responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشرح الكبير لمختصر الأصول المؤلف : المنياوي، أبو المنذر    الجزء : 1  صفحة : 43
المفارقة [1] واستقصاء ذلك في هذه المقدمة التي هي كالعلاوة على هذا العلم غير ممكن وقد استقصيناه في كتاب معيار العلم فإذا فهمت الفرق بين الذاتي واللازم فلا

[1] قال الشنقيطي في آداب البحث والمناظرة (1/ 36): (تنبيه: لا يخفى أنا ذكرنا في الأمثلة الماضية أن الناطق فصل وأنه مميز ذاتي وأنه جزء الماهية الداخل فيها الصادقَ عليها صدقاً ذاتياً وأنا ذكرنا أن الضاحك والكاتب مثلا خاصتان وأنهما عرضيان خارجان عن الماهية وليس واحد منهما جزءاً منها ولا داخلا فيها فقد يقول السامع، ما حقيقة الفرق بين الناطق والضاحك حتى صار أحدهما جزءاً من الماهية عندهم والثاني خارجاً عنها.
والجواب أن لهم أجوبة متعددة كثير منها ليس فيه مقنع، وأقربها عند الذهن ثلاثة:
الأول: أن الذاتي هو المعروف عند المتكلمين بالصفة النفسية وضابطه أنه لا يمكن إدراك حقيقة الماهية بدونه والعرضي يمكن إدراكها بدونه.
الثاني: أن الذاتي لا يعلل والعرضي يعلل.
الثالث: أن الذاتي هو الذي لا تبقى الذات مع توهم رفعه، والعرضي بخلافه وإيضاح الفوارق الثلاثة بالأمثلة كما سيأتي:
كون الذات لا تعقل بدون الناطق، ولكن تعقل بدون الضاحك والكاتب فقد قالوا لو فرضنا أن عاقلا من العقلاء لم ير الإِنسان ولم يتصوره بحال فسأل عنه من يعرفه فإن عرفه له بأنه جسم دخل في التعريف (الحجر) مثلا فإن زاد في التعريف أنه (نام) دخل النبات والشجر. فإن زاد أنه (حساس) دخل الفرس مثلا. فإن زاد أنه (ناطق) مثلا انفصل عن غيره وتميز عن كل ما سواه.
والنطق: في الاصطلاح عند المنطقيين (القوة العاقلة المفكرة التي يقتدر بها على إدراك العلوم والآراء) وليس المراد به عندهم الكلام.
وإن قال هو منتصب القامة يمشى على اثنتين دخل الطير فإن زاد (لا ريش له)
دخل منتوف الريش من الطيور وساقطه. فإن زاد أنه (ناطق) حصل التمييز والإِدراك.
فإن قيل كذلك يحصل التمييز والإِدراك فيما لو قال: (أنه ضاحك). أو كاتب لأنه لا يشاركه غيره في الضحك والكتابة.
فالجواب: أن يقولون الضحك حالة تعرض عند التعجب من أمر بعد أن تتفكر فيه القوة الناطقة والكتابة نقوش على هيئات ومقادير معلومة لا تحصل بتفكير القوة الناطقة، فظهر أن الضحك والكتابة فرعان عن النطق لا يوجدان إلا تبعاً له. ولا يعقلان إلا تبعاً له فلم تعقل حقيقة الإِنسان دون النطق، بخلاف الضحك، والكتابة، فإن الحقيقة تعقل بدونهما كذا قالوا.
وأما الفرق الثاني: الذي هو كون الذاتي لا يعلل، والعرضي يعلل، فواضح فإنك لا تقول: لم كان الإِنسان ذا قوة مفكرة يقتدر بها على إدراك العلوم والآراء تعني النطق ولكن إذا رأيته يضحك أو يكتب شيئاً فإنك قد تقول له ما هو السبب الذي أضحكك وما هو السبب الذي حملك على كتابة هذا الذي كتبت.
وأما الفرق الثالث: الذي هو أن الذاتي لا تبقى الذات مع توهم رفعه أي عدمه فواضح. لأنك لو فرضت خلو حيوان من القوة العاقلة المفكرة التي يقتدر بها على إدراك العلوم والآراء لا يمكن أن يكون ذلك الحيوان إنساناً. ولا يرد على ذلك المعتوه الذي لا عقل له. والمجنون الفاقد العقل بالكلية لأن المراد بكونه ناطقاً أن ذلك هو طبيعته وجبلته التي جبل عليها. ولو زالت عن بعض الأفراد لسبب خاص.
فبهذه الفوارق الثلاثة تعرف الفرق بين الذاتي والعرضي.).
اسم الکتاب : الشرح الكبير لمختصر الأصول المؤلف : المنياوي، أبو المنذر    الجزء : 1  صفحة : 43
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست