responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 196
لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ وَإِنَّمَا يُسْقِطُ الْإِذْنَ الْخَاصَّ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ)
إذَا اسْتَعَارَ شَيْئًا فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَ وَهَلَكَ فِي الْعَمَلِ الْمُسْتَعَارِ لَهُ مِنْ غَيْرِ عُدْوَانٍ وَلَا مُجَاوَزَةٍ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي الِانْتِفَاعِ بِتِلْكَ الْعَارِيَّةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الَّذِي أَعَارَهُ أَذِنَ لَهُ فِيمَا حَصَلَ بِهِ الْهَلَاكُ وَلَوْ سَقَطَ مِنْ يَدِهِ عَلَيْهَا شَيْءٌ فَأَهْلَكَهَا ضَمِنَ لِعَدَمِ وُجُودِ إذْنِ صَاحِبِ الْعَارِيَّةِ فِي هَذَا التَّصَرُّفِ الْخَاصِّ وَإِنَّمَا وُجِدَ الْإِذْنُ الْعَامُّ وَهُوَ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ)
إذَا اُضْطُرَّ إلَى طَعَامِ غَيْرِهِ فَأَكَلَهُ فِي الْمَخْمَصَةِ جَازَ وَهَلْ يَضْمَنُ لَهُ الْقِيمَةَ أَوْ لَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ الدَّفْعَ كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْمَالِكِ وَالْوَاجِبُ لَا يُؤْخَذُ لَهُ عِوَضٌ وَالْقَوْلُ الثَّانِي وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْهُرُ لِأَنَّ إذْنَ الْمَالِكِ لَمْ يُوجَدْ وَإِنَّمَا وُجِدَ إذْنُ صَاحِبِ الشَّرْعِ وَهُوَ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ الضَّمَانِ وَإِنَّمَا يَنْفِي الْإِثْمَ وَالْمُؤَاخَذَةَ بِالْعِقَابِ وَلِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْمِلْكَ إذَا دَار زَوَالُهُ بَيْنَ الْمَرْتَبَةِ الدُّنْيَا وَالْمَرْتَبَةِ الْعُلْيَا حُمِلَ عَلَى الدُّنْيَا اسْتِصْحَابًا لِلْمِلْكِ بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ وَانْتِقَالُ الْمِلْكِ بِعِوَضٍ هُوَ أَدْنَى رُتَبِ الِانْتِقَالِ وَهُوَ أَقْرَبُ لِمُوَافَقَةِ الْأَصْلِ مِنْ الِانْتِقَالِ بِغَيْرِ عِوَضٍ.

(الْفَرْقُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ تَقَدُّمِ الْحُكْمِ عَلَى سَبَبِهِ دُونَ شَرْطِهِ أَوْ شَرْطِهِ دُونَ سَبَبِهِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ تَقَدُّمِهِ عَلَى السَّبَبِ وَالشَّرْطِ جَمِيعًا) وَتَحْرِيرُهُ أَنَّ الْحُكْمَ إنْ كَانَ لَهُ سَبَبٌ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ لَا يُعْتَبَرُ أَوْ كَانَ لَهُ سَبَبَانِ أَوْ أَسْبَابٌ فَتَقَدَّمَ عَلَى جَمِيعِهَا لَمْ يُعْتَبَرْ أَوْ عَلَى بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ اُعْتُبِرَ بِنَاءً عَلَى سَبَبِ الْخَاصِّ وَلَا يَضُرُّ فِقْدَانُ بَقِيَّةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSمَنْ يُسْقِطُ الضَّمَانَ عَنْ الْمُضْطَرِّ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يُسْقِطُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْفَرْقِ.

قَالَ شِهَابُ الدِّينِ (الْفَرْقُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ تَقَدُّمِ الْحُكْمِ عَلَى سَبَبِهِ دُونَ شَرْطِهِ أَوْ شَرْطِهِ دُونَ سَبَبِهِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ تَقَدُّمِهِ عَلَى السَّبَبِ وَالشَّرْطِ جَمِيعًا إلَى قَوْلِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تَكُونُ عَامَّةً بَلْ مُطْلَقَةٌ فَيَكُونُ حَمْلُهَا عَلَى نَصِّ التَّقْيِيدِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ وَبِالْجُمْلَةِ فَحَمْلُ الْإِطْلَاقِ عَلَى التَّقْيِيدِ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمُطْلَقِ لَا فِي الْعُمُومِ وَلَا فِي الْأَمْرِ وَخَبَرُ الثُّبُوتِ لَا فِي النَّهْيِ وَخَبَرِ النَّفْيِ لِأَنَّ خَبَرَ النَّفْيِ كَقَوْلِنَا لَيْسَ فِي الدَّارِ أَحَدٌ يَقَعُ نَكِرَةً فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَيَعُمُّ فَيَئُولُ الْحَالُ إلَى الْكُلِّيَّةِ وَالْعُمُومِ دُونَ الْإِطْلَاقِ وَخَبَرُ الثُّبُوتِ نَحْوَ فِي الدَّارِ رَجُلٌ هُوَ كَالْأَمْرِ لَا تَعُمُّ النَّكِرَةُ فِي سِيَاقِهِ بَلْ تَكُونُ مُطْلَقَةً فَنَصُّ الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ فِي الْمَحْصُولِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ
(وَصْلٌ) فِي تَوْضِيحِ هَذَا الْفَرْقِ بِأَرْبَعِ مَسَائِلَ (الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) حَمْلُ الْإِطْلَاقِ عَلَى التَّقْيِيدِ فِي الْمُطْلَقِ دُونَ الْعَامِّ لَا يَرَاهُ الْحَنَفِيَّةُ وَيَرَاهُ الشَّافِعِيَّةُ وإنَّمَا تَرَكُوا أَصْلَهُمْ فِيمَا وَرَدَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا إحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ وَوَرَدَ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» لِأَنَّ الْمُطْلَقَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَرَدَ مُقَيَّدًا بِقَيْدَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ لِأَنَّهُ كَمَا وَرَدَ «أُولَاهُنَّ» وَرَدَ «أُخْرَاهُنَّ» وَشَرْطُ الْعَمَلِ بِهَذَا الْأَصْلِ أَنْ يُقَيَّدَ الْمُطْلَقُ بِقَيْدٍ وَاحِدٍ لَا بِقَيْدَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ وَإِلَّا تَسَاقَطَا لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ يَتَرَجَّحْ أَحَدُهُمَا بِاقْتِضَاءِ الْقِيَاسِ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَيْهِ وَهُنَا لَمْ يَقْتَضِ الْقِيَاسُ الْحَمْلَ عَلَى أَحَدِ الْقَيْدَيْنِ حَتَّى يَتَرَجَّحَ فَوَجَبَ بَقَاءُ الْمُطْلَقِ عَلَى إطْلَاقِهِ فَلَمْ تَتْرُكْ الشَّافِعِيَّةُ أَصْلَهُمْ لِغَيْرِ مُوجِبٍ خِلَافًا لِقَاضِي الْقُضَاةِ صَدْرِ الدِّينِ الْحَنَفِيِّ وَأَمَّا أَصْحَابُنَا الْمَالِكِيَّةُ فَلَمْ يَعْرُجُوا عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ الْمُطْلَقِ وَلَا عَلَى قَيْدَيْهِ بَلْ اقْتَصَرُوا عَلَى سَبْعٍ مِنْ غَيْرِ تُرَابٍ قَالَ الْأَصْلُ وَأَنَا مُتَعَجِّبٌ مِنْ ذَلِكَ مَعَ وُرُودِهِ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ اهـ وَفِي حَاشِيَةِ حِجَازِيٍّ عَلَى الْمَجْمُوعِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا تَتْرِيبَ مَا نَصُّهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي كُلِّ الرِّوَايَاتِ وَمَحَلُّ قَبُولِ زِيَادَةِ الْعَدْلِ إنْ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ الَّذِي لَمْ يَزِدْ أَوْثَقَ وَلِاخْتِلَافِ الطُّرُقِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ فَفِي بَعْضِهَا إحْدَاهُنَّ وَفِي بَعْضِهَا «أُولَاهُنَّ» وَفِي بَعْضِهَا «أُخْرَاهُنَّ» اهـ فَتَأَمَّلْ قُلْتُ وَمِمَّا وَرَدَ مُطْلَقًا وَمُقَيَّدًا بِقَيْدَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ حَدِيثُ الِابْتِدَاءِ فَقَدْ وَرَدَ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ أَبْتَرُ» وَوَرَدَ بِبَسْمِ اللَّهِ إلَخْ وَوَرَدَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ فَلِذَا كَانَ الْمَطْلُوبُ فِي ابْتِدَاءِ ذَوَاتِ الْبَالِ مُطْلَقَ الذِّكْرِ فَتَنَبَّهْ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) أَخَذَ الشَّافِعِيُّ بِعُمُومِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ» وَخَصَّصَ أَصْحَابُنَا الْمَنْعَ بِالطَّعَامِ خَاصَّةً وَجَوَّزُوا بَيْعَ غَيْرِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَخْذًا بِمَا وَرَدَ أَيْضًا مِنْ «نَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ» وَلَهُمْ فِي الْأَخْذِ بِهِ مُدْرَكَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مِنْ بَابِ حَمْلِ الْإِطْلَاقِ فِي الْأَوَّلِ عَلَى التَّقْيِيدِ فِي الثَّانِي وَثَانِيهِمَا أَنَّ الْأَوَّلَ عَامٌّ وَالثَّانِيَ خَاصٌّ وَإِذَا تَعَارَضَ الْعَامُّ وَالْخَاصُّ قُدِّمَ الْخَاصُّ عَلَى الْعَامِّ وَالْمُدْرَكَانِ بَاطِلَانِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ حَمْلَ الْإِطْلَاقِ عَلَى التَّقْيِيدِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهِ فِي الْمُطْلَقِ لَا فِي الْعَامِّ وَلَفْظُ مَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَا لَمْ يُقْبَضْ عَامٌّ فَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى تَقْيِيدِ الثَّانِي لِمَا عَلِمْت وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِذِكْرِ بَعْضِهِ وَهُوَ بَاطِلٌ كَمَا تَقَرَّرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ فَإِنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ ذِكْرِ الشَّيْءِ وَذِكْرِ بَعْضِهِ وَالطَّعَامُ هُوَ بَعْضُ مَا تَنَاوَلَهُ عُمُومُ مَا لَمْ يُقْبَضْ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ فَلَا يَصِحُّ تَخْصِيصُهُ بِهِ فَبَقِيَتْ الْمَسْأَلَةُ مُشْكِلَةً عَلَيْنَا وَيَظْهَرُ أَنَّ الصَّوَابَ مَعَ الشَّافِعِيِّ

اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 196
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست