اسم الکتاب : أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ودلالتها على الأحكام الشرعية المؤلف : سليمان الأشقر، محمد الجزء : 1 صفحة : 226
والقول بالوجوب هنا بعيد جداً.
أما القول بأنه يدل على الندب فله حظ من النظر. والندب هنا على طريقتين للقائلين به:
الأولى: أن يقال: إن الظاهر من فعله - صلى الله عليه وسلم - إنه تشريع، فيحمل على الظاهر، والوجوب لم يتحقق، فيبقى حمله على الندب منه - صلى الله عليه وسلم -، ولما كان حكمنا كحكمه، يحمل على الندب في حقنا أيضاً. فالحكم فيه مستو بيننا وبينه.
والثانية: أن يقال: الأصل عدم التشريع، فهو منه - صلى الله عليه وسلم - محمول على الإباحة، ولكن يُنْدَب لنا إيقاعه على مثل هذه الصورة التي أوقعها عليها هو - صلى الله عليه وسلم -. فالحكم بيننا وبينه - صلى الله عليه وسلم - مختلف، هو منه مباح، ومنّا مستحب. والتأسي هنا واقع في صورة الفعل دون حكمه. فيؤجر على القصد لا على الفعل.
ونحن نفصل القول في هذا القسم ليتبيّن الحق فيه إن شاء الله.
فنقول: إن له أحوالاً مختلفة الدرجات.
الدرجة الأولى: أن يرشد إلى الهيئة المخصوصة بالقول مع الفعل. وهذا يخرج الفعل عن هذا البحث، لأن النظر حينئذ في الدليل القولي.
ومثاله ما ورد في الحديث: إنه كان إذا شرب تنفّس ثلاثاً، ويقول: "إنه أهنأ وأمرأ".
ومثاله أيضاً: أنه كان يأكل بيمينه، وأمرَ بذلك، ويأكل مما يليه وأمر بذلك.
الدرجة الثانية: أن يواظب النبي - صلى الله عليه وسلم - على إيقاع الفعل الجبلي على هيئة مخصوصة ووجه معروف، كما نقل عنه ذلك في بعض هيئات الأكل والشرب والنوم ونحو ذلك. فهذا يحتمل أن المقصود به التشريع، فيكون مستحباً، ويحتمل أنه فعل ذلك لداعي الجبلة وحدها فلا يكون مستحباً [1]. ومن ذلك أنه كان إذا نام [1] الزركشي: البحر المحيط 2/ 248 أ. الشوكاني: إرشاد الفحول ص 35
اسم الکتاب : أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ودلالتها على الأحكام الشرعية المؤلف : سليمان الأشقر، محمد الجزء : 1 صفحة : 226