responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود    الجزء : 1  صفحة : 166
وسنعرض هنا أمثلة موجزة تبين أصالة هذا الاتجاه عنده.
فمن ذلك ما روي «أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ القَبْضِ». فهل هذا النهي مقصور على الطعام، فيصح بيع غيره قبل القبض، أم أن المقصود هو النهي عن بيع كل شيء قبل القبض؟ وتخصيص الطعام بالذكر لكونه هو البيع الشائع الذي تكثر فيه المخاصمة؟ وإذا قيس على الطعام غيره في النهي، فهل يقتصر في هذا القياس على المنقول فقط، أم يقاس عليه كل بيع، منقولاً وغير منقول؟ إن ابن عباس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَدْ رَوَى عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلَهُ: «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا، فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ». ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «وَأَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ» [1].
ومن ذلك ما رواه الإمام أحمد بإسناده عن جابر بن زيد (*)، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ، فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ مَطَرٍ» قِيلَ لابْنِ عَبَّاسٍ وَمَا أَرَادَ إِلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: «أَرَادَ أَنْ لاَ يُحْرِجَ أُمَّتَهُ» [2].

(1) " المسند ": 5/ 161؛ وانظر " المغني ": 4/ 107، 111.
(2) " المسند ": 3/ 292 وقد صحح المرحوم الشيخ أحمد شاكر إسناد هذا الحديث وذكر أن الرواية تبين خطأ ظن الإمام مالك في تعليق له على هذا الحديث في " الموطأ " بقوله: «أَرَى ذَلِكَ [كَانَ] فِي مَطَرٍ» لأن هذه الرواية فيها فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ مَطَرٍ» وقد رواها الجماعة إلا البخاري. وفي حديث رقم 1918 روى جابر بن زيد عن ابن عباس: «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثَمَانِيًا جَمِيعًا، وَسَبْعًا جَمِيعًا»، فَقِيلَ لِجَابِرٍ: يَا أَبَا الشَّعْثَاءِ، أَظُنُّهُ أَخَّرَ الظُّهْرَ، وَعَجَّلَ الْعَصْرَ، وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ، وَعَجَّلَ الْعِشَاءَ؟ قَالَ: «وَأَنَا أَظُنَّ ذَلِكَ». وذهب الشيخ شاكر إلى أن هذا الجمع الصوري من تأويل أبي الشعثاء، ولا حجة له فيه. ورجح أن الحديث ترخيص لمن يحال بينه وبين الصلاة في وقتها.
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) ورد في " مسند الإمام أحمد " تحقيق الشيخ أحمد شاكر: (سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ...)، حديث رقم 1953، 2/ 461، الطبعة الأولى: 1416 هـ - 1995 م، نشر دار الحديث القاهرة.
ورجح الشيخ شعيب الأرناؤوط (سعيد بن جبير)، انظر تعليق الشيخ شعيب الأرناؤوط على ذلك: " مسند الإمام أحمد "، تحقيق الشيخ شعيب الأرناؤوط وعادل مرشد، حديث رقم 1953، 3/ 420، الطبعة الأولى: 1416 هـ - 1995 م، نشر مؤسسة الرسالة. بيروت - لبنان.
اسم الکتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري المؤلف : عبد المجيد محمود    الجزء : 1  صفحة : 166
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست