responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 91
بَيْنَ عَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ وَعَدَمِ الْإِرْثِ لَيْسَ بِحَقٍّ فَمَقْصُودُك قَطْعُ رَبْطِ كَلَامِهِ لَا ارْتِبَاطُ كَلَامِك وَتَقُولُ لَوْ لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ عَالِمًا لَأَكْرَمَ أَيْ لِشَجَاعَتِهِ جَوَابًا لِسُؤَالِ سَائِلٍ تَتَوَهَّمُهُ أَوْ سَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ: إنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا لَمْ يُكْرَمْ فَيَرْبِطُ بَيْنَ عَدَمِ الْعِلْمِ وَعَدَمِ الْإِكْرَامِ فَتَقْطَعُ أَنْتَ ذَلِكَ الرَّبْطَ وَلَيْسَ مَقْصُودُك أَنْ تَرْبِطَ بَيْنَ عَدَمِ الْعِلْمِ وَالْإِكْرَامِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُنَاسِبٍ وَلَا مِنْ أَغْرَاضِ الْعُقَلَاءِ وَلَا يُتَّجَهُ كَلَامُك إلَّا عَلَى عَدَمِ الرَّبْطِ كَذَلِكَ الْحَدِيثُ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَرْتَبِطَ عِصْيَانُهُمْ بِعَدَمِ خَوْفِهِمْ وَأَنَّ ذَلِكَ فِي الْأَوْهَامِ قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُنَا الرَّبْطَ وَقَالَ: «لَوْ لَمْ يَخَفْ اللَّهَ لَمْ يَعْصِهِ» وَكَذَلِكَ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى الْأَوْهَامِ أَنَّ الشَّجَرَ كُلَّهَا إذَا صَارَتْ أَقْلَامًا وَالْبَحْرَ الْمَالِحَ مَعَ غَيْرِهِ مِدَادًا يُكْتَبُ بِهِ يَقُولُ الْوَهْمُ مَا يُكْتَبُ بِهَذَا شَيْءٌ إلَّا نَفِدَ وَمَا عَسَاهُ أَنْ يَكُونَ قَطْعُ اللَّهِ تَعَالَى هَذَا الرَّبْطَ وَقَالَ مَا نَفِدَتْ وَهَذَا الْجَوَابُ أَصْلَحُ مِنْ الْأَجْوِبَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا شُمُولُهُ لِهَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ وَبَعْضُهَا لَمْ يَشْمَلْ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَثَانِيهمَا أَنَّ لَوْ بِمَعْنَى أَنَّ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَمُخَالِفٌ لِلْعُرْفِ وَادِّعَاءُ النَّقْلِ خِلَافُ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ وَحَذْفُ الْجَوَابِ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ الْجَوَابِ لَيْسَ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلْعُرْفِ فَإِنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ يَسْتَعْمِلُونَ مَا ذَكَرْتُهُ وَلَا
ـــــــــــــــــــــــــــــSبَيْنَ عَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ وَعَدَمِ الْإِرْثِ لَيْسَ بِحَقٍّ فَمَقْصُودُك قَطْعُ رَبْطِ كَلَامِهِ كَذَلِكَ الْحَدِيثُ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَرْتَبِطَ عِصْيَانُهُمْ بِعَدَمِ خَوْفِهِمْ وَأَنَّ ذَلِكَ فِي الْأَوْهَامِ قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا الرَّبْطَ وَقَالَ: «لَوْ لَمْ يَخَفْ اللَّهَ لَمْ يَعْصِهِ» وَكَذَلِكَ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى الْأَوْهَامِ أَنَّ الشَّجَرَ كُلَّهَا إذَا صَارَتْ أَقْلَامًا وَالْبَحْرَ الْمَالِحَ مَعَ غَيْرِهِ مِدَادًا يُكْتَبُ بِهِ يَقُولُ الْوَهْمُ مَا يُكْتَبُ بِهَذَا شَيْءٌ إلَّا نَفِدَ وَمَا عَسَاهُ أَنْ يَكُونَ قَطَعَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الرَّبْطَ وَقَالَ: مَا نَفِدَتْ) .
قُلْتُ: جَوَابُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ عُصْفُورٍ يَقْتَضِي أَنَّهَا مَجَازٌ فِي الْحَدِيثِ وَالْمَجَازُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَلَا يُدَّعَى إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَأَمَّا جَوَابُ شَمْسِ الدِّينِ فَهُوَ الصَّحِيحُ غَيْرَ قَوْلِهِ إنَّمَا اشْتَهَرَتْ فِي الْعُرْفِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْعُرْفَ الَّذِي ادَّعَاهُ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ اللُّغَةِ وَلَا عَنْ الشَّرْعِ فَهُوَ عُرْفٌ لِغَيْرِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَلِغَيْرِ أَهْلِ الشَّرْعِ وَلَا حُجَّةَ فِي عُرْفِ غَيْرِهِمَا وَلَا اعْتِبَارَ بِهِ فِي مِثْلِ هَذَا.
وَأَمَّا جَوَابُ عِزِّ الدِّينِ فَغَايَتُهُ إنْ أَبْدَى وَجْهًا لِمُطْلَقِ الرَّبْطِ وَارْتِفَاعِ تَوَهُّمِ ذَلِكَ الْمَفْهُومِ وَأَمَّا جَوَابُ مَنْ قَالَ بِحَذْفِ الْجَوَابِ فَحَذْفُ الْمَحْذُوفِ لَا يَثْبُتُ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَلَا ضَرُورَةَ هُنَا وَأَمَّا جَوَابُهُ هُوَ فَمُحْوِجٌ إلَى تَكَلُّفِ سَبْقِ كَلَامٍ يَكُونُ هَذَا جَوَابًا لَهُ وَتَقْدِيرُ ذَلِكَ وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ فِي الْآيَةِ أَمَّا سَبْقُ كَلَامٍ يَكُونُ هَذَا جَوَابًا لَهُ فَلَمْ يَكُنْ فِي الْأَزَلِ مَنْ يَكُونُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى جَوَابًا لَهُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى جَوَابًا لَهُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى تَقْدِيرِ سَبْقِ كَلَامٍ فَإِنَّ هَذَا التَّقْدِيرَ إنَّمَا مَعْنَاهُ احْتِمَالُ سَبْقِ كَلَامِ اللَّهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ مِثْلِ هَذَا الِاحْتِمَالِ إذْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ الْعَالِمُ بِمَا كَانَ وَبِمَا يَكُونُ وَبِمَا لَمْ يَكُنْ وَلَا يَكُونُ فَإِنْ قِيلَ: جَازَ ذَلِكَ فِي الْآيَةِ عَلَى مَا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ مِنْ تَوَهُّمِ مَنْ يَسْمَعُ وَالْآيَةُ كَذَلِكَ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ تَكَلُّفٌ يُغْنِي عَنْهُ أَنَّهَا لِمُطْلَقِ الرَّبْطِ.
قَالَ: (وَهَذَا الْجَوَابُ أَصْلَحُ مِنْ الْأَجْوِبَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ إلَى آخَرِ الْمَسْأَلَةِ) قُلْتُ: قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِأَصْلَحَ وَفِيهِ دَعْوَى سَبْقِ كَلَامٍ يَكُونُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفُلَانٌ يَبْغُضُنِي فَيَقُولُ: أَنَا أُحِبُّك وَيَزْعُمُ أَنَّهُ قَدْ صَدَّقَهُ وَلَا يَدْرِي حَقِيقَةَ ذَلِكَ وَالْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمِنْ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَفِي الثَّانِيَةِ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ، وَصُورَةُ الْوَجْهِ الْخَامِسِ أَنْ يَقُولَ: امْرَأَتِي طَالِقٌ إنْ كَانَ أَمْسِ كَذَا وَكَذَا لِشَيْءٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ وَأَنْ لَا يَكُونَ وَلَا طَرِيقَ إلَى اسْتِعْلَامِهِ وَأَنْ يَشُكَّ فِي أَيِّ امْرَأَةٍ مِنْ امْرَأَتَيْهِ طَلَّقَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى فِرَاقِهِمَا جَمِيعًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهَا وَالشَّكُّ فِي مَسْأَلَتِنَا مِنْ قَبِيلِ هَذَا الْوَجْهِ الْخَامِسِ كَمَا لَا يَخْفَى فَانْظُرْ كَيْفَ يَتَأَتَّى فِيهِ جَرَيَانُ أَصْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ إلْغَاءِ الشَّكِّ وَاسْتِصْحَابِ الْعِصْمَةِ مَعَ حِكَايَةِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ الِاتِّفَاقَ فِيهِ عَلَى الْجَبْرِ عَلَى الطَّلَاقِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ بِإِنْصَافٍ وَحَرِّرْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ]
(الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ) لِتَعَدُّدِ الشَّرْطِ اللُّغَوِيِّ مَعَ اتِّحَادِ الْجَوَابِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ تَعَدُّدُهُ كَذَلِكَ بِدُونِ عَطْفٍ مَعَ تَكَرُّرِ حَرْفِ الشَّرْطِ وَيُسَمِّيهِ الْفُقَهَاءُ تَعْلِيقَ التَّعْلِيقِ وَالنُّحَاةُ اعْتِرَاضَ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ وَقَدْ أُفْرِدَ بِالتَّأْلِيفِ نَحْوَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَهُوَ يَحْتَمِلُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَنْ يُجْعَلَ الْجَوَابُ لَهُمَا مَعًا وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ اجْتِمَاعِ عَامِلَيْنِ عَلَى مَعْمُولٍ وَاحِدٍ، الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ لَا يُجْعَلَ جَوَابًا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ الْإِتْيَانِ بِمَا لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْكَلَامِ وَتَرْكِ مَا لَهُ دَخْلٌ وَهُوَ عَبَثٌ، الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنْ يُجْعَلَ جَوَابًا لِلثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي وَجَوَابُهُ جَوَابًا لِلْأَوَّلِ وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ الْإِتْيَانُ بِالْفَاءِ الرَّابِطَةِ وَلَا فَاءَ، الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَهُوَ الْمُتَعَيِّنُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا لِلْأَوَّلِ وَهُوَ وَجَوَابُهُ دَلِيلُ جَوَابِ الثَّانِي وَهُوَ رَأْيُ الْفَرَّاءِ وَاقْتَصَرَ فِي الْمُغْنِي وَابْنُ مَالِكٍ فِي التَّسْهِيلِ عَلَيْهِ.
وَذَكَرَ ابْنُ هِشَامٍ النَّحْوِيُّ فِي حَوَاشِي الْأَلْفِيَّةِ عَنْ الْفَرَّاءِ أَنَّهُ سَأَلَ الْفُقَهَاءَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَاخْتَلَفُوا عَلَيْهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَطْلُقُ إلَّا بِوُقُوعِ الشَّرْطَيْنِ مَرَّتَيْنِ كَتَرْتِيبِهِمَا فِي الذِّكْرِ وَقِيلَ بِشَرْطِ انْعِكَاسِ التَّرْتِيبِ وَقِيلَ: تَطْلُقُ بِهِمَا مُطْلَقًا وَقِيلَ بِوُقُوعِ أَيِّ شَرْطٍ كَانَ وَاخْتَارَ الْفَرَّاءُ الثَّانِيَ وَوَجَّهَهُ بِالْوَجْهِ

اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 91
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست