اسم الکتاب : الشرح الكبير لمختصر الأصول المؤلف : المنياوي، أبو المنذر الجزء : 1 صفحة : 628
اعتراضات على التعريف:
الأول، والثاني - قال الشيخ الشثري معترضا على من عرف التقليد بأنه إتباع في رسالة "التقليد" (ص/25): (ورُد عليه بأن الإتباع غير التقليد، ويظهر لي أن التقليد جزء من الإتباع لا كله) وأما كونه غيره فهذا على قول من جعل القسمة ثلاثية، وقد سبق وبينا أن القسمة ثنائية فلا يلزمنا هذا الاعتراض.
ولما كان الإتباع أعم من التقليد من ناحية اللغة فيكون الإتباع جنسا في التعريف فلا وجه لهذا الاعتراض.
فالإتباع يدخل فيه كل ما يتبع من: كتاب، وسنة، وقول صاحب، وإجماع، ومجتهد، ومقلد، وإتباع الآباء والأجداد وإتباع القاضي للشهود، ونحو ذلك، قال الشيخ في "الأصل" (ص/87): (فخرج بقولنا: "من ليس قوله حجة"؛ إتباع النبي صلّى الله عليه وسلّم، وإتباع أهل الإجماع، وإتباع الصحابي، إذا قلنا أن قوله حجة، فلا يسمى إتباع شيء من ذلك تقليداً؛ لأنه إتباع للحجة).
وقد أضاف الشيخ باقي القيود في التعريف ليكون فصلا يخرج به ما دخل في التعريف مما لا يشمله.
ولكن التعريف لا يزال غير مانعا، ولابد من إضافة قيد: (في حكم شرعي) لإخراج حكم القاضي بشهادة الشهود، وكذا التقليد في الأمور الدنيوية [1].
الثالث - وبالنظر إلى التعريف بما سبق من قيود حتى الآن - (إتباع من ليس قوله حجة في حكم شرعي) - نجد أن كلمة (حجة) نكرة في سياق النفي -؛ لأن: ليس فعل يدل على نفي مضمون الجملة في الحال - وعليه فهي تفيد العموم، فالمعنى أنه لا يصح أن يسمى الإتباع تقليدا إلا في حال كون قول المتَّبع ليس بحجة.
وهنا إشكال فقد أطلق البعض على أن قول المجتهد حجة في حق العامي لأمر الشرع للمقلد بسؤاله، وأطلق البعض عليه أنه إتباع لا تقليد فيخرج من التعريف بناء على هذا [2]. [1] انظر التقليد للشيخ الشثري (ص/29). [2] قال المرداوي في "التحبير" (8/ 4016): (ولو أفتى المفتي العامي بحادثة بحكم. فذهب معظم الأصوليين إلى أنه مقلد لانطباق تعريف التقليد عليه. وذهب الباقلاني في ' التقريب ': ' إلى أن المختار أنه ليس بتقليد أصلا، فإن قول العالم حجة في حق المستفتي، نصبه الله تعالى علما في حق العامي، وأوجب عليه العمل به كما أوجب على المجتهد العمل باجتهاده، وخرج من هذا أنه لا يتصور تقليدا مباحا لا في الأصول ولا في الفروع. ثم قال الباقلاني: إنه لو جاز تسمية هذا تقليدا لجاز أن يسمى التمسك بالنصوص وغيرها من الدلائل تقليدا ' انتهى).
وقال الزركشي في "البحر المحيط" (4/ 557): (في أن أخذ العامي بقول المجتهد هل يسمى تقليدا أم لا فقيل ليس بتقليد لأنه لا بد له من نوع اجتهاد وبه جزم القاضي والغزالي والآمدي وابن الحاجب وحكاه العبادي في زيادته عن الأستاذ أبي إسحاق لأنه بذل مجهوده في الأخذ بقول الأعلم وقال القاضي في مختصر التقريب الذي نختاره أن ذلك ليس بتقليد أصلا فإن قول العالم حجة في حق المستفتي نصبه الرب علما في حق العامي فأوجب عليه العمل به كما أوجب على المجتهد العمل باجتهاده واجتهاده علم عليه ويتخرج من هذا أنه لا يتصور تقليد مباح في الشريعة لا في الأصول ولا في الفروع إذ التقليد على ما عرفه القاضي إتباع من لم يقم بإتباعه حجة ولم يستند إلى علم قال ولو ساغ تسمية العامي مقلدا مع أن قول العالم في حقه واجب الإتباع جاز أن يسمى المتمسك بالنصوص وغيرها من الدلائل مقلدا قال القاضي ولأنه يستند إلى حجة قطعية وهو الإجماع فلا يكون تقليدا وهذا بناء منه على أحد تفسيري التقليد وذهب معظم الأصوليين قاله إمام الحرمين إلى أنه مقلد له فيما يأخذه لأنا إن فسرناه بقبول القول بلا حجة فقد تحقق ذلك إذ قوله في نفسه ليس بحجة وإن فسرناه بقبول القول مع الجهل بمأخذه فهو متحقق في قول المفتي أيضا قال ابن السمعاني ولعله الأولى لأنه لا يعرف حجة ما يصير إليه من الحكم قبل والإجماع سبق القاضي على أن العوام يقلدون المجتهدين ولو لم يكن تقليدا فليس في الدنيا تقليد ومن نظر كتب العلماء والخلافيين وجدها طافحة بجعل العوام مقلدين ... ).
اسم الکتاب : الشرح الكبير لمختصر الأصول المؤلف : المنياوي، أبو المنذر الجزء : 1 صفحة : 628