اسم الکتاب : الشرح الكبير لمختصر الأصول المؤلف : المنياوي، أبو المنذر الجزء : 1 صفحة : 424
أولاً: عيسى ابن مريم - عليه الصلاة والسلام - نبي، والنبوة أفضل من الصحبة.
والثاني: أنه لم يجتمع به في حال تشبه اجتماع الناس به في الدنيا، بل اجتمع به في حال يعد آية سواءً في السماء أو في بيت المقدس، ولذلك لم يخطر في بال الصحابة - رضي الله عنهم - أنه من الصحابة فكانوا يقولون: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر.
ولابد أيضًا أن يكون مؤمنًا به [1] فإن كان مؤمنًا بغيره كما لو اجتمع به نصراني يؤمن بالأديان السابقة. لكن لم يؤمن بالرسول إلا بعد موت الرسول - صلى الله عليه وسلم -فلا يكون صحابيًا.
وقوله: (ومات على ذلك):
فإن مات على الردة فليس بصحابي؛ لأن الردة تبطلِ جميع الأعمال، قال الله تعالى: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا) [الفرقان: 23] والردة تمحو حتى الإسلام فضلاً عن الصحبة، فإن ارتد ثم عاد إلى الإِسلام فإن الأصح من أقوال أهل العلم أن صحبته تعود [2]؛ لأن الله تعالى اشترط لبطلان العمل بالردة أن يموت الإنسان على ردته فقال الله سبحانه وتعالى: (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) [البقرة: 217]). [1] وقول الشيخ: (مؤمنا) قيد هام، قال الطوفي في " شرح مختصر الروضة" (2/ 185): (وإنما شرطنا مع ذلك الإيمان؛ لأن الكفار الذين صحبوه ورأوه عليه السلام، لا يسمون صحابة بالاتفاق؛ فدل على أن الإيمان شرط في إطلاق اسم الصحابي). وقال ابن النجار في "شرح الكوكب" (2/ 467): (وقولنا "مسلما" ليخرج من رآه واجتمع به قبل النبوة ولم يره بعد ذلك، كما في زيد بن عمرو بن نفيل. فإنه مات قبل المبعث. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنه يبعث أمة وحده" كما رواه النسائي، وليخرج أيضا من رآه وهو كافر، ثم أسلم بعد موته). [2] قال الحافظ في "النزهة" (ص/52): (وقولي: ((ولو تخللت ردة))؛ أي: بين لقيه له مؤمنا به وبين موته على الإسلام؛ فإن اسم الصحبة باق له، سواء أرجع إلى الإسلام في حياته صلى الله عليه وآله وسلم أو بعده، وسواء ألقيه ثانيا أم لا!. وقولي: ((في الأصح))؛ إشارة إلى الخلاف في المسألة. ويدل على رجحان الأول قصة الأشعث بن قيس؛ فإنه كان ممن ارتد، وأتي به إلى أبي بكر الصديق أسيرا، فعاد إلى الإسلام، فقبل منه ذلك، وزوجه أخته، ولم يتخلف أحد عن ذكره في الصحابة ولا عن تخريج أحاديثه في المسانيد وغيرها.
اسم الکتاب : الشرح الكبير لمختصر الأصول المؤلف : المنياوي، أبو المنذر الجزء : 1 صفحة : 424