responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 97
وَكَمَا تَقُولُ: الْحَجُّ وَاجِبٌ فِي كُلِّ الْعُمُرِ مَرَّةً وَاحِدَةً فَتُصَرِّحُ بِالْعُمُومِ فِي الْعُمُرِ وَتُرِيدُهُ وَمَعَ ذَلِكَ فَمَظْرُوفُهُ حُجَّةٌ وَاحِدَةٌ.
وَهُوَ مُطْلَقُ الْحَجِّ فَكَمَا أَنَّهُ إذَا حَجَّ حَجَّةً وَاحِدَةً فِي عُمُرِهِ يَبْقَى بَقِيَّةَ عُمُرِهِ لَا يَلْزَمُهُ فِيهَا حَجٌّ كَذَلِكَ إذَا لَزِمَهُ بِزَمَانٍ وَاحِدٍ فِي مَتَى وَأَيْنَ أَوْ فِي بُقْعَةٍ وَاحِدَةٍ فِي حَيْثُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَتَبْقَى بَقِيَّةُ الْأَزْمِنَةِ وَالْبِقَاعِ لَا يَلْزَمُهُ فِيهَا طَلَاقٌ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذِهِ الصِّيَغَ لِلْعُمُومِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِيهَا إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنْ قُلْت: فَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ بِإِذَا إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا فِي مَتَى إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَكَيْفَ يَظْهَرُ أَثَرُ الْعُمُومِ وَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُ الْعُمُومِ كَيْفَ يُقْضَى بِهِ وَنَحْنُ إنَّمَا قَضَيْنَا بِالْعُمُومِ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ مَثَلًا مَنْ دَخَلَ دَارِي فَلَهُ دِرْهَمٌ إلَّا بِظُهُورِ أَثَرِ ذَلِكَ فَإِنَّ كُلَّ مَنْ دَخَلَ يَسْتَحِقُّ وَمَنْ أَحْرَمَ اسْتَحَقَّ مَانِعُهُ الذَّمَّ فَإِذَا ذَهَبَتْ هَذِهِ الْآثَارُ وَاتَّحَدَتْ الْأَحْكَامُ بَيْنَ الْمُطْلَقَاتِ وَالْعُمُومَاتِ وَكَانَ الطَّلَاقُ فِي زَمَنٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ فِي الْقِسْمَيْنِ وَأَنَّ ذَلِكَ الزَّمَانَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فِيهِمَا كَانَ الْقَوْلُ بِالْعُمُومِ فِي أَحَدِهِمَا وَالْإِطْلَاقُ فِي الْآخَرِ تَحَكُّمًا مَحْضًا وَالتَّحَكُّمُ الْمَحْضُ لَا عِبْرَةَ بِهِ وَالْعُلَمَاءُ بُرَآءُ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ أَيْنَ فَهِمَ الْعُلَمَاءُ الْعُمُومَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَعَادَ الْإِشْكَالُ؟ قُلْت سُؤَالٌ حَسَنٌ قَوِيٌّ وَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
(أَحَدُهُمَا) ظَوَاهِرُ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] لَا يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا الْأَمْرُ بِقَتْلِهِمْ فِي جَمِيعِ الْبِقَاعِ وَثَانِيهَا قَوْله تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى {حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} [النساء: 91] لَا يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا ذَلِكَ وَثَالِثُهَا قَوْله تَعَالَى {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} [النساء: 78] مَعْنَاهُ فِي أَيِّ بُقْعَةٍ كُنْتُمْ وَرَابِعُهَا قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4] مَعْنَاهُ عِلْمُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُحِيطٌ بِالْخَلَائِقِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSطَلْقَةً، ثُمَّ أَكَّدَهُ بِقَوْلِهِ وَاحِدَةً.
قَالَ: (وَكَمَا نَقُولُ الْحَجُّ وَاجِبٌ فِي كُلِّ الْعُمُرِ مَرَّةً إلَى قَوْلِهِ يَبْقَى بَقِيَّةَ عُمُرِهِ لَا يَلْزَمُهُ فِيهَا حَجٌّ) قُلْتُ: جَمِيعُ مَا قَالَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّ لَفْظَ كُلِّ الْعُمُرِ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ وَلَفْظُ مَرَّةً وَاحِدَةً لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الْإِطْلَاقِ.
قَالَ: (كَذَلِكَ إذَا لَزِمَهُ بِزَمَانٍ وَاحِدٍ فِي مَتَى وَأَيْنَ أَوْ فِي بُقْعَةٍ وَاحِدَةٍ فِي حَيْثُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إلَى آخِرِ قَوْلِهِ فَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذِهِ الصِّيَغَ لِلْعُمُومِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِيهَا إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ) قُلْتُ: مَسَاقُ أَيْنَ مَعَ مَتَى يَقْتَضِي أَنَّهَا عِنْدَهُ لِلزَّمَانِ وَهَذَا غَايَةُ الْخَطَأِ وَقَوْلُهُ فَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ لَيْسَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذُكِرَ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ، وَمَا أَرَاهُ فَهِمَ كَلَامَهُمْ وَلَا عَرَفَ مَرَامَهُمْ أَلْبَتَّةَ.
قَالَ: (فَإِنْ قُلْتُ: إلَى آخِرِ مَا جَعَلَهُ جَوَابًا لِهَذَا السُّؤَالِ) قُلْتُ: السُّؤَالُ وَارِدٌ لَازِمٌ وَمَا جَعَلَهُ جَوَابًا لَيْسَ بِجَوَابٍ وَلَكِنَّهُ احْتِجَاجٌ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْأَلْفَاظَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالرَّيْبُ لِوَقْتِ الْخِطَابِ فَأْتُوا بِسُورَةٍ أَيْ فَأَنْتُمْ مُطَالَبُونَ بِمَا يُزِيلُهُ وَهُوَ الْمُعَارَضَةُ الْمُفِيدَةُ لِلْجَزْمِ وَبَعْدَ الْوَاوِ فِي مَقَامِ التَّأْكِيدِ فِي نَحْوِ زَيْدٌ وَإِنْ كَثُرَ مَالُهُ بَخِيلٌ حَيْثُ اُعْتُبِرَ كَوْنُ الْوَاوِ لِلْعَطْفِ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ إنْ لَمْ يُكْثِرْ مَالُهُ وَإِنْ كَثُرَ مَالُهُ وَكَوْنُ إنْ شَرْطِيَّةً وَلَوْ لَمْ يُقَدَّرْ لَهَا جَوَابٌ إذْ قَوْلُهُمْ إنْ الشَّرْطِيَّةُ لَهَا شَرْطٌ وَجَزَاءٌ غَالِبِيٌّ لَا كُلِّيٌّ وَقَلِيلًا فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَقَوْلِ أَبِي الْعَلَاءِ الْمَعَرِّيِّ:
فَيَا وَطَنِي إنْ فَاتَنِي بِك سَابِقٌ ... مِنْ الدَّهْرِ فَلْيَنْعَمْ لِسَاكِنِك الْبَالُ
أَيْ إنْ كَانَ زَمَنٌ سَابِقٌ فَوَّتَ عَلَيَّ الْإِقَامَةَ وَالسُّكْنَى فِي وَطَنِي وَلَمْ يَتَيَسَّرْ لِي الْإِقَامَةُ فِيهِ وَتَوَلَّاهُ غَيْرِي فَلَا لَوْمَ عَلَيَّ لِأَنِّي تَرَكْتُهُ مِنْ غَيْرِ عَيْبٍ فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَلْتَطِبْ نَفْسُ ذَلِكَ السَّاكِنِ وَلْيَنْعَمْ بَالُهُ وَالْغَرَضُ مِنْ ذَلِكَ إظْهَارُ التَّحَسُّرِ وَالتَّحَزُّنِ عَلَى مُفَارَقَةِ الْوَطَنِ وَالشَّاهِدُ فِي قَوْلِهِ إنْ فَاتَنِي فَإِنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْمَاضِي لَفْظًا وَمَعْنًى وَأَمَّا لَوْ فَتَتَعَلَّقُ بِالْمَاضِي قَالَ السَّعْدُ: وَمَذْهَبُ الْمُبَرِّدِ أَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ اسْتِعْمَالَ إنْ وَهُوَ مَعَ قِلَّتِهِ ثَابِتٌ اهـ.
قَالَ الدُّسُوقِيُّ نَحْوَ قَوْلِهِ:
وَلَوْ تَلْتَقِي أَصْدَاؤُنَا بَعْدَ مَوْتِنَا ... وَمِنْ دُونِ رَمْسِينَا مِنْ الْأَرْضِ سَبْسَبٌ
لَظَلَّ صَدَى صَوْتِي وَإِنْ كُنْت رِمَّةً ... لِصَوْتِ صَدَى لَيْلَى يَهَشُّ وَيَطْرَبُ
وَلَوْ شَرْطِيَّةٌ مَعَ الْمَاضِي وَلَهَا ثَلَاثُ اسْتِعْمَالَاتٍ: أَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ لِلتَّرْتِيبِ

اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 97
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست