اسم الکتاب : التمهيد - شرح مختصر الأصول من علم الأصول المؤلف : المنياوي، أبو المنذر الجزء : 1 صفحة : 120
الثاني - ألا يكون للسائل مقصد سيئ من السؤال:
قال الشيخ: (ألا يعلم من حال السائل أن قصده التعنت أو تتبع الرخص أو ضرب آراء العلماء بعضها ببعض أو غير ذلك من المقاصد السيئة).
قال في "الشرح" (ص/613): (فإن علم أن قصده التعنت- يعني: الإشقاق على المسئول وإظهار عجزه- فإنه لا يجب عليه أن يجيب، فلو علمتَ أن هذا السائل لم يأت ليسأل إرادة للعلم، إنما أراد أن يسأل لإِظهار عجزك أمام الناس، فلك أن تقول: "لا أدري " أو: "لا أجيبك ".
وكذلك إذا علمت أنه لما أخبرته بالحكم قال: "أين الدليل؟ " فأتيت بالدليل، فجعل يجادل: هذا الدليل يحتمل كذا وكذا، ويأتي له بألف احتمال، فهذا يُعرف منه أنه أراد التعنت، فلك أن تقول: "لا، ما عندي غير هذا"، ولا حرج عليك في هذا.
ولهذا خيَّر اللهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الحكم وعدمه إذا سأله أهل الكتاب قال: (فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) [المائدة: 42]، لأنهم لن يأتوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمعرفة الحق، بل يريدون إعناته، وأحيانًا يريدون مصلحة لهم كما تحاكموا إليه في الزنى [1] ... أو ضرب آراء العلماء بعضها ببعض وهذا كثير الآن، يجيء المستفتي يسأل العالم ليرى ماذا عنده وليس قصده الحق، وإذا علم ما عنده ذهب إلى العالم الثاني وسأل وقال: ماذا تقول في كذا وكذا؟ قال: أقول كذا وكذا. قال: لكن فلان يقول: كذا وكذا، فما قصده؟! أي أنه يضرب رأي العالم الثاني برأي العالم الأول. وقد يريد أن يتبجح في المجالس يقول: أنا سألت فلانًا وقال: هذا حرام، وسألت فلانًا وقال: هذا حلال. ثم يضرب آراء العلماء بعضها ببعض).
ما يلزم المستفتي:
قال الشيخ: (الأول: أن يريد باستفتائه الحق والعمل به لا تتبع الرخص وإفحام المفتي وغير ذلك من المقاصد السيئة.
الثاني: ألا يستفتي إلا من يعلم أو يغلب على ظنه أنه أهل للفتوى وينبغي أن يختار أوثق المفتين علماً وورعاً وقيل يجب ذلك).
قال الشيخ عياض السلمي في "أصوله" (ص/486): (يجوزُ للعاميّ أنْ يسألَ مَن شاء من المفتين، وله أنْ يسألَ المفضولَ مع وجود الفاضل، عند أكثر العلماء. [1] فقد أرادوا أن يبدلوا حكم الله بألا يرجموا الشريف منهم.
اسم الکتاب : التمهيد - شرح مختصر الأصول من علم الأصول المؤلف : المنياوي، أبو المنذر الجزء : 1 صفحة : 120