اسم الکتاب : الشرح الكبير لمختصر الأصول المؤلف : المنياوي، أبو المنذر الجزء : 1 صفحة : 590
، ورجوع العلماء إليه، وإلى غيره لكثرة المستفتين، وتقديم العلماء له (ويلزمه) أي: ويلزم العامي (إن بان له الأرجح) من المجتهدين (تقليده) في الأصح، زاد بعض أصحابنا، وبعض الشافعية: في الأظهر.
قال الغزالي: لا يجوز تقليد غيره، قال النووي: وهذا، وإن كان ظاهرا ففيه نظر، لما ذكرنا من سؤال آحاد الصحابة مع وجود أفاضلهم. (ويقدم الأعلم) من المجتهدين (على الأورع) في الأصح؛ لأن الظن الحاصل بالأعلم؛ ولأنه لا تعلق لمسائل الاجتهاد بالورع (ويخير) العامي (في) تقليد أحد (مستويين) عند الأكثر من أصحابنا وغيرهم، قال في الرعاية: ولا يكفيه من لم تسكن نفسه إليه فلا بد من سكون النفس والطمأنينة به، وقيل لأحمد: من نسأل بعدك؟ قال: عبد الوهاب الوراق، فإنه صالح، مثله يوفق للحق) [1].
وعند اختلاف المفتين، وتعارض الفتاوى فللعلماء أقوال فيما يلزم المستفتي:
أحدها: يأخذ بأغلظهما، والثاني: بأخفهما، والثالث: يجتهد في الأولى فيأخذ بفتوى الأعلم الأورع، والرابع: يسأل مفتياً آخر فيأخذ بفتوى من وافقه، والخامس: يتخير فيأخذ بقول أيهما شاء [2].
وقال الشيخ عياض السلمي في "أصوله" (ص/486): (يجوزُ للعاميّ أنْ يسألَ مَن شاء من المفتين، وله أنْ يسألَ المفضولَ مع وجود الفاضل، عند أكثر العلماء.
واستدلُّوا على ذلك: بالإجماع؛ أخذاً مما عليه الحالُ وقتَ الصحابة والتابعين، فإن العوامَّ كانوا يسألون المفضولَ فيُفتيهم، ولا يأمرُهم بسؤال الفاضل.
ولم يُعهدْ عن أحدٍ من الصحابة أنه كان لا يُفتي مع وجود الأفضل منه في البلدة، وقد أفتى ابنُ عباسٍ وابنُ عمر في حياة الخلفاء الأربعة، رضي الله عنهم أجمعين. [1] انظر التحبير (8/ 4080). [2] انظر: آداب الفتوى والمفتي والمستفتي (ص/47)، التمهيد (4/ 403)، المسودة (ص/411)، مجموع الفتاوي لابن تيمية (33/ 168)، صفة الفتوى (ص/80)، إعلام الموقعين (4/ 264)، الإحكام للآمدي (4/ 243)، آداب الفتوى للنووي (ص/77)، التقليد وأحكامه للشثري، وقد توسع في عرض القوال وأدلتها ومناقشتها (ص/162).
اسم الکتاب : الشرح الكبير لمختصر الأصول المؤلف : المنياوي، أبو المنذر الجزء : 1 صفحة : 590