اسم الکتاب : الشرح الكبير لمختصر الأصول المؤلف : المنياوي، أبو المنذر الجزء : 1 صفحة : 502
(مثاله أن يقال: يصح أن تزوج الرشيدة نفسها بغير ولى قياسًا على صحة بيعها مالها بغير ولي)
لو قال قائل: المرأة الرشيدة تبيع مالها بدون ولي، إذًا فهي تزوج نفسها بغير ولي قياسًا علي بيع مالها بغير ولي؛ لأن هذا تصرف في نفسها، وذاك تصرف في مالها، فهذا مثل هذا.
نقول له: هذا قياس فاسد الاعتبار؛ لأنه مخالف للكتاب والسنة، فإن الكتاب والسنة قد دلا على أنه لا يصح تزويج المرأة إلا بولي، قال الله تعالى: (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ) (البقرة: 237) فإن الذي بيده عقدة النكاحِ- على أحد القولين- هو الَوَليَ [1]، وقالَ تعالى: (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) (البقرة: 232)، ولولا اشتراط الولي لكان عضله وعدمه سواءً، لأنه إذاَ عضلها زوجت نفسها. ومن أدلة القرآن أيضًا قوله تعالى: (وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ) (البقرة: 221)، فقوله: (تُنْكِحُوا) الخطاب فيه موجه إلى الأولياء. وأما السنة فقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن قال: "لا نِكَاحَ إلا بوليِّ ".
إذا نقول: هذا القياس فاسد الاعتبار- أعني: قياس تزويج المرأة نفسها بغير ولي علي جواز بيعها مالها بغير ولي؛ لمصادمته النص- وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نكاح إلا بولي " وقد بينا أن القراَن يدل على ذلك أيضًا).
أولا - معنى فساد الاعتبار لغة ([2]):
هو مركب من فساد واعتبار، والفساد خروج الشيء عن الاعتدال، وهو ضد الصلاح.
وأما (الاعتبار) فهو مصدر على وزن (افتعال) من لفظ: عبر يعبر عبورا، أي: انتقل، يقال: عبرت النهر أعبره عبرا وعبورا، إذا قطعته من هذا الجانب إلى الجانب الآخر.
قال أبو البقاء: الاعتبار مأخوذ من العبور وهو المجاوزة من شيء إلى شيء. [1] والقول الثاني أنه الزوج. [2] انظر: الاعتراضات الواردة على القياس (ص/ 309).
اسم الکتاب : الشرح الكبير لمختصر الأصول المؤلف : المنياوي، أبو المنذر الجزء : 1 صفحة : 502