responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 212
إنَّمَا هِيَ فِي التَّعَارُضِ وَلَمْ يَقَعْ هَاهُنَا تَعَارُضٌ فَلَمْ يَجْتَمِعْ نَهْيُ الْغَصْبِ وَنَهْيُ التَّعَدِّي وَقَدَّمَ أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ بَلْ انْفَرَدَ نَهْيُ الْمُتَعَدِّي وَحْدَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَثَانِيهَا أَنَّ النَّهْيَ الْخَاصَّ هَاهُنَا نَهْيُ آدَمِيٍّ وَالنَّهْيُ الْعَامُّ نَهْيُ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُرَجَّحُ نَهْيُ الْآدَمِيِّ لِخُصُوصِهِ عَلَى نَهْيِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ عُمُومِهِ بَلْ لَا اعْتِبَارَ بِنَهْيِ الْعَبْدِ أَصْلًا وَإِنَّمَا تَنْبَنِي الشَّرَائِعُ عَلَى نَهْيِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمْرِهِ.
فَإِنْ قُلْت إذَا نُهِيَ الْعَبْدُ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ فِي غَايَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ فِي حَالَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَإِنَّ نَهْيَ اللَّهِ يَصْحَبُهُ فِي تِلْكَ الْغَايَةِ وَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَنَحْنُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا رَجَّحْنَا بَيْنَ نَهْيَيْنِ لِلَّهِ تَعَالَى أَحَدُهُمَا خَاصٌّ وَالْآخَرُ عَامٌّ قُلْت هَذَا كَلَامٌ صَحِيحٌ وَلَكِنَّ النَّهْيَ الَّذِي صَحِبَ نَهْيَ الْعَبْدِ هَاهُنَا هُوَ نَهْيٌ عَامٌّ وَهُوَ نَهْيُ الْغَصْبِ بِعَيْنِهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الِانْتِفَاعَ بِالْأَمْلَاكِ وَالْأَمْوَالِ إلَّا بِرِضَا أَرْبَابِهَا فَأَيُّ حَالَةٍ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا الرِّضَا يَكُونُ ذَلِكَ النَّهْيُ مُتَحَقِّقًا فَيَكُونُ نَهْيُ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ الْغَايَةِ هُوَ ذَلِكَ النَّهْيُ الْعَامُّ الَّذِي اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ حَالَةُ الرِّضَا دُونَ غَيْرِهَا وَهَذَا هُوَ عَيْنُ نَهْيِ الْغَصْبِ الَّذِي هُوَ النَّهْيُ الْعَامُّ وَهَذِهِ صُورَةٌ مِنْ صُوَرِهِ وَهُوَ الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسِهِ» وَاسْتَثْنَى حَالَةَ الطِّيبِ عَنْ النَّهْيِ الْعَامِّ وَبَقِيَ مَا عَدَا حَالَةَ طِيبِ النَّفْسِ مُنْدَرِجًا تَحْتَ النَّهْيِ الْعَامِّ وَهُوَ بِعَيْنِهِ نَهْيُ الْغَصْبِ فَظَهَرَ أَنَّ التَّخَيُّلَ الَّذِي قَالَهُ مِنْ تَعَارُضِ نَهْيَيْنِ شَرْعِيَّيْنِ بَاطِلٍ وَثَالِثُهَا إذَا قِسْنَا تَرْكَ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى تَرْكِ الضَّمَانِ فِي صُورَةِ الْغَصْبِ كَانَ الْقِيَاسُ صَحِيحًا سَالِمًا عَنْ الْمُعَارِضِ وَلَوْ قِسْنَا هُنَالِكَ الْحَرِيرَ عَلَى الْجِنْسِ أَوْ الْمَيْتَةَ عَلَى الصَّيْدِ فَتَرْكُ الْجَمِيعِ أَدَّى ذَلِكَ إلَى هَلَاكِ الْمُحْرِمِ بِالْجُوعِ وَبَقَاءِ الْمُصَلِّي عُرْيَانًا وَهَذِهِ مَفْسَدَةٌ تُعَارِضُنَا فِي قِيَاسِنَا وَتَمْنَعُ مِنْهُ فَكَيْفَ نُسَوِّي بَيْنَ مَوْضِعٍ لَا مُعَارِضَ لِلْقِيَاسِ فِيهِ وَبَيْنَ مَوْضِعٍ لِلْقِيَاسِ فِيهِ مُعَارِضٌ أَقْوَى مِنْهُ أَوْ قَادِحٌ فِيهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــS. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِبَعْضِ تَغْيِيرٍ لِلْإِصْلَاحِ فَجَوَابِرُ الْعِبَادَاتِ كَالتَّيَمُّمِ مَعَ الْوُضُوءِ وَسُجُودِ السَّهْوِ لِلسُّنَنِ وَجِهَةِ السَّفَرِ فِي الصَّلَاةِ مَعَ الْكَعْبَةِ وَجِهَةِ الْعَدُوِّ فِي الْخَوْفِ مَعَ الْكَعْبَةِ إذَا أَلْجَأَتْ الضَّرُورَةُ إلَى ذَلِكَ وَصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ لِمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ لِأَنَّهُ يَجْبُرُ مَا فَاتَهُ مِنْ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ بِالْإِعَادَةِ فِي جَمَاعَةٍ وَأَخْذِ النَّقْدَيْنِ مَعَ دُونِ السِّنِّ الْوَاجِبِ فِي الزَّكَاةِ أَوْ زِيَادَةِ السِّنِّ فِي ابْنِ اللَّبُونِ مَعَ وَصْفِ الْأُنُوثَةِ الْفَائِتِ فِي بِنْتِ الْمَخَاضِ وَالْإِطْعَامِ لِمَنْ أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ عَنْ سَنَتِهِ إلَى بَعْدَ شَعْبَانَ أَوْ لَمْ يَصُمْ لِعَجْزِهِ وَالصِّيَامُ وَالْإِطْعَامُ وَالنُّسُكُ فِي حَقِّ مَنْ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا مِنْ مَحْظُورَاتِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَوْ الدَّمِ لِتَرْكِ الْمِيقَاتِ أَوْ التَّلْبِيَةِ أَوْ شَيْءٍ مِنْ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ مَا عَدَا الْأَرْكَانَ أَوْ الْعَمَلَ فِي التَّمَتُّعِ أَوْ الْقِرَانِ وَجَبْرُ الدَّمِ بِصَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ أَيْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِهِ وَسَبْعَةٍ فِي غَيْرِهِ وَجَبْرُ الصَّيْدِ فِي الْحَرَمِ أَوْ الْإِحْرَامِ بِالْمِثْلِ أَوْ الْإِطْعَامِ أَوْ الصِّيَامِ أَوْ الصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ بِذَلِكَ لِحَقِّ اللَّه تَعَالَى وَبِقِيمَتِهِ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ الْمَالِكِ فَهَذَا مُتْلَفٌ وَاحِدٌ جُبِرَ بِبَدَلَيْنِ وَهُوَ مِنْ نَوَادِرِ الْمَجْبُورَاتِ وَلَمْ يُشْرَعْ لِشَجَرِ الْحَرَمِ جَابِرٌ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَبِالْجُمْلَةِ فَالصَّلَاةُ لَا تُجْبَرُ إلَّا بِعَمَلٍ بَدَنِيٍّ.
وَالْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَالصَّيْدُ تُجْبَرُ بِالْبَدَنِيِّ وَالْمَالِيِّ مَعًا وَمُفْتَرِقَيْنِ وَالصَّوْمُ بِالْبَدَنِيِّ بِالْقَضَاءِ وَبِالْمَالِ فِي الْإِطْعَامِ وَأَمَّا جَوَابِرُ الْمَالِ فَالْأَصْلُ أَنْ يُؤْتَى بِعَيْنِ الْمَالِ مَعَ الْإِمْكَانِ فَإِنْ أَتَى بِهِ كَامِلَ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ بَرِئَ مِنْ عُهْدَتِهِ أَوْ نَاقِصَ الْأَوْصَافِ جَبَرَ نَقْصَهَا بِالْقِيمَةِ لِأَنَّ الْأَوْصَافَ لَيْسَتْ مِثْلِيَّةً إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَوْصَافُ تُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ مِنْ تِلْكَ الْعَيْنِ خَلَلًا كَثِيرًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْجُمْلَةَ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ كَمَنْ قَطَعَ ذَنَبَ بَغْلَةِ الْقَاضِي وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَتَعَذَّرُ بَعْدَ ذَلِكَ رُكُوبُهَا عَلَى ذَوِي الْهَيْئَاتِ وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ أَصْحَابُنَا الْمَغْصُوبَ لِلْغَاصِبِ إذَا ذَبَحَ الشَّاةَ أَوْ طَحَنَ الْقَمْحَ أَوْ ضَرَبَ الْفِضَّةَ دَرَاهِمَ أَوْ شَقَّ الْخَشَبَةَ أَلْوَاحًا أَوْ زَرَعَ الْحِنْطَةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْمُفَوِّتَاتِ فَلِلْغَاصِبِ مَنْعُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مِنْ أَخْذِ مَا وَجَدَهُ مِنْ مَالِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بَلْ لَهُ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ حَيْثُ وَجَدَهُ وَالْأَوَّلُ أَنْضَرُ وَأَقْرَبُ لِلْقَوَاعِدِ فَفِي بِدَايَةِ الْمُجْتَهِدِ لِأَبِي الْوَلِيدِ مُحَمَّدِ بْنِ رُشْدٍ مَا لَفْظُهُ وَأُصُولُ الشَّرْعِ تَقْتَضِي أَنْ لَا يَسْتَحِلَّ مَالَ الْغَاصِبِ مِنْ أَجْلِ غَصْبِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ مَنْفَعَةً أَوْ عَيْنًا إلَّا أَنْ يَحْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» لَكِنْ هَذَا مُجْمَلٌ وَمَفْهُومُهُ الْأَوَّلُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْفَعَةٌ مُتَوَلِّدَةٌ بَيْنَ مَالِهِ وَبَيْنَ الشَّيْءِ الَّذِي غَصَبَهُ أَعْنِي مَالَهُ الْمُتَعَلِّقَ بِالْمَغْصُوبِ. اهـ.
وَأَمَّا إنْ جَاءَ بِهَا نَاقِصَةَ الْقِيمَةِ فِي بَعْضِ الْمَوَاطِنِ فَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّ الْفَائِتَ رَغَبَاتُ النَّاسِ وَهِيَ غَيْرُ مُقَوَّمَةٍ فِي الشَّرْعِ وَلَا قَائِمَةٍ بِالْعَيْنِ وَتُجْبَرُ الْأَمْوَالُ الْمِثْلِيَّةُ بِأَمْثَالِهَا لِأَنَّ الْمِثْلَ أَقْرَبُ إلَى رَدِّ الْعَيْنِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ مِنْ الْقِيمَةِ وَقَدْ خُولِفَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي صُورَتَيْنِ فِي لَبَنِ الْمُصَرَّاةِ لِأَجْلِ اخْتِلَاطِ لَبَنِ الْبَائِعِ بِلَبَنِ الْمُشْتَرِي وَعَدَمِ تَمْيِيزِ الْمِقْدَارِ وَفِيمَنْ غَصَبَ مَاءً فِي الْمَعَاطِشِ فَإِنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْعُلَمَاءِ يُضَمِّنُونَهُ الْقِيمَةَ فِي مَحَلِّ غَصْبِهِ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا تُجْبَرُ الْأَمْوَالُ إلَّا بِالْمَالِ وَأَمَّا الْمَنَافِعُ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ فَلَا تُجْبَرُ احْتِقَارًا لَهَا كَالْمِزْمَارِ وَنَحْوِهِ كَمَا لَا تُجْبَرُ النَّجَاسَاتُ مِنْ الْأَعْيَانِ نَعَمْ اسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ مَهْرَ الْمَزْنِيِّ بِهَا كُرْهًا تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا لَمْ تَأْتِ مُحَرَّمًا وَالظَّالِمُ أَحَقُّ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ كَالْغَاصِبِ لِسُكْنَى دَارٍ وَلَمْ يُجْبَرْ اللِّوَاطُ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَوَّمْ قَطُّ فِي الشَّرْعِ فَأَشْبَهَ الْقُبْلَةَ وَالْعِنَاقَ وَإِمَّا غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ فَإِنْ كَانَتْ مَنَافِعُ جِسْمِ الْحُرِّ

اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 212
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست