، فيضمون اللام من لبس، والصواب كسرها، كما يقال لكسوة البيت: لبس، ولغشاء الهودج: لبس، ومنه قول حميد بن ثور.
210
[176] ويقولون: مائة ونيف، بإسكان الياء، والصواب أن يقال: نيف بتشديدها، وهو مشتق من قولهم: أناف ينيف على الشيء إذا أشرف عليه فكأنه لما زاد على المائة صار بمثابة المشرف عليها، ومنه قول الشاعر:
210
[177] ويقولون لمن يصغر عن فعل شيء: هو يصبو عنه، والصواب أن يقال: هو يصبى عنه، لأن العرب تقول: صبا من اللهو يصبو صبوا والفعلة منه صبوة، وصبى من فعل الصبى يصبى صبى بكسر الصاد والقصر، وصباء بفتحها والمد، والفعلة منه صبية، ومنه قول الراجز:
211
[178] ويقولون: فعلته مجراك، فيحيلونه في بنيته ويحرفونه عن صيغته، لأن كلام العرب: فعلته من جراك، وفي الحديث: أن امرأة دخلت النار من جرا هرة، ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض.
212
[179] ويقولون للرجل المضيع لأمره، المتعرض لاستدراكه بعد فوته: الصيف ضيعت اللبن، وبفتح التاء، والصواب أن يخاطب بكسرها، وإن كان مذكرا، لأنه مثل والأمثال تحكى على أصل صيغتها وأولية وضعها، وهذا المثل وضع في الابتداء بكسر التاء لمخاطبة المؤنث به، وأصله أن عمرا ابن عمرو بن عدس كان تزوج ابنة عم أبيه دختنوس بنت لقيط بن زرارة بعدما أسن، وكان أكثر قومه مالا، ففركته ولم تزل تسأله الطلاق حتى طلقها، فتزوجها عمير بن معبد ابن زرارة، وكان شابا مملقا، فمرت بها ذات يوم إبل عمرو، وكانت في ضر، فقالت لخادمتها: قولي له: ليسقنا من اللبن، فلما أبلغته قال لها: الصيف ضيعت اللبن، فلما أدت جوابه إليها ضربت بيدها على كتف زوجها وقالت: هذا ومذقه خير، وإنما خص الصيف بالذكر لأنها كانت سألته الطلاق فيه، فكأنها يومئذ ضيعت اللبن.
213
[180] ويقولون طرده السلطان.
214
[181] ويقولون لما ينبت من الزرع بالمطر: بخس.
214
[182] ويقولون هاون وراوق، فيوهمون فيهما إذ ليس في كلام العرب فاعل والعين منه واو، والصواب أن يقال فيهما: هاوون وراووق، لينتظما فيما جاء على فاعول مثل قارون وفاروق وماعون، وعليه قول زيد بن عدي العبادي:
215
[183] ويقولون شفعت الرسولين بثالث، فيوهمون فيه، لأن العرب تقول: شفعت الرسول بآخر، أي جعلتهما اثنين، ليطابق هذا القول معنى الشفع الذي هو في
217
[184] ويقولون للبلدة التي استحدثها المعتصم بالله سامرا، فيوهمون فيه كما وهم البحتري فيها إذ قال في صلب بابك:
218
[185] ويقولون لما يجمد من فرط البرد: قريض بالصاد، فيوهمون فيه كما وهم بعض المحدثين فيما كتب إلى صديق له يدعوه:
219
[186] ويقولون: قتله الحب، والصواب أن يقال فيه: اقتتله، كما قال ذو الرمة:
221
[187] ويقولون: ما كان ذلك يعرضك لهذا الأمر، بضم الياء وكسر الراء وتشديدها.
221
[188] ويقولون: ما كان ذلك في حسابي، أي في ظني، ووجه الكلام أن يقال: ما كان ذلك في حسباني، لأن المصدر من حسبت بمعنى ظننت محسبة وحسبان بكسر الحاء، فأما الحساب فهو اسم للشيء المحسوب.
222
[189] ويقولون: تنوق في الشيء.
222
[190] ويقولون للمخاطب: هم فعلت وهم خرجت، فيزيدون هم في افتتاح الكلام، وهو من أشنع الأغلاط والأوهام.
223
[191] ويقولون: قرضته بالمقراض، وقصصته بالمقص، فيوهمون فيه، كما
225
[192] ويقولون في تصغير شيء وعين: شوى وعوينة، فيقلبون الياء فيهما واوا، والأفصح أن يقال: شبيء وعيينة بإثبات الياء وضم أولهما.
227
[193] ويقولون: أشرف فلان على الاياس من طلبه، فيوهمون فيه، كما وهم أبو سعيد السكري، وكان من أجل النحويين وأعلام العلماء المذكورين، فقال: إن إياسا سمي بالمصدر من أيس، وليس كذلك، ووجه الكلام أن يقال: أشرف على اليأس، لأن أصل الفعل منه يئس على وزن فعل، كما قال تعالى: {قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور} فأما قولهم: أيس، بتقديم الهمزة، فإنه مقلوب من يئس.
227
[194] ويقولون للقناة الجوفاء التي يرمى عنها بالبندق: زربطانة، والصواب أن يقال فيها: سبطانة، لاشتقاق اسمها من السبوطة وهو الطول والامتداد، ومنه سمي الساباط لامتداده بين الدارين.
229
[196] ويقولون: نجزت القصيدة بفتح الجيم، إشارة إلى انقضائها، وليس كذلك لأن معنى نجز بالفتح حضر، ومنه قولهم: بعته ناجزا
231
[197] ويقولون في جمع جوالق: جوالقات، فيخطئون فيه لأن القياس المطرد ألا تجمع أسماء الجنس المذكر بالألف والتاء، وإنما أشذت العرب عن هذا القياس أسماء جمعتها بالألف والتاء تعويضا لأكثرها عن تكسيره، وهي حمام وساباط وسرداق وإيوان وهارون وخيال وجواب وسجل ومكتوب ومقام ومصام واوان - وهو حديدة تكون مع الرائض - وبوان بكسر الباء وضمها - وهو عمود في الخباء - وقالوا في جمع شعبان ورمضان وشوال والمحرم: شعبانات ورمضانات وشوالات ومحرمات، وجميع ذلك مما شذ عن الأصول، ولا يستعمل فيه غير المحصور المنقول.
232
[198] ومن أوهامهم، الزارية على افهامهم العاكسة معنى كلامهم أنهم لا يفرقون بين معنى نعم ومعنى بلى، فيقيمون إحداهما مقام الأخرى، وليس كذلك، لأن نعم تقع في جواب الاستخبار المجرد من النفي، فترد الكلام الذي بعد حرف الاستفهام: كما قال تعالى: {فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم} ، لأن تقديره: وجدنا ما وعدنا ربنا حقا، وأما بلى فتستعمل في جواب الاستخبار عن النفي، ومعناها إثبات المنفي، ورد الكلام من الجحد إلى التحقيق فهي بمنزلة بل، حتى قال بعضهم: أن أصلها
234
[199] ومن ذلك أنهم لا يفرقون بين قولهم: زيد يأتينا صباح مساء على الإضافة، ويأتينا صباح مساء على التركيب، وبينهما فرق يختلف المعنى فيه، وهو أن
235
[200] ومن ذلك أنهم لا يفرقون بين الترجي والتمني، والفرق بينهما واضح، وهو أن التمني يقع على ما يجوز أن يكون، ويجوز ألا يكون، كقولهم: ليت الشباب
236
[201] ومن ذلك أنهم لا يفرقون بين العر والعر، بفتح العين وضمها، وبينهما فرق في اللغة، وهو أن العر بالفتح الجرب، وبالضم قروح تخرج في مشافر الإبل وقوائمها، وكانت الجاهلية إذا رأتها ببعير كوت مشافر الصحاح، ويرون أنهم إذا فعلوا ذلك ذهبت القروح من إبلهم على ما أبدعوه من أضاليل سننهم وأحكامهم، وإلى هذا أشار النابغة في قوله:
237
[202] ومن ذلك أنهم لا يفرقون بين قولهم: بكم ثوبك مصبوغا وبكم ثوبك مصبوغ، وبينهما فرق يختلف المعنى فيه، وهو أنك إذا نصبت مصبوغا كان انتصابه على الحال والسؤال واقع عن ثمن الثوب وهو مصبوغ، وإن رفعت مصبوغا رفعته على أنه خبر
237
[203] وكذلك لا يفرقون أيضا بين قولهم: لا رجل في الدار، ولا رجل عندك.
238
[204] وكذلك لا يفرقون بين قولهم: خلف الله عليك واخلف الله عليك، والفرق بينهما أن لفظة خلف الله عليك، تقال لمن هلك له من لا يستعيضه، ويكون
238
[205] وكذلك لا يفرقون بين معنى مخوف ومخيف، والفرق بينهما أنك إذا قلت: الشيء مخوف كان إخبارا عما حصل الخوف منه، كقولك: الأسد مخوف والطريق مخوف، وإذا قلت: مخيف كان إخبارا عما يتولد الخوف منه، كقولك: مرض مخيف، أي يتولد الخوف لمن يشاهده.
239
[207] ومما يمتزج بهذا الفصل أيضا أنهم لا يفرقون بين قولهم: ما أدري أأذن أم أقام، وأذن أو أقام والفرق بينهما أنك إذا نطقت بأم في هذا الكلام كنت شاكا فيما
239
[208] ومن هذا القبيل أيضا أنهم لا يفرقون بين الحث والحض، وقد فرق بينهما الخليل بن أحمد، فقال: الحث يكون في السير والسوق وفي كل شيء، والحض يكون فيما عدا السير والسوق، نحو قوله تعالى: {ولا يحض على طعام المسكين} .
240
[210] ومن ذلك توهمهم أن معنى بات فلان، أي نام.
240
[221] ومن ذلك توهمهم أن القينة المغنية خاصة، وهي في كلام العرب الأمة، مغنية كانت أو غير مغنية، وعلى ذلك قول زهير:
241
[212] ومن ذلك توهمهم أن الراحلة اسم يختص بالناقة النجيبة، وليس كذلك بل الراحلة تقع على الجمل والناقة، والهاء فيها هاء المبالغة، كالتي في داهية وراوية، وإنما سميت راحلة لأنها ترحل، أي يشد عليها الرحل فهي فاعلة بمعنى مفعولة، كما
242
[213] ومن هذا النمط أيضا توهمهم أن البهيم نعت يختص بالأسود، لاستماعهم: ليل بهيم، وليس كذلك، بل البهيم اللون الخالص الذي لا يخالطه لون آخر، ولا يمتزج به شية غير شيته، ولذلك لم يقولوا لليل المقمر: ليل بهيم، لاختلاط ضوء القمر به، فعلى مقتضى هذا الكلام يجوز أن يقال: أبيض بهيم وأشقر بهيم.
243
[214] ومنه أيضا توهمهم أن السوقة اسم لأهل السوق، وليس كذلك، بل السوقة الرعية، سموا بذلك، لأن الملك يسوقهم إلى إرادته، ويستوي لفظ الواحد والجماعة فيه، فيقال: رجل سوقة وقوم سوقة، كما قالت الحرقة بنت النعمان:
244
[215] ومن أوهامهم أن هوى لا يستعمل إلا في الهبوط، وليس كذلك بل معناه الإسراع الذي قد يكون في الصعود والهبوط، وفي حديث البراق: فانطلق يهوي به أي يسرع.
244
[216] فمن ذلك أنهم يكتبون بسم الله، بحذف الألف أينما وقع، وحيثما اعترض، فيوهمون فيه، لأن الألف إنما حذفت منه إذا كتب في فواتح السور وأوائل الكتب لكثرة استعماله في كل ما يبدأ به ويشرع فيه، وتقدير الكلام في البسملة المصدرة: أبدأ باسم الله وأفتتح باسم الله، فترك إظهار هذا الفعل إنما لدلالة الحال الحاضرة عليه، فإن أبرز وجب إثبات الألف كما أثبتت في قولك: إقرأ باسم ربك، فسبح باسم ربك.
245
[217] ومن ذلك أنهم يحذفون الألف من ابن في كل موضع يقع بعد اسم أو كنية أو لقب، وليس ذلك مطردا على ما توهموه، ولا يوجب حذف الألف ما تخيلوه، لأنه إنما تحذف الألف من ابن إذا وقع صفة بين علمين من أعلام الأسماء أو الكنى أو الألقاب ليؤذن بتنزله مع الاسم قبله بمنزلة الاسم الواحد لشدة اتصال الصفة بالموصوف، وحلوله محل الجزء منه ولهذه العلة حذف التنوين من الاسم قبله، فقيل علي بن محمد، كما يحذف من الأسماء المركبة في رامهرمز وبعلبك، فما عدا هذا الموطن وجب إثبات الألف فيه، وذلك في خمسة مواطن.
246
[218] ومن ذلك أنهم يكتبون كلما موصولة في كل موطن، والصواب أن تكتب موصولة إذا كانت بمعنى كل وقت، كقوله تعالى: {كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله} .
247
[219] ومن أوهامهم في الهجاء أنهم لا يفرقون بين ما يجب أن يكتب بواو واحدة وما يكتب بواوين، ولا يميزون بين هذين النوعين.
250
[220] ومن أوهامهم في الهجاء أنهم يخبطون خبط العشواء فيما يكتب من الأسماء المقصورة بالألف وفيما يكتب بالياء.
252
[221] ومما يجب أن يكتب موصولين ثلثمائة وستمائة، والعلة في ذلك أن ثلثمائة حذفت ألفها فجعل الوصل فيها عوضا من الحذف، وأن ستمائة كان أصلها سدسا فقلبت السين تاء، وجعل الوصل عوضا من الإدغام.
254
ملحق مفردات أوهام الخواص
255
باب الألف
257
[1] أرب:
257
[2] أم س:
257
باب الباء
259
[3] ب ل ط:
259
باب التاء
260
[4] ت أم:
260
باب الجيم
261
[5] ج ر ر:
261
[6] ج ن ز:
262
[7] ج هـ ز:
263
باب الحاء
264
[8] ح ر ج:
264
باب الخاء
265
[9] خ ط ب:
265
باب السين
266
[10] س وف:
266
[11] س ي ح:
266
باب الشين
267
[12] ش ر ب:
267
[12] ش ق ق:
269
[14] ش ور:
270
باب الصاد
271
[15] ص ل ح:
271
[16] ص م م:
272
باب الطاء
273
[17] ط ب ع:
273
باب العين
274
[18] ع ق ر:
274
[19] ع ق ص:
275
[20] ع م د:
276
باب الغين
277
[21] غ ر ق:
277
باب الفاء
278
[22] غ ي ر:
278
[23] ف ج ج:
278
باب القاف
279
[24] ومن أقبح أوهامهم أنهم يبدلون حركة حرف المضارعة في المضاعف فيغيرون المعنى ويقلبون المبنى، فلا يفرقون بين يقل (بضم الياء) ويقل (بفتح الياء) ، فالأول من الفعل قل الشيء يقله قلا، أي حمله ورفعه والثاني من قل الشيء يقل قلا، فهو قليل، وهو خلاف كثر، ومنه حديث ابن مسعود: الربا وإن كثر فهو إلى قل.
279
[25] ق ن ن:
280
باب الميم
281
[26] م ن ذ:
281
[27] م وت:
282
باب النون
284
[28] ن ز ف:
284
[29] ن ش د:
285
باب الهاء
287
[30] ن وخ:
287
[31] هـ ر ع:
287
[32] هـ م م:
288
باب الواو
289
[33] وف ي:
289
[34] وح د:
291
اسم الکتاب :
درة الغواص في أوهام الخواص
المؤلف :
الحريري
الجزء :
1
صفحة :
293
««الصفحة الأولى
«الصفحة السابقة
الجزء :
1
««اول
«قبلی
الجزء :
1
صيغة PDF
شهادة
الفهرست
إن مکتبة
مدرسة الفقاهة
هي مكتبة مجانية لتوثيق المقالات
www.eShia.ir