responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 94
شَرْطًا وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ مَتَى فُرِضَ إرَادَتُنَا أَنْ نَرُدَّكُمْ مَلَائِكَةً كُنْتُمْ مَلَائِكَةً وَمَتَى فُرِضَ إرَادَتُنَا لِهِدَايَةِ نَفْسٍ اهْتَدَتْ وَمَتَى فُرِضَ إرَادَتِنَا لِكَوْنِ شَيْءٍ كَانَ وَمَتَى فُرِضَ إرَادَتُنَا لِإِهْلَاكِ قَرْيَةٍ وَكَانَ السَّبَبُ فِي إهْلَاكِهَا أَمْرُ مُتْرَفِيهَا فَيَفْسُقُونَ وَمَتَى فُرِضَ عِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّ فِيكُمْ خَيْرًا آتَاكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ هَذِهِ النَّظَائِرِ فَجَمِيعُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مِنْ تَعَلُّقِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى إنَّمَا هُوَ مَفْرُوضٌ مُقَدَّرٌ لَا أَنَّهُ وَاقِعٌ وَالْفَرْضُ وَالتَّقْدِيرُ أَمْرٌ مُتَوَقَّعٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَيْسَ أَزَلِيًّا فَلِذَلِكَ حَسُنَ التَّعْلِيقُ فِيهِ عَلَى الشَّرْطِ فَإِنْ قُلْت بَلْ هَذَا التَّقْدِيرُ أَزَلِيٌّ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ فِي الْأَزَلِ أَنَّهُ لَوْ شَاءَ لَجَعَلْنَا مَلَائِكَةً وَلَوْ شَاءَ هِدَايَةَ نَفْسٍ لَاهْتَدَتْ وَالْعِلْمُ تَابِعٌ لِلْمَعْلُومِ فَيَكُونُ الْعِلْمُ بِهَذَا التَّقْدِيرِ فَرْعُ تَحَقُّقِ التَّقْدِيرِ لَكِنَّ الْعِلْمَ بِذَلِكَ أَزَلِيٌّ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ أَزَلِيًّا فَيَمْتَنِعُ تَعْلِيقُهُ قُلْت: الْوَاقِعُ فِي الْأَزَلِ هُوَ الْعِلْمُ بِارْتِبَاطِ الْهِدَايَةِ وَالْعِلْمُ بِارْتِبَاطِ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ لَا يَقْتَضِي وُقُوعَ ذَيْنِكَ الشَّيْئَيْنِ وَلَا أَحَدِهِمَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْلَمُ فِي الْأَزَلِ ارْتِبَاطَ الرِّيِّ بِالشُّرْبِ وَالشِّبَعِ بِالْأَكْلِ فَعِلْمُهُ تَعَالَى بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَزَلِيٌّ.
وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ حَادِثَةٌ كَذَلِكَ هَا هُنَا يَعْلَمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي الْأَزَلِ ارْتِبَاطَ الْهِدَايَةِ بِفَرْضِ إرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهَا فَيَكُونُ الْعِلْمُ بِذَلِكَ قَدِيمًا وَالْمَعْلُومُ وَهُوَ هَذَانِ الْأَمْرَانِ حَادِثَانِ وَمَعْنَى قَوْلِنَا الْعِلْمُ تَابِعٌ لِلْمَعْلُومِ أَيْ تَابِعٌ لِتَقْدِيرِهِ فِي زَمَانِهِ مَاضِيًا كَانَ أَوْ حَاضِرًا أَوْ مُسْتَقْبَلًا فَنَعْلَمُ أَنَّ الْقِيَامَةَ تَقُومُ فَعِلْمُنَا حَاضِرٌ وَمَعْلُومُنَا مُسْتَقْبَلٌ لَكِنَّ الْمُتَقَدِّمَ عَلَى عِلْمِنَا بِالرُّتْبَةِ الْعَقْلِيَّةِ هُوَ تَقْدِيرُ الْمَعْلُومِ فِي زَمَانِهِ لَا ذَاتُ الْمَعْلُومِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَأَثْبِتْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِمْ الْخَبَرُ تَابِعٌ لِلْمُخْبَرِ بِهَذَا التَّفْسِيرِ فَإِنْ قُلْت: الِارْتِبَاطُ بَيَّنَ إرَادَةَ اللَّهِ تَعَالَى الْهِدَايَةَ وَالْهِدَايَةُ أَزَلِيٌّ فَإِنَّ هَذَا الِارْتِبَاطَ وَاجِبٌ عَقْلًا وَالْوَاجِبَاتُ الْعَقْلِيَّةُ لَا تَقْبَلُ الْعَدَمَ وَمَا لَا يَقْبَلُ الْعَدَمَ أَزَلِيٌّ فَالِارْتِبَاطُ أَزَلِيٌّ وَقَدْ جُعِلَ شَرْطًا مَعَ أَنَّهُ أَزَلِيٌّ قُلْت: لَمْ يُجْعَلْ الِارْتِبَاطُ شَرْطًا بَلْ الْمُرْتَبَطُ بِهِ خَاصَّةً وَهُوَ
ـــــــــــــــــــــــــــــSشَرْطًا وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ مَتَى فُرِضَ إرَادَتُنَا أَنْ نَرُدَّكُمْ مَلَائِكَةً كُنْتُمْ مَلَائِكَةً وَمَتَى فُرِضَ إرَادَتُنَا لِهِدَايَةِ نَفْسٍ اهْتَدَتْ وَمَتَى فُرِضَ إرَادَتُنَا لِكَوْنِ شَيْءٍ كَانَ وَمَتَى فُرِضَ إرَادَتُنَا لِإِهْلَاكِ قَرْيَةٍ كَانَ السَّبَبُ فِي إهْلَاكِهَا أَمْرَ مُتْرَفِيهَا فَيَفْسُقُونَ. وَمَتَى فُرِضَ عِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّ فِيكُمْ خَيْرًا آتَاكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ هَذِهِ النَّظَائِرِ فَجَمِيعُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مِنْ تَعَلُّقِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى إنَّمَا هُوَ مَفْرُوضٌ مُقَدَّرٌ لَا أَنَّهُ وَاقِعٌ وَالْفَرْضُ وَالتَّقْدِيرُ أَمْرٌ مُتَوَقَّعٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَيْسَ أَزَلِيًّا فَلِذَلِكَ حَسُنَ التَّعْلِيقُ فِيهِ عَلَى الشَّرْطِ) قُلْتُ: هَذَا الْفَرْضُ وَالتَّقْدِيرُ الَّذِي زَعَمَ لَا يَخْلُو أَنْ يُرِيدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ فَارِضُ ذَلِكَ الْفَرْضِ أَوْ يُرِيدَ أَنَّ غَيْرَهُ هُوَ فَارِضُ ذَلِكَ الْفَرْضِ فَإِنَّ أَرَادَ الْأَوَّلَ فَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الْجَهْلَ بِالْوَاقِعِ وَإِنْ أَرَادَ الثَّانِيَ فَلَا يَصِحُّ تَأْوِيلُ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِمَشِيئَةِ غَيْرِهِ وَبِالْجُمْلَةِ فَكَلَامُهُ هُنَا خَطَأٌ صُرَاحٌ.
قَالَ: (فَإِنْ قُلْتَ: بَلْ هَذَا التَّقْدِيرُ أَزَلِيٌّ إلَى آخِرِ جَوَابِهِ) قُلْتُ: وَهَذَا السُّؤَالُ مِنِّي عَلَى جَوَازِ مِثْلِ هَذَا التَّقْدِيرِ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَالسُّؤَالُ سَاقِطٌ وَجَوَابُهُ كَذَلِكَ.
قَالَ: (فَإِنْ قُلْتَ: الِارْتِبَاطُ بَيْنَ إرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى الْهِدَايَةَ وَالْهِدَايَةُ أَزَلِيٌّ إلَى آخِرِ السُّؤَالِ) قُلْتُ: السُّؤَالُ وَارِدٌ قَالَ: (قُلْتَ: لَمْ يَجْعَلْ الِارْتِبَاطَ شَرْطًا بَلْ الْمُرْتَبَطُ بِهِ خَاصَّةً وَهُوَ الْمَشِيئَةُ الْمَفْرُوضَةُ أَمَّا الِارْتِبَاطُ بِهَا فَلَمْ يُجْعَلْ شَرْطًا أَصْلًا) .
قُلْتُ:
ـــــــــــــــــــــــــــــQ {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا} [الأحزاب: 50] أَنَّ مِثْلَ هَذَا يَجِيءُ فِي الْمُحْتَمَلِ لِلتَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ وَأَيْضًا لَا مَانِعَ مِنْ تَسْوِيغِ قَوْلِ الْقَائِلِ إنْ طَلُقَتْ الْمَرْأَةُ إنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا حَلَّ نِكَاحُهَا وَقَوْلُهُ إنْ تَتَّجِرَ إنْ تَرْبَحْ فِي تِجَارَتِك تَصَدَّقْ بِدِينَارٍ وَأَنَّهُ كَلَامٌ عَرَبِيٌّ مَعَ أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ فِي اللَّفْظِ مُتَقَدِّمٌ فِي الْوُقُوعِ فَظَهَرَ أَنَّ مِثْلَ هَذَا سَائِغٌ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالْمَالِكِيَّةِ قَالَ الْأَمِيرُ فِي شَرْحِ مَجْمُوعِهِ وَضَوْءِ شُمُوعِهِ فَإِنَّ الِاتِّصَافَ احْتِمَالُ الْعَكْسِ أَيْ إنْ كَلَّمْت فَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَالْحَالِفُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يُرَاعِيَ الْعَرَبِيَّةَ وَيَأْتِي بِالْفَاءِ عَلَى أَنَّ الْفَاءَ قَدْ تُحْذَفُ فَاحْتِيطَ أَيْ بِأَعْمَالِ كُلٍّ مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْقِسْمُ الثَّانِي تَعَدُّدُ الشَّرْطِ اللُّغَوِيِّ كَذَلِكَ بِالْعَطْفِ بِالْوَاوِ مَعَ تَكَرُّرِ حَرْفِ الشَّرْطِ أَوْ مَعَ عَدَمِ تَكَرُّرِهِ فَفِي نَحْوِ إنْ أَكَلْت وَإِنْ لَبِسْت فَأَنْتِ طَالِقٌ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إذَا وَقَعَ كُلٌّ مِنْ الْأَكْلِ أَوْ اللُّبْسِ قَبْلَ صَاحِبِهِ أَوْ مَعَهُ بَلْ وَلَوْ انْفَرَدَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِأَنَّ تَكَرُّرَ حَرْفِ الشَّرْطِ يَدُلُّ عَلَى اسْتِقْلَالِ كُلِّ وَاحِدٍ بِالشَّرْطِيَّةِ وَحَرْفُ الشَّرْطِ وَإِنْ تَكَرَّرَ مَعَ الْفِعْلَيْنِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءٌ فَتَطْلُقُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَلْقَةً كَمَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي الْمُهَذَّبِ إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ التَّشْرِيكَ بِالْعَاطِفِ أَصْلُ الْمَعْنَى دُونَ مُتَعَلِّقَاتِهِ وَظُرُوفِهِ وَأَحْوَالِهِ.
فَإِذَا قُلْتُ: مَرَرْت بِزَيْدٍ قَائِمًا أَوْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ أَمَامَك وَعَمْرُو لَمْ يَلْزَمْ تَشْرِيكُ عَمْرٍو إلَّا فِي أَصْلِ الْمُرُورِ وَإِذَا قُلْتُ: اشْتَرَيْت هَذَا الثَّوْبَ بِدِرْهَمٍ وَالْفَرَسَ لَمْ يَلْزَمْ الِاشْتِرَاكُ فِي الدِّرْهَمِ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بَلْ فِي أَصْلِ الْفِعْلِ وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنَّ التَّشْرِيكَ هُنَا فِي أَصْلِ الشَّرْطِيَّةِ دُونَ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْمُتَعَلِّقَاتِ فَالْتِزَامُ التَّشْرِيكِ فِي الْجَمِيعِ الْتِزَامٌ لِمَا لَا يَلْزَمُ نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: يُحْتَمَلُ قَصْدُ تَعَدُّدِ الْجَوَابِ وَاخْتِصَارُهُ لَفْظًا فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ طَلَّقَ وَشَكَّ فِي الْعَدَدِ فَيُحْمَلُ عَلَى الثَّلَاثِ احْتِيَاطًا وَفِي نَحْوِ إنْ أَكَلْت وَلَبِسْت فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا يَلْزَمُ الطَّلَاقُ إلَّا بِمَجْمُوعِ الْفِعْلَيْنِ بِلَا تَرْتِيبٍ بَيْنَهُمَا بِاتِّفَاقِ الْفَرْقِ بَلْ أَيُّهُمَا وَقَعَ قَبْلَ صَاحِبِهِ اُعْتُبِرَ وَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ الْآخَرِ

اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 94
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست