اسم الکتاب : العقد التليد في اختصار الدر النضيد = المعيد في أدب المفيد والمستفيد المؤلف : العَلْمَوي الجزء : 1 صفحة : 128
في مسألة فغدا إلى غيرها يقول: نفرغ من هذه المسألة ثم نعود إلى ما تريد[1]، والقصد من البحث ظهور الحق، وحصول الفائدة، واستفادة البعض من البعض لا القيام مع النفوس والجدل والمماراة، فإن ذلك مذموم شرعا، فلا يليق بأهل العلم تعاطي المناقشة بالمنافسة والشحناء؛ لأن ذلك يورث العداوة والبغضاء، بل يجب الاجتماع على الحق، عملا بقول الله تعالى: {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} [الأنفال: 8] وليزجر من تعدى في بحثه، وظهر منه سوء أدب، أو لدد[2]، أو ترك إنصاف بعد ظهور الحق، أو أكثر الصياح بغير فائدة، أو أساء أدبه على غيره من الحاضرين أو الغائبين، أو ترفع في المجلس على من هو أولى منه، أو نام، أو تحدث مع غيره، أو ضحك، أو استهزأ بأحد[3]، وينبغي أن يكون له نقيب فطن كيس درب يرتب الحاضرين ومن يدخل عليه على قدر منازلهم، ويوقظ النائم، وينبه الغافل، ويأمر بسماع الدروس والإنصات لها[4].
ومنها: أن يلازم[5] الإنصاف في بحثه وخطابه، ويسمع السؤال من مورده على وجهه، وإذا عجز السائل عن تقرير ما أورده لحياء ونحوه عبَّر الشيخ عن مراده، وبين وجه إيراده، ثم يجيبه عن ذلك السؤال، ويفهمه إياه على أحسن منوال، وينبغي أن تيودد لغريب حضر عنده لينشرح صدره، فإن للقادم دهشة[6]. [1] تذكرة السامع والمتكلم 40. [2] لدَّه يَلُدُّه لدًّا: خصمه، فهو لاد ولدود، تاج العروس 9/ 138. [3] تذكرة السامع والمتكلم 41، وانظر ما قاله أبو حازم الأعرج، وكان من العلماء الأبرار: "رأيتنا في مجلس زيد بن أسلم أربعين فقيها أدنى خصلة فينا التواسي بما في أيدينا، وما رأيت فيه متمارين ولا متنازعين في حديث لا ينفعنا ... ". انظر تذكرة الحفاظ 1/ 124. [4] تذكرة السامع والمتكلم 41، والحق أن بالمذاكرة يثبت المحفوظ، وأن مذاكرة حاذق في الفن ساعة أنفع من المذاكرة والمطالعة والحفظ ساعات بل أيام. [5] تذكرة السامع والمتكلم 41. [6] تذكرة السامع والمتكلم 43، وهناك أمثلة كثيرة تدل على مثل هذه الشفقة على المتعلم، وعن سعيد بن المسيب -رضي الله عنه- قال: قلت لسعد بن مالك: إني أريد أن أسألك عن شيء، وإني أهابك، فقال: لا تهبني يابن أخي، إذا علمت أن عندي علما فسلني عنه.
اسم الکتاب : العقد التليد في اختصار الدر النضيد = المعيد في أدب المفيد والمستفيد المؤلف : العَلْمَوي الجزء : 1 صفحة : 128