responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 220
فَالزَّمَنُ الثَّانِي فِي الْكَافِرِ وَالْمُحْدِثِ وَالدَّهْرِيِّ هُوَ زَمَنُ التَّكْلِيفِ وَإِيقَاعُ الْمُكَلَّفِ بِهِ وَزَمَنُ الْكُفْرِ وَالْحَدَثِ وَجَحْدُ الصَّانِعِ هُوَ ظَرْفٌ لِلتَّكْلِيفِ دُونَ إيقَاعِ الْمُكَلَّفِ بِهِ فَتَأَمَّلْ الْفَرْقَ بَيْنَ الْقَاعِدَتَيْنِ وَالسِّرَّ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ يَتَيَسَّرُ عَلَيْك الْجَوَابُ عَنْ أَسْئِلَةِ الْخُصُومِ وَشُبُهَاتِهِمْ وَهُوَ فَرْقٌ لَطِيفٌ شَرِيفٌ.

(الْفَرْقُ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ كَوْنِ الزَّمَانِ ظَرْفًا لِإِيقَاعِ الْمُكَلَّفِ بِهِ فَقَطْ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ كَوْنِ الزَّمَانِ ظَرْفًا لِلْإِيقَاعِ) وَكُلُّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ سَبَبٌ لِلتَّكْلِيفِ وَالْوُجُوبِ فَيَجْتَمِعُ الطَّرَفَانِ الظَّرْفِيَّةُ وَالسَّبَبِيَّةُ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْأَجْزَاءِ وَيَتَّضِحُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ بِذِكْرِ سَبْعِ مَسَائِلَ (الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى)
أَوْقَاتُ الصَّلَوَاتِ كَالْقَامَةِ مَثَلًا بِالنِّسْبَةِ لِلظُّهْرِ هِيَ ظَرْفٌ لِلْمُكَلَّفِ بِهِ لِوُقُوعِهِ فِيهَا وَكُلُّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا سَبَبٌ لِلتَّكْلِيفِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ سَبَبُ التَّكْلِيفِ بِصَلَاةِ الظُّهْرِ إنَّمَا هُوَ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ مِنْهَا فَقَطْ لَكَانَ مَنْ بَلَغَ بَعْدَهُ أَوْ أَسْلَمَ مِنْ الْكُفَّارِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ صَلَاةُ الظُّهْرِ لِتَأَخُّرِهِ عَنْ السَّبَبِ وَزَوَالُ الْمَانِعِ وَاجْتِمَاعُ الشَّرَائِطِ بَعْدَ زَوَالِ الْأَسْبَابِ لَا تُفِيدُ شَيْئًا بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ فَإِنَّ الْبُلُوغَ إذَا جَاءَ بَعْدَهَا لَا يُحَقِّقُ وُجُوبًا فَلَا بُدَّ حِينَئِذٍ أَنْ يُصَادِفَ الْبُلُوغُ وَنَحْوُهُ سَبَبًا بَعْدَهُ فَوَجَبَ الظُّهْرُ عَلَى مَنْ بَلَغَ فِي الْقَامَةِ بِالْجُزْءِ الَّذِي صَادَفَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي بَقِيَّةِ أَرْبَابِ الْأَعْذَارِ فَظَهَرَ أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْقَامَةِ مُسَاوٍ لِلزَّوَالِ فِي السَّبَبِيَّةِ وَأَنَّ مَا سَبَقَ إلَى الْفَهْمِ أَنَّ السَّبَبَ لِلظُّهْرِ إنَّمَا هُوَ الزَّوَالُ فَقَطْ لَيْسَ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنَّهَا كُلُّهَا ظُرُوفٌ لِلتَّكْلِيفِ وَجَمِيعُ أَجْزَائِهَا ظُرُوفٌ وَأَسْبَابٌ لَهُ.
(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) أَيَّامُ الْأَضَاحِيّ الثَّلَاثَةُ أَوْ الْأَرْبَعَةُ عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ ظُرُوفٌ لِلْأَمْرِ بِالْأُضْحِيَّةِ لِوُجُودِهِ فِيهَا وَكُلُّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا سَبَبٌ لِلْأَمْرِ أَيْضًا بِالْأُضْحِيَّةِ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ تَجَدَّدَ إسْلَامُهُ مِنْ الْكُفَّارِ أَوْ بُلُوغُهُ مِنْ الصِّبْيَانِ يَتَجَدَّدُ عَلَيْهِ الْأَمْرُ بِالْأُضْحِيَّةِ وَكَذَلِكَ مَنْ عَتَقَ مِنْ الْعَبِيدِ وَمَا ذَلِكَ إلَّا لِأَنَّهُ وُجِدَ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ وَحُصُولُ الشَّرْطِ مَا هُوَ سَبَبٌ لِلْأَمْرِ بِالْأُضْحِيَّةِ وَهُوَ الْجُزْءُ الْكَائِنُ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ فَتَكُونُ كُلُّهَا ظُرُوفًا وَأَسْبَابًا
ـــــــــــــــــــــــــــــS. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاجْتِهَادِ فِي الْمَذْهَبِ أَيْضًا مَعَ أَنَّهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ أَيْضًا مُخْتَلِفُونَ فَانْتَفَى الْإِجْمَاعُ رَأْسًا اهـ بِلَفْظِهِ.
ثُمَّ قَالَ اللَّكْنَوِيُّ وَرَأَيْت فِي تَنْقِيحِ الْفَتَاوَى الْحَامِدِيَّةِ لِلْعَلَّامَةِ ابْنِ عَابْدِينَ مَا نَصُّهُ (مَسْأَلَةٌ) أَفْتَى أَئِمَّةٌ أَعْلَامٌ بِتَحْرِيمِ شُرْبِ الدُّخَانِ الْمَشْهُورِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْنَا تَقْلِيدُهُمْ وَإِفْتَاءُ النَّاسِ بِحُرْمَتِهِ أَمْ لَا فَلْنُبَيِّنْ ذَلِكَ بَعْدَمَا حَقَّقَهُ أَئِمَّةُ أُصُولِ الدِّينِ قَالَ شَارِحُ مِنْهَاجِ الْوُصُولِ إلَى عِلْمِ الْأُصُولِ لِلْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ عُمَر الْبَيْضَاوِيِّ وَيَجُوزُ الْإِفْتَاءُ لِلْمُجْتَهِدِينَ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا الْمُقَلِّدُ الْمُجْتَهِدُ وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِ تَقْلِيدِ الْمَيِّتِ الْمُجْتَهِدِ فَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إلَى أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَالْقَاضِي الْبَيْضَاوِيِّ الْجَوَازُ وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ فِي الْمَحْصُولِ بِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ الْعَمَلِ بِهَذَا النَّوْعِ مِنْ الْفَتْوَى إذْ لَيْسَ فِي زَمَانِهِ مُجْتَهِدٌ اهـ وَكَلَامُ الْإِمَامِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ مُجْتَهِدٌ فَكَيْفَ زَمَانُنَا الْآنَ فَإِنَّ شُرُوطَ الِاجْتِهَادِ لَا تَكَادُ تُوجَدُ فَهَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ الَّذِينَ أَفْتَوْا بِتَحْرِيمِ التُّنْبَاكِ إنْ كَانَ فَتْوَاهُمْ عَنْ اجْتِهَادٍ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْنَا تَقْلِيدُهُمْ فَاجْتِهَادُهُمْ لَيْسَ بِثَابِتٍ فَإِنْ كَانَ عَنْ تَقْلِيدِ غَيْرِهِمْ فَإِمَّا عَنْ مُجْتَهِدٍ آخَرَ حَتَّى سَمِعُوا مَنْ فِيهِ مُشَافَهَةٌ فَهُوَ أَيْضًا لَيْسَ بِثَابِتٍ وَإِمَّا مِنْ مُجْتَهِدٍ ثَبَتَ إفْتَاؤُهُ فِي الْكُتُبِ فَهُوَ أَيْضًا كَذَلِكَ إذْ لَمْ يَرِدْ فِي كِتَابٍ وَلَمْ يَنْقُلُوا عَنْ دَفْتَرٍ فِي إفْتَائِهِمْ مَا يَدُلُّ عَلَى حُرْمَتِهِ فَكَيْفَ سَاغَ لَهُمْ الْفَتْوَى وَكَيْفَ يَجِبُ عَلَيْنَا تَقْلِيدُهُمْ وَالْحَقُّ فِي إفْتَاءِ التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ فِي هَذَا الزَّمَانِ التَّمَسُّكُ بِالْأَصْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْبَيْضَاوِيُّ فِي الْأُصُولِ وَوَصَفَهُمَا بِأَنَّهُمَا نَافِعَانِ فِي الشَّرْعِ
الْأَوَّلِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَنَافِعِ الْإِبَاحَةُ وَالْمَأْخَذُ الشَّرْعِيُّ آيَاتٌ
الْأُولَى قَوْله تَعَالَى {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] وَاللَّامُ لِلنَّفْعِ فَتَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْمُنْتَفَعِ بِهِ مَأْذُونٌ بِهِ شَرْعًا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ
الثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى {مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} [الأعراف: 32] وَالزِّينَةُ تَدُلُّ عَلَى الِانْتِفَاعِ
الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 4] الْمُرَادُ بِالطَّيِّبَاتِ الْمُسْتَطَابَاتُ طَبْعًا وَذَلِكَ يَقْتَضِي حِلَّ الْمَنَافِعِ بِأَسْرِهَا
وَالثَّانِي أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَضَارِّ التَّحْرِيمُ وَالْمَنْعُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ» وَأَيْضًا ضَبَطَ أَهْلُ الْفِقْهِ حُرْمَةَ التَّنَاوُلِ إمَّا بِالْإِسْكَارِ كَالْبَنْجِ وَإِمَّا بِالْإِضْرَارِ بِالْبَدَنِ كَالتُّرَابِ وَالتِّرْيَاقِ أَوْ بِالِاسْتِقْذَارِ كَالْمُخَاطِ وَالْبُزَاقِ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا كَانَ طَاهِرًا وَبِالْجُمْلَةِ إنْ ثَبَتَ فِي هَذَا الدُّخَانِ أَضْرَارٌ صُرِفَ عَنْ الْمَنَافِعِ فَيَجُوزُ الْإِفْتَاءُ بِتَحْرِيمِهِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ أَضْرَارُهُ فَالْأَصْلُ الْحِلُّ مَعَ أَنَّ الْإِفْتَاءَ بِحِلِّهِ فِيهِ دَفْعُ الْحَرَجِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ مُبْتَلَوْنَ بِتَنَاوُلِهِ فَتَحْلِيلُهُ أَيْسَرُ مِنْ تَحْرِيمِهِ «وَمَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ شَيْئَيْنِ إلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا» وَأَمَّا كَوْنُهُ بِدْعَةً فَلَا ضَرَرَ فَإِنَّهُ بِدْعَةٌ فِي التَّنَاوُلِ لَا فِي الدِّينِ فَإِثْبَاتُ حُرْمَتِهِ أَمْرٌ عَسِيرٌ لَا يَكَادُ يُوجَدُ لَهُ نَصِيرُ نَعَمْ لَوْ أَضَرَّ بِبَعْضِ الطَّبَائِعِ فَهُوَ عَلَيْهِ حَرَامٌ أَوْ نَفَعَ بِبَعْضٍ وَقَصَدَ التَّدَاوِيَ فَهُوَ مَرْغُوبٌ هَذَا مَا سَنَحَ فِي الْخَاطِرِ إظْهَارًا لِلصَّوَابِ مِنْ غَيْرِ تَعَنُّتٍ وَلَا عِنَادٍ فِي الْجَوَابِ كَذَا أَجَابَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ مُحْيِي الدِّينِ بْنِ حَيْدَرٍ الْكُرْدِيُّ الْجَزَرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ كَلَامُ ابْنِ عَابِدِينَ

اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 220
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست