responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 36
لَا يَنْصَرِفُ لِلظِّهَارِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ثَمَّ أَصْلًا يُنْصَرَفُ عَنْهُ إلَى الطَّلَاقِ، وَمَا ذَلِكَ الْأَصْلُ إلَّا النَّقْلُ الْعُرْفِيُّ الَّذِي نَقَلَ الظِّهَارَ مِنْ الْإِخْبَارِ إلَى الْإِنْشَاءِ، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِمْ يُفْهَمُ عَنْهُمْ ذَلِكَ فِي الظِّهَارِ كَمَا يُفْهَمُ فِي الطَّلَاقِ.
(قُلْت) النَّقْلُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مُخْتَلِفٌ، قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إذَا نَوَى بِالظِّهَارِ الطَّلَاقَ فَهُوَ ظِهَارٌ دُونَ الطَّلَاقِ وَقَدْ قَصَدَ النَّاسُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ الطَّلَاقَ فَصَرَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى إلَى الظِّهَارِ بِإِنْزَالِ الْآيَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ سَمَّى الظَّهْرَ عِنْدَ مَالِكٍ وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَى وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَظِهَارٌ وَلَا يَنْوِي عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ شَبَهٍ بِالْأَجْنَبِيَّةِ.
وَإِنْ نَوَى الظِّهَارَ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَحْرِيمُ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ مُتَأَبَّدٌ فَلَا يَكُونُ التَّشْبِيهُ بِهِ أَضْعَفَ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ، وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إنْ عَرِيَ لَفْظُ الظِّهَارِ عَنْ النِّيَّةِ جَرَى عَلَى الْخِلَافِ فِي انْعِقَادِ الْيَمِينِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ، أَمَّا إنْ شَبَّهَ بِمُحَرَّمَةٍ لَا عَلَى التَّأْبِيدِ، وَذَكَرَ الظَّهْرَ فَهَلْ يَكُونُ طَلَاقًا قَصْرًا لِلظِّهَارِ عَلَى مَوْرِدِهِ أَوْ ظِهَارًا قِيَاسًا عَلَى ذَوَاتِ الْأَرْحَامِ قَوْلَانِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الظَّهْرَ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ ظِهَارٌ وَإِنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ وَعَكْسَهُ وَظِهَارٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الطَّلَاقَ فَيَكُونُ طَلَاقًا وَعَكْسَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إنْ نَوَى بِالصَّرِيحِ الطَّلَاقَ فَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يَكُونُ طَلَاقًا ثَلَاثًا وَلَا يَنْوِي فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ.
وَقَالَ سَحْنُونٌ يَنْوِي وَأَمَّا الْكِنَايَةُ الظَّاهِرَةُ فَظِهَارٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّحْرِيمَ فَتَحْرِيمٌ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لَمْ أُرِدْ ظِهَارًا وَلَا طَلَاقًا لِأَجْلِ الظُّهُورِ، وَالْكِنَايَةُ الْخَفِيَّةُ ظِهَارٌ إنْ أَرَادَهُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إنْ نَوَى بِقَوْلِهِ أَنْتِ كَأُمِّي أَوْ مِثْلُ أُمِّي أَوْ أَنْتِ أُمِّي الطَّلَاقُ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الْبَتَّةُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَظِهَارٌ، وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ كِنَايَاتُ الظِّهَارِ تَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ وَكِنَايَاتُ الطَّلَاقِ لَا تَنْصَرِفُ لِلظِّهَارِ لِضَعْفِهِ؛ لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ يَنْحَلُّ بِالْكَفَّارَةِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَنْصَرِفُ الظِّهَارُ فِي الْأَمَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَنْصَرِفُ فِي الزَّوْجَةِ إلَى الطَّلَاقِ، وَقَالَ فِي الْجَلَّابِ لَا يَنْصَرِفُ صَرِيحُ الطَّلَاقِ وَكِنَايَاتُهُ بِالنِّيَّةِ إلَى الظِّهَارِ، وَلَا يَنْصَرِفُ صَرِيحُ الظِّهَارِ بِالنِّيَّةِ إلَى الطَّلَاقِ وَتَنْصَرِفُ كِنَايَاتُ الظِّهَارِ بِالنِّيَّةِ إلَى الطَّلَاقِ فَهَذِهِ نُصُوصُ الْقَوْمِ كَمَا تَرَى، أَمَّا قَوْلُ ابْنِ يُونُسَ إذَا نَوَى بِالظِّهَارِ الطَّلَاقَ يَكُونُ ظِهَارًا فَهُوَ بِنَاءً عَلَى قَاعِدَةٍ، وَهِيَ أَنَّ كُلَّ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي بَابٍ لَا يَنْصَرِفُ إلَى غَيْرِهِ بِالنِّيَّةِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ أَثَرُهَا إنَّمَا هُوَ تَخْصِيصُ الْعُمُومَاتِ أَوْ تَقْيِيدُ الْمُطْلَقَاتِ فَهِيَ إنَّمَا تَدْخُلُ فِي الْمُحْتَمَلَاتِ، وَإِذَا نَقَلْت صَرِيحًا عَنْ بَابِهِ فَهُوَ نَسْخٌ وَإِبْطَالٌ بِالْكُلِّيَّةِ، وَالنَّسْخُ لَا يَكُونُ بِالنِّيَّةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ قَدْ قَصَدَ النَّاسُ بِالظِّهَارِ الطَّلَاقَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ فَجَعَلَهُ اللَّهُ ظِهَارًا فَغَيْرُ مُتَّجَهٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ ابْتِدَاءً شُرِعَ وَلَمْ يَكُنْ تَصَرُّفًا فِي مَشْرُوعٍ.
وَالْمُتَقَدِّمُ لَيْسَ شَرْعًا إنَّمَا هُوَ اعْتِقَادُ الْجَاهِلِيَّةِ وَنَحْنُ نَتَكَلَّمُ فِي صَرِيحٍ شَرْعِيٍّ يُصْرَفُ عَنْ بَابِهِ بَعْدَ مَشْرُوعِيَّتِهِ، وَلَمَّا قَصَدَ أُولَئِكَ الطَّلَاقَ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِمَشْرُوعٍ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ بِنُزُولِ الْآيَةِ فَلَيْسَ هَذَا مِنْ هَذَا الْبَابِ.
وَقَوْلُ أَبِي الطَّاهِرِ إنْ عَرِيَ لَفْظُ الظِّهَارِ مِنْ النِّيَّةِ جَرَى عَلَى الْخِلَافِ فِي انْعِقَادِ الْيَمِينِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ يُرِيدُ بِالنِّيَّةِ هُنَا الْكَلَامَ النَّفْسَانِيَّ أَيْ يَتَكَلَّمُ بِكَلَامِهِ النَّفْسَانِيِّ فِي نَفْسِهِ كَمَا يَتَكَلَّمُ بِلِسَانِهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَذْكُرْ الظَّهْرَ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ فَأَقْوَالٌ أَرْبَعَةٌ:
(أَحَدُهَا) أَنَّهُ ظِهَارٌ وَإِنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ وَعَكْسَهُ فَهُمَا بِنَاءً عَلَى قُرْبِهِ مِنْ الصَّرَاحَةِ فَلَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ أَوْ طَلَاقٌ؛ لِأَنَّهُ شَأْنُ الْأَجْنَبِيَّةِ فَإِنَّهَا لَا تَحْرُمُ إلَّا بِالطَّلَاقِ وَهَذِهِ الْمُلَاحَظَةُ هِيَ الَّتِي تُوجِبُ الْقَوْلَيْنِ الْآخَرَيْنِ غَيْرَ أَنَّهُ قَدَّمَ النِّيَّةَ عَلَى اللَّفْظِ لِضَعْفِ اللَّفْظِ بِعَدَمِ ذِكْرِ الظَّهْرِ فَعُدِمَتْ
ـــــــــــــــــــــــــــــS.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَدْ نُقِلَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنَّ الْمَشْهُورَ وَكَذَا قَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجُ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ صَرِيحَ الظِّهَارِ لَا يَنْصَرِفُ إلَى الطَّلَاقِ، وَأَنَّ كُلَّ كَلَامٍ لَهُ حُكْمٌ فِي نَفْسِهِ لَا يَصِحُّ أَنْ يُضْمَرَ بِهِ غَيْرُهُ كَالطَّلَاقِ فَإِنَّهُ لَوْ أُضْمِرَ بِهِ غَيْرُهُ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَكُنْ يَخْرُجُ عَنْ الطَّلَاقِ. اهـ وَنَقَلَهُ هَكَذَا أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ مُحْرِزٍ وَزَادَ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ وَقَالَ أَرَدْت بِذَلِكَ طَلَاقًا أَوْ ظِهَارًا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا حَلَفَ بِهِ، وَهُوَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى اهـ بِلَفْظِهِ اهـ.
وَقَوْلُهُ وَإِنَّ كُلَّ كَلَامٍ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى الْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي بَابٍ لَا يَنْصَرِفُ إلَى غَيْرِهِ بِالنِّيَّةِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ أَثَرُهَا إنَّمَا هُوَ تَخْصِيصُ الْعُمُومَاتِ أَوْ تَقْيِيدُ الْمُطْلَقَاتِ فَهِيَ إنَّمَا تَدْخُلُ فِي الْمُحْتَمَلَاتِ وَإِذَا نُقِلَتْ صَرِيحًا عَنْ بَابِهِ فَهُوَ نَسْخٌ وَإِبْطَالٌ بِالْكُلِّيَّةِ وَالنَّسْخُ لَا يَكُونُ بِالنِّيَّةِ وَلَا يُتَّجَهُ قَوْلُ ابْنِ يُونُسَ وَقَدْ قَصَدَ النَّاسُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ الطَّلَاقَ فَصَرَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى إلَى الظِّهَارِ بِإِنْزَالِ الْآيَةِ اهـ.
لِأَنَّ ذَلِكَ ابْتِدَاءُ شَرْعٍ وَلَمْ يَكُنْ تَصَرُّفًا فِي مَشْرُوعٍ إذْ الْمُتَقَدِّمُ لَيْسَ شَرْعًا إنَّمَا هُوَ اعْتِقَادُ الْجَاهِلِيَّةِ، وَنَحْنُ نَتَكَلَّمُ فِي صَرِيحٍ شَرْعِيٍّ يُصْرَفُ عَنْ بَابِهِ بَعْدَ مَشْرُوعِيَّتِهِ وَلَمَّا قَصَدَ أُولَئِكَ الطَّلَاقَ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِمَشْرُوعٍ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ بِنُزُولِ الْآيَةِ فَلَيْسَ هَذَا مِنْ هَذَا الْبَابِ قَالَ الْأَمِيرُ فِي شَرْحِ مَجْمُوعِهِ وَعَلَى تَأْوِيلِ عَدَمِ الِانْصِرَافِ يُخَصَّصُ بِهِ قَوْلُهُمْ فِي الطَّلَاقِ وَإِنْ نَوَاهُ بِأَيِّ كَلَامٍ لَزِمَ اهـ.
وَقَالَ فِي ضَوْءِ شُمُوعِهِ وَالتَّأْوِيلُ بِالِانْصِرَافِ نُظِرَ إلَى أَنَّ قَاعِدَةَ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابٍ إلَخْ لَيْسَتْ كُلِّيَّةً وَلَا مُتَّفَقًا عَلَيْهَا فَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْبَاقِي إلَّا مَا نَصُّوا عَلَيْهِ أَيْ مِنْ إعْمَالِ صَرِيحِ الْعِتْقِ بِالطَّلَاقِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَكْثَرَ قَوَاعِدِ الْفِقْهِ أَغْلَبِيَّةٌ اهـ مِنْ مَوْضِعَيْنِ بِتَصَرُّفٍ مَا وَتَوْضِيحٍ.
وَقَالَ عَبْدُ الْبَاقِي فِي صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ عِنْدَ قَوْلِ خَلِيلٍ فِي بَابِ الظِّهَارِ وَلَزِمَ أَيْ الظِّهَارُ بِأَيِّ كَلَامٍ نَوَاهُ بِهِ مَا نَصُّهُ قَالَ أَحْمَد الْمُصَنِّفُ شَامِلٌ لِمَا إذَا أَرَادَهُ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ أَوْ كِنَايَتِهِ الظَّاهِرَةِ.
وَقَالَ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ اهـ.
وَإِذَا لَمْ يَلْزَمْ بِهَا فَأَجْرَى الصَّرِيحَ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الطَّلَاقُ

اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 36
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست