responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 8
الْخَبَرُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ رِوَايَةٌ مَحْضَةٌ كَالْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ وَشَهَادَةٌ مَحْضَةٌ كَإِخْبَارِ الشُّهُودِ عَنْ الْحُقُوقِ عَلَى الْمُعَيَّنِينَ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَمُرَكَّبٌ مِنْ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ وَلَهُ صُوَرٌ أَحَدُهَا الْإِخْبَارُ عَنْ رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الصَّوْمَ لَا يَخْتَصُّ بِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ بَلْ عَامٌّ عَلَى جَمِيعِ الْمِصْرِ أَوْ أَهْلِ الْآفَاقِ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي كُلِّ قَوْمٍ رُؤْيَتُهُمْ أَمْ لَا فَهُوَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ رِوَايَةٌ لِعَدَمِ الِاخْتِصَاصِ بِمُعَيَّنٍ وَعُمُومِ الْحُكْمِ وَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُ حُكْمٌ يَخْتَصُّ بِهَذَا الْعَامِّ دُونَ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ وَبِهَذَا الْقَرْنِ مِنْ النَّاسِ دُونَ الْقُرُونِ الْمَاضِيَةِ وَالْآتِيَةِ صَارَ فِيهِ خُصُوصٌ وَعَدَمُ عُمُومٍ فَأَشْبَهَ الشَّهَادَةَ.
وَحَصَلَ الشَّبَهَانِ فَجَرَى الْخِلَافُ وَأَمْكَنَ تَرْجِيحُ أَحَدِ الشَّبَهَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، وَاتَّجَهَ الْفِقْهُ فِي الْمَذْهَبَيْنِ فَإِنْ عَضَّدَ أَحَدَ الشَّبَهَيْنِ حَدِيثٌ أَوْ قِيَاسٌ تَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ
وَثَانِيهَا الْقَائِفُ فِي إثْبَاتِ الْأَنْسَابِ بِالْخَلْقِ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ أَمْ لَا قَوْلَانِ لِحُصُولِ الشَّبَهَيْنِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يُخْبِرُ أَنَّ زَيْدًا ابْنُ عُمَرَ وَلَيْسَ ابْنَ خَالِدٍ وَهُوَ حُكْمٌ جَرَى عَلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ لَا يَتَعَدَّاهُ إلَى غَيْرِهِ فَأَشْبَهَ الشَّهَادَةَ فَيُشْتَرَطُ الْعَدَدُ وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ الْقَائِفَ مُنْتَصِبٌ انْتِصَابًا عَامًّا لِلنَّاسِ أَجْمَعِينَ أَشْبَهَ الرِّوَايَةَ فَيَكْفِي الْوَاحِدُ غَيْرَ أَنَّ شَبَهَ الشَّهَادَةِ هُنَا أَقْوَى لِلْقَضَاءِ عَلَى الْمُعَيَّنِ وَتَوَقُّعِ الْعَدَاوَةِ وَالتُّهْمَةِ فِي الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ، وَكَوْنُهُ مُنْتَصِبًا انْتِصَابًا عَامًّا مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّاهِدِ فَإِنَّهُ مُنْتَصِبٌ لِكُلِّ مَنْ تَتَعَيَّنُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSكَلَامُهُ الْأَوَّلُ صَحِيحٌ مُسْتَقِلٌّ بِالتَّعْلِيلِ كَمَا فِي الْمَرْأَةِ بَلْ أَوْلَى، وَالثَّانِي يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا مُسْتَقِلًّا أَيْضًا لِعَدَمِ قَبُولِ شَهَادَةِ الْعَبْدِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ مِنْ جِهَةِ أَنَّ احْتِمَالَ الْعَدَاوَةِ لَمْ يَثْبُتْ عِلَّةً فِي عَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ فِي الْحُرِّ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنَّ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ فَرْقًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ فِي الْحُرِّ مُجَرَّدَ احْتِمَالِ الْعَدَاوَةِ وَفِي الْعَبْدِ تَحَقَّقَ سَبَبُ الْعَدَاوَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ شِهَابُ الدِّينِ (الْخَبَرُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ إلَى قَوْلِهِ وَلَهُ صُوَرٌ أَحَدُهَا: الْإِخْبَارُ عَنْ رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ، ثُمَّ قَالَ مَا مَعْنَاهُ إنَّهُ رِوَايَةٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ، وَشَهَادَةٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ خَاصٌّ بِهَذَا الْعَامِ وَبِهَذَا الْقَرْنِ) قُلْتُ أَمَّا قَوْلُهُ إنَّهُ رِوَايَةٌ فَإِنْ أَرَادَ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الرِّوَايَةِ فِي الِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِالْوَاحِدِ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِذَلِكَ فَصَحِيحٌ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ رِوَايَةٌ حَقِيقَةً فَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَرَّرْ ذَلِكَ فِي إطْلَاقِ أَحَدٍ فِيمَا عَلِمْتُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ إنَّهُ شَهَادَةٌ فَإِنْ أَرَادَ أَيْضًا أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الشَّهَادَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ فَذَلِكَ صَحِيحٌ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ شَهَادَةٌ حَقِيقَةً فَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ لَفْظَ الشَّهَادَةِ إنَّمَا يُطْلَقُ حَقِيقَةً فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ عَلَى الْخَبَرِ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمٌ وَفَصْلُ قَضَاءٍ قُلْت وَاَلَّذِي يَقْوَى فِي النَّظَرِ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْهِلَالِ حُكْمُهَا حُكْمُ الرِّوَايَةِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْوَاحِدِ، وَلَيْسَتْ رِوَايَةً حَقِيقَةً وَلَا شَهَادَةً أَيْضًا، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ نَوْعٍ آخَرَ مِنْ أَنْوَاعِ الْخَبَرِ، وَهُوَ الْخَبَرُ عَنْ وُجُودِ سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّهُ لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ مِنْ الِاحْتِمَالِ الْمُوجِبِ لِلْعَدَاوَةِ مَا يَتَطَرَّقُ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ الدُّنْيَوِيِّ.
قَالَ شِهَابُ الدِّينِ (وَثَانِيهَا الْقَائِفُ فِيهِ قَوْلَانِ) قُلْتُ ذَكَرَ فِيهِ شِبْهَ الشَّهَادَةِ وَلَا خَفَاءَ عَلَى مَا تَقَرَّرَ قَبْلُ فِي أَنَّهُ مِنْ نَوْعِ الشَّهَادَةِ، وَذَكَرَ شِبْهَ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ لَا خَفَاءَ بِهِ، وَذَكَرَ السُّؤَالَ الَّذِي أَوْرَدَهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا، وَذَكَرَ الْجَوَابَ عَنْهُ وَهُوَ صَحِيحٌ لَا رَيْبَ فِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالنَّهْيُ يُحْمَلُ عَلَى التَّحْرِيمِ أَوْ الْكَرَاهَةِ.
وَأَمَّا فِي اللَّفْظِ الْمُرَكَّبِ مِثْلَ قَوْله تَعَالَى {إِلا الَّذِينَ تَابُوا} [البقرة: 160] يُحْتَمَلُ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْفَاسِقِ فَقَطْ أَوْ عَلَيْهِ وَعَلَى الشَّاهِدِ مَعًا فَتَكُونُ التَّوْبَةُ رَافِعَةً لِلْفِسْقِ وَمُجِيزَةً لِشَهَادَةِ الْقَاذِفِ، وَالثَّالِثُ اخْتِلَافُ الْإِعْرَابِ، وَالرَّابِعُ تَرَدُّدُ اللَّفْظِ بَيْنَ حَمْلِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْ عَلَى نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَجَازِ الَّتِي هِيَ إمَّا الْحَذْفُ وَإِمَّا الزِّيَادَةُ وَإِمَّا التَّأْخِيرُ وَإِمَّا التَّقْدِيمُ وَإِمَّا تَرَدُّدُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْ الِاسْتِعَارَةِ، وَالْخَامِسُ إطْلَاقُ اللَّفْظِ تَارَةً وَتَقْيِيدُهُ تَارَةً مِثْلُ إطْلَاقِ الرَّقَبَةِ فِي الْعِتْقِ تَارَةً وَتَقْيِيدُهَا بِالْإِيمَانِ تَارَةً، وَالسَّادِسُ التَّعَارُضُ فِي الشَّيْئَيْنِ فِي جَمِيعِ أَصْنَافِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي يَتَلَقَّى مِنْهَا الشَّرْعُ الْأَحْكَامَ بَعْضَهَا مَعَ بَعْضٍ وَمِنْ كَوْنِ هَذِهِ الصِّيغَةِ الْخَاصَّةِ لِلْعُمُومِ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَمَا خَرَجَ عَنْ هَذَا النَّمَطِ أَيْ عَنْ هَذِهِ الْقَوَاعِدِ الَّتِي طَرِيقُهَا اللَّفْظُ الْعَرَبِيُّ خَاصَّةً إلَّا كَوْنَ الْقِيَاسِ حُجَّةً فِيمَا سَكَتَ عَنْهُ الشَّارِعُ مِنْ الْأَحْكَامِ كَمَا لِلْجُمْهُورِ.
وَيَشْهَدُ لِثُبُوتِهِ دَلِيلُ الْعَقْلِ، وَهُوَ أَنَّ الْوَقَائِعَ بَيْنَ أَشْخَاصِ الْأَنَاسِيِّ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ، وَالنُّصُوصُ وَالْأَفْعَالُ وَالْإِقْرَارَاتُ مُتَنَاهِيَةٌ وَمُحَالٌ أَنْ يُقَابَلَ مَا لَا يَتَنَاهَى بِمَا يَتَنَاهَى فَسَقَطَ قَوْلُ أَهْلِ الظَّاهِرِ: الْقِيَاسُ فِي الشَّرْعِ بَاطِلٌ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ الشَّارِعُ فَلَا حُكْمَ لَهُ، وَكَوْنُ الْقِيَاسِ الشَّرْعِيِّ إلْحَاقُ الْحُكْمِ الْوَاجِبِ لِشَيْءٍ مَا بِالشَّرْعِ بِالشَّيْءِ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ لِشَبَهِهِ بِالشَّيْءِ الَّذِي أَوْجَبَ الشَّرْعُ لَهُ ذَلِكَ الْحُكْمَ، أَوْ لِعِلَّةٍ جَامِعَةٍ بَيْنَهُمَا فَهُوَ نَوْعَانِ قِيَاسُ شَبَهٍ وَقِيَاسُ عِلَّةٍ، وَكَوْنُهُ وَإِنْ شَارَكَ اللَّفْظَ الْخَاصَّ يُرَادُ بِهِ الْعَامُّ فِي إلْحَاقِ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ بِالْمَنْطُوقِ بِهِ يُفَارِقُهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْإِلْحَاقَ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الشَّبَهِ الَّذِي بَيْنَهُمَا لَا مِنْ جِهَةِ دَلَالَةِ اللَّفْظِ، وَفِي الْخَاصِّ يُرَادُ بِهِ الْعَامُّ مِنْ جِهَةِ دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَيْهِ، وَكَوْنُ تَعَارُضِهَا فِي أَنْفُسِهَا وَتَعَارُضِهَا مَعَ الطُّرُقِ الثَّلَاثِ أَعْنِي مُعَارَضَةَ الْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ أَوْ الْإِقْرَارِ لِلْقِيَاسِ تَكُونُ سَبَبًا لِلِاخْتِلَافِ فِي تَأْدِيَةِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ الْأَرْبَعِ.
وَكَوْنُ خَبَرِ الْوَاحِدِ لَا يُحْتَجُّ بِهِ إلَّا إذَا اُشْتُهِرَ بِعَمَلٍ عِنْدَ مَنْ يَشْتَرِطُ اشْتِهَارَ الْعَمَلِ فِيمَا نُقِلَ مِنْ طَرِيقِ الْآحَادِ وَبِخَاصَّةٍ فِي الْمَدِينَةِ كَمَا هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ مَذْهَبِ

اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 8
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست