responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 46
وَمِنْ الْأَغْوَارِ الَّتِي لَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهَا الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِرِيُّ أَنَّ الْمُفْتِيَ إذَا جَاءَهُ رَجُلٌ يَسْتَفْتِيهِ عَنْ لَفْظَةٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَعُرْفُ بَلَدِ الْمُفْتِي فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْأَحْكَامِ لَا يُفْتِيهِ بِحُكْمِ بَلَدِهِ بَلْ يَسْأَلُهُ هَلْ هُوَ مِنْ أَهْلِ بَلَدِ الْمُفْتِي فَيُفْتِيهِ حِينَئِذٍ بِحُكْمِ ذَلِكَ الْبَلَدِ.
أَوْ هُوَ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ فَيَسْأَلُهُ حِينَئِذٍ عَنْ الْمُشْتَهَرِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ فَيُفْتِيهِ بِهِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُفْتِيَهُ بِحُكْمِ بَلَدِهِ كَمَا لَوْ وَقَعَ التَّعَامُلُ بِبَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِ الْحَاكِمِ حَرُمَ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ بِسِكَّةِ بَلَدِهِ بَلْ بِسِكَّةِ بَلَدِ الْمُشْتَرِي إنْ اخْتَلَفَتْ السِّكَّتَانِ فَهَذِهِ قَاعِدَةٌ لَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَتِهَا وَبِالْإِحَاطَةِ بِهَا يَظْهَرُ لَكَ غَلَطُ كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ الْمُفْتِينَ فَإِنَّهُمْ يُجْرُونَ الْمَسْطُورَاتِ فِي كُتُبِ أَئِمَّتِهِمْ عَلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ، وَذَلِكَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ وَهُمْ عُصَاةٌ آثِمُونَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُ مَعْذُورِينَ بِالْجَهْلِ لِدُخُولِهِمْ فِي الْفَتْوَى وَلَيْسُوا أَهْلًا لَهَا وَلَا عَالِمِينَ بِمَدَارِك الْفَتَاوَى وَشُرُوطِهَا وَاخْتِلَافِ أَحْوَالِهَا، فَالْحَقُّ حِينَئِذٍ أَنَّ أَكْثَرَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا لَيْسَ فِيهَا إلَّا الْوَضْعُ اللُّغَوِيُّ، وَأَنَّهَا كِنَايَاتٌ خَفِيَّةٌ لَا يَلْزَمُ بِهَا طَلَاقٌ وَلَا غَيْرُهُ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ حَتَّى يَحْصُلَ فِيهَا نَقْلٌ عُرْفِيٌّ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فَيَجِبُ اتِّبَاعُ ذَلِكَ النَّقْلِ عَلَى حَسَبِ مَا نُقِلَ اللَّفْظُ إلَيْهِ مِنْ بَيْنُونَةٍ أَوْ عَدَدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَهَذَا هُوَ دِينُ اللَّهِ تَعَالَى الْحَقُّ الصَّرِيحُ وَالْفِقْهُ الصَّحِيحُ.
(قَاعِدَةٌ) الْمَجَازُ لَا يَدْخُلُ فِي النُّصُوصِ بَلْ فِي الظَّوَاهِرِ فَقَطْ فَمَنْ أَطْلَقَ الْعَشَرَةَ وَأَرَادَ السَّبْعَةَ فَهُوَ مُخْطِئٌ لُغَةً وَمَنْ أَطْلَقَ صِيَغَ الْعُمُومِ وَأَرَادَ الْخُصُوصَ فَهُوَ مُصِيبٌ لُغَةً؛ لِأَنَّهَا ظَوَاهِرُ وَأَسْمَاءُ الْأَعْدَادِ عِنْدَهُمْ نُصُوصٌ لَا يَجُوزُ دُخُولُ الْمَجَازِ فِيهَا أَلْبَتَّةَ.
(قَاعِدَةٌ) كُلُّ لَفْظٍ لَا يَجُوزُ دُخُولُ الْمَجَازِ فِيهِ لَا تُؤَثِّرُ النِّيَّةُ فِي صَرْفِهِ عَنْ مَوْضُوعِهِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تَصْرِفُ اللَّفْظَ إلَى مَعْنًى إلَّا إذَا كَانَ يَجُوزُ الصَّرْفُ إلَيْهِ لُغَةً هَذِهِ قَاعِدَةٌ شَرْعِيَّةٌ وَالْأُولَى قَاعِدَةٌ لُغَوِيَّةٌ فَبُنِيَتْ الشَّرْعِيَّةُ عَلَى اللُّغَوِيَّةِ وَهِيَ الْقَاعِدَةُ الشَّرْعِيَّةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ شِهَابُ الدِّينِ: (وَمِنْ الْأَغْوَارِ الَّتِي لَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهَا الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إلَى قَوْلِهِ إنْ اخْتَلَفَتْ السِّكَّتَانِ) قُلْتُ مَا قَالَهُ هُنَا صَحِيحٌ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ: (فَهَذِهِ قَاعِدَةٌ لَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَتِهَا وَبِالْإِحَاطَةِ بِهَا يَظْهَرُ لَكَ غَلَطُ كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ الْمُفْتِينَ فَإِنَّهُمْ يُجْرُونَ الْمَسْطُورَاتِ فِي كُتُبِ أَئِمَّتِهِمْ عَلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ إلَى قَوْلِهِ وَاخْتِلَافِ أَحْوَالِهَا) قُلْتُ إنْ كَانُوا فَعَلُوا ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ عُرْفٍ وَقْتِيٍّ فَفِعْلُهُمْ خَطَأٌ كَمَا قَالَ، وَإِنْ كَانُوا فَعَلُوهُ مَعَ عَدَمِ الْعُرْفِ الْوَقْتِيِّ فَلَيْسَ بِخَطَأٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ شِهَابُ الدِّينِ: (فَالْحَقُّ حِينَئِذٍ أَنَّ أَكْثَرَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا لَيْسَ فِيهَا إلَّا الْوَضْعُ اللُّغَوِيُّ، وَإِنَّهَا كِنَايَاتٌ خَفِيَّةٌ لَا يَلْزَمُ بِهَا طَلَاقٌ وَلَا غَيْرُهُ إلَّا بِالنِّيَّةِ إلَى قَوْلِهِ فَهَذَا هُوَ دِينُ اللَّهِ تَعَالَى الْحَقُّ الصَّرِيحُ وَالْفِقْهُ الصَّحِيحُ) . قُلْتُ لَيْسَ الْأَمْرُ فِي تِلْكَ الْأَلْفَاظِ كَمَا قَالَ بَلْ فِيهَا عُرْفٌ شَرْعِيٌّ أَوْ لُغَوِيٌّ فَيَلْزَمُ بِهَا الطَّلَاقُ مِنْ غَيْرِ تَنْوِيَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ شِهَابُ الدِّينِ: (قَاعِدَةُ الْمَجَازِ لَا يَدْخُلُ فِي النُّصُوصِ إلَى قَوْلِهِ وَأَسْمَاءُ الْأَعْدَادِ نُصُوصٌ لَا يَجُوزُ دُخُولُ الْمَجَازِ فِيهَا أَلْبَتَّةَ) قُلْتُ مَا قَالَهُ صَحِيحٌ ظَاهِرٌ.
قَالَ (قَاعِدَةُ " كُلُّ لَفْظٍ لَا يَجُوزُ دُخُولُ الْمَجَازِ فِيهِ لَا تُؤَثِّرُ النِّيَّةُ فِي صَرْفِهِ عَنْ مَوْضُوعِهِ " إلَى قَوْلِهِ وَهِيَ قَاعِدَةٌ شَرْعِيَّةٌ مُحَمَّدِيَّةٌ) قُلْتُ مَا قَالَهُ أَيْضًا صَحِيحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالسُّنَّةِ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ أَدِلَّةٌ عَلَى مَا قَامَ بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ هَذِهِ الْإِنْشَاءَاتِ لَا نَفْسِهَا وَإِلَّا يَلْزَمُ اتِّحَادُ الدَّلِيلِ وَالْمَدْلُولِ فَأَنْشَأَ تَعَالَى السَّبَبِيَّةَ فِي زَوَالِ الشَّمْسِ لِوُجُوبِ الظُّهْرِ وَأَنْزَلَ قَوْله تَعَالَى {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] دَالًّا عَلَى مَا قَامَ بِذَاتِهِ مِنْ هَذَا الْإِنْشَاءِ، وَكَذَلِكَ إنْشَاءُ الشَّرْطِيَّةِ فِي الزَّكَاةِ وَفِي الْحَوْلِ وَفِي الصَّلَاةِ فِي الطَّهَارَةِ وَالْمَانِعِيَّةِ مِنْ الْمِيرَاثِ فِي الْكُفْرِ وَمِنْ الصَّلَاةِ فِي الْحَدَثِ وَجُعِلَ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ دَالًّا عَلَى مَا قَامَ بِذَاتِهِ مِنْ هَذِهِ الْإِنْشَاءَاتِ. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ الشَّرْعِيَّةُ وَهِيَ الْوُجُوبُ وَالنَّدْبُ وَالتَّحْرِيمُ وَالْكَرَاهَةُ وَالْإِبَاحَةُ كُلُّهَا قَائِمَةٌ بِذَاتِهِ تَعَالَى عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ، وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَدِلَّةِ الشَّرْعِ إنَّمَا هِيَ أَدِلَّةٌ عَلَى مَا قَامَ بِذَاتِهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْوَاحِدُ مِنَّا إذَا قَالَ لِغُلَامِهِ اسْقِنِي فَقَدْ أَنْشَأَ فِي نَفْسِهِ إيجَابًا وَطَلَبًا لِلْمَاءِ قَبْلَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ بِلَفْظِهِ.
وَكَذَلِكَ النَّهْيُ وَغَيْرُ ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّ إنْشَاءَ الْخَلْقِ لِهَذِهِ الْأُمُورِ حَادِثٌ وَفِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى قَدِيمٌ بِمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي الْأَزَلِ يُوجِبُ مَثَلًا عَلَى مَنْ يُمْكِنُ وُجُودُهُ مُجْتَمِعَ الشَّرَائِطِ مُزَالَ الْمَوَانِعِ فَيَتَقَدَّمُ مِنْهُ تَعَالَى الطَّلَبُ عَلَى وُجُودِ الْمَطْلُوبِ كَمَا أَنَّ أَحَدَنَا يَجِدُ فِي نَفْسِهِ طَلَبَ تَحْصِيلِ الْعِلْمِ وَالْفَضَائِلِ مِنْ وِلْدَانِ رِزْقِهِ وَهُوَ الْآنَ لَا وَلَدَ لَهُ، فَيَتَقَدَّمُ مِنَّا الطَّلَبُ عَلَى وُجُودِ الْمَطْلُوبِ وَكَوْنُ الْإِنْشَاءِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ طَارِئًا عَلَى الْخَبَرِ كَمَا مَرَّ إنَّمَا هُوَ فِي الْإِنْشَاءِ وَالْخَبَرِ اللُّغَوِيَّيْنِ أَمَّا الْكَلَامُ النَّفْسِيُّ فَوَاحِدٌ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مُتَعَلِّقَاتِهِ فَإِنْ تَعَلَّقَ بِأَحَدِ النَّقِيضَيْنِ الْوُجُودِ أَوْ الْعَدَمِ عَلَى وَجْهِ التَّبَعِ فَهُوَ الْخَبَرُ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِأَحَدِهِمَا عَلَى وَجْهِ التَّرْجِيحِ فَإِنْ كَانَ طَرَفُ الْوُجُودِ فَهُوَ الْإِيجَابُ أَوْ فِي طَرَفِ الْعَدَمِ فَهُوَ التَّحْرِيمُ أَوْ تَعَلَّقَ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فَهُوَ الْإِبَاحَةُ وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ بَلْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَصْلِ الْكَلَامِ رُتْبَةٌ عَقْلِيَّةٌ لَا زَمَانِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ يَقْضِي بِتَقْدِيمِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ بِالرُّتْبَةِ تَقْدِيمًا عَقْلِيًّا لَا زَمَانِيًّا فَلَا تَلْزَمُ مُنَافَاةُ الْأَزَلِ لِلْكَلَامِ النَّفْسَانِيِّ وَلَا الْحُدُوثِ، وَكَوْنُ هَذِهِ الْأَحْكَامِ إنْشَاءَاتٍ لَا إخْبَارَاتٍ عَنْ إرَادَةِ وُقُوعِ الْعِقَابِ عَلَى مَنْ خَالَفَ وَعَصَى يَتَّضِحُ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا لَا تَقْبَلُ

اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 46
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست