responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 18
لَفْظِيَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِلَفْظَيْ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ حَسُنَ ذِكْرُهَا بَعْدَ تَحْقِيقِ مَعْنَاهُمَا.

(الْفَرْقُ الثَّانِي بَيْنَ قَاعِدَتَيْ الْإِنْشَاءِ وَالْخَبَرِ)
الَّذِي هُوَ جِنْسُ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ وَالدَّعْوَى وَمَا ذَكَرَهَا مَعَهَا فِيمَا تَقَدَّمَ أَمَّا الْخَبَرُ فَهُوَ الْمُحْتَمِلُ لِلتَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ لِذَاتِهِ، وَالتَّصْدِيقُ هُوَ قَوْلُنَا لَهُ صَدَقْتَ وَالتَّكْذِيبُ هُوَ قَوْلُنَا لَهُ كَذَبْتَ، وَهُمَا غَيْرُ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فَإِنَّ التَّصْدِيقَ وَالتَّكْذِيبَ هُوَ قَوْلٌ وُجُودِيٌّ مَسْمُوعٌ وَالصِّدْقُ يَرْجِعُ إلَى مُطَابَقَةِ الْخَبَرِ، وَالْكَذِبُ يَرْجِعُ إلَى عَدَمِ مُطَابَقَتِهِ فَهُمَا نِسْبَةٌ وَإِضَافَةٌ وَالنِّسَبُ وَالْإِضَافَاتُ عَدَمِيَّةٌ فَوَقَعَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِالْوُجُودِ وَالْعَدَمِ وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ إنَّ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ هُوَ الْمُخْبَرُ عَنْهُ فِي التَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ؛ لِأَنَّ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ تَابِعٌ لِلْخَبَرِ وَالتَّصْدِيقَ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ شِهَابُ الدِّينِ (الْفَرْقُ الثَّانِي بَيْنَ قَاعِدَتَيْ الْإِنْشَاءِ وَالْخَبَرِ، ثُمَّ قَالَ أَمَّا الْخَبَرُ فَهُوَ الْمُحْتَمِلُ لِلتَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ لِذَاتِهِ، وَالتَّصْدِيقُ هُوَ قَوْلُنَا صَدَقْتَ وَالتَّكْذِيبُ هُوَ قَوْلُنَا كَذَبْتَ، وَهُمَا غَيْرُ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فَإِنَّ التَّصْدِيقَ وَالتَّكْذِيبَ قَوْلٌ وُجُودِيٌّ مَسْمُوعٌ، وَالصِّدْقُ يَرْجِعُ إلَى مُطَابَقَةِ الْخَبَرِ، وَالْكَذِبُ يَرْجِعُ إلَى عَدَمِ مُطَابَقَتِهِ فَهُمَا نِسْبَةٌ وَإِضَافَةٌ وَالنِّسَبُ وَالْإِضَافَاتُ عَدَمِيَّةٌ فَوَقَعَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِالْوُجُودِ وَالْعَدَمِ. وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ إنَّ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ هُوَ الْمُخْبَرُ عَنْهُ فِي التَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ فَيَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فَرْقَ مَا بَيْنَ الْمُخْبَرِ عَنْهُ وَالْخَبَرِ وَالْمُتَعَلِّقِ وَالْمُتَعَلَّقِ بِهِ، وَقَوْلُنَا لِذَاتِهِ احْتِرَازٌ مِنْ تَعَذُّرِ الصِّدْقِ أَوْ الْكَذِبِ فِيهِ لِأَجْلِ الْمُخْبَرِ بِهِ أَوْ الْمُخْبَرِ عَنْهُ، فَالْأَوَّلُ كَخَبَرِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ خَبَرِ مَجْمُوعِ الْأُمَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْكَذِبَ، وَالثَّانِي كَقَوْلِنَا الْوَاحِدُ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْكَذِبَ، أَوْ الْوَاحِدُ نِصْفُ الْعَشَرَةِ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ الصِّدْقَ، وَلَكِنْ جَمِيعُ هَذِهِ الْإِخْبَارَاتِ بِالنَّظَرِ إلَى ذَاتِهَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْمُخْبَرِ بِهِ أَوْ الْمُخْبَرِ عَنْهُ تَقْبَلُهُمَا مِنْ حَيْثُ هِيَ أَخْبَارٌ، فَهَذَا هُوَ حَدُّ الْخَبَرِ الضَّابِطُ لَهُ) قُلْتُ: تَفْرِيقُهُ بَيْنَ التَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ وَالصِّدْقِ وَالْكَذِبِ بِأَنَّ أَوَّلَهُمَا وُجُودِيٌّ وَالْآخَرَ عَدَمِيٌّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إضَافِيٌّ غَفْلَةٌ شَدِيدَةٌ، وَهَلْ مَا يَلْحَقُ خَبَرَ الْمُخْبِرِ مِنْ تَصْدِيقِ الْمُصَدَّقِ أَوْ تَكْذِيبِ الْمُكَذَّبِ إلَّا أَمْرٌ إضَافِيٌّ، وَهَلْ خَبَرُ الْمُخْبِرِ إلَّا مُتَعَلِّقٌ لِتَصْدِيقِ الْمُصَدَّقِ أَوْ تَكْذِيبِ الْمُكَذَّبِ وَمُتَعَلِّقَاتُ الْكَلَامِ بِأَسْرِهَا لَا يَلْحَقُهَا مِنْ الْكَلَامِ إلَّا أَمْرٌ إضَافِيٌّ، فَقَدْ وَقَعَ فِيمَا مِنْهُ فَرْقٌ، وَقَوْلُهُ فَإِنَّ التَّصْدِيقَ وَالتَّكْذِيبَ قَوْلٌ وُجُودِيٌّ مَسْمُوعٌ لَا يُفِيدُهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَوْجُودًا فِي خَبَرِ الْمُخْبِرِ فَيَكُونُ وَصْفًا حَقِيقِيًّا لِلْخَبَرِ بَلْ هُوَ مَوْجُودٌ فِي لِسَانِ الْمُصَدَّقِ وَالْمُكَذَّبِ.
وَمَا وُجُودُهُ فِي غَيْرِ الْمَحْدُودِ لَا يَصْلُحُ لِلتَّحْدِيدِ بِهِ، بَلْ الصَّحِيحُ حَدُّ الْخَبَرِ أَوْ رَسْمُهُ بِأَنَّهُ قَوْلٌ يَلْزَمُهُ الصِّدْقُ أَوْ الْكَذِبُ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ فِي ظَاهِرِ الْأَمْرِ، وَقَدْ يَنْفَكُّ عَنْ التَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ الْمَسْمُوعَيْنِ لَنَا إمَّا لِلْغَفْلَةِ عَنْ سَمَاعِ الْخَبَرِ، وَإِمَّا لِلْإِضْرَابِ عَنْ التَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ مَعَ سَمَاعِ الْخَبَرِ، وَإِمَّا لِعَدَمِ الْمُوجِبِ لِرُجْحَانِ أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ عِنْدَ السَّمَاعِ، وَالْحَدُّ وَالرَّسْمُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِمَا هُوَ لَازِمٌ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ اللَّازِمُ وَصْفًا حَقِيقِيًّا ذَاتِيًّا فَالْقَوْلُ الْمُتَضَمِّنُ لَهُ حَدٌّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَاتِيًّا فَالْقَوْلُ الْمُتَضَمِّنُ لَهُ رَسْمٌ، وَقَوْلُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ إنَّ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ هُوَ الْمُخْبَرُ عَنْهُ فِي التَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ قُلْت فَإِذَا كَانَ صِدْقُ الْخَبَرِ أَوْ كَذِبُهُ مُتَعَلِّقُ التَّصْدِيقِ أَوْ التَّكْذِيبِ، فَالصِّدْقُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQآلَاتِ الْأَوْقَاتِ كَالِاصْطَرْلَابِ وَالْمِيزَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَلَامَةٌ مُفِيدَةٌ كَذَلِكَ الْأَذَانُ يَكْفِي فِيهِ الْوَاحِدُ؛ لِأَنَّهُ عَلَامَةٌ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ دَلَالَةَ مَيْلِ الظِّلِّ وَزِيَادَتِهِ عَلَى دُخُولِ الْوَقْتِ قَطْعِيَّةٌ، وَدَلَالَةَ الْأَذَانِ غَيْرُ قَطْعِيَّةٍ وَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّ مَا دَلَالَتُهُ قَطْعِيَّةٌ لَا حَاجَةَ فِيهِ إلَى الِاسْتِظْهَارِ بِخِلَافِ مَا دَلَالَتُهُ غَيْرُ قَطْعِيَّةٍ.
وَثَانِيهِمَا أَنَّ دَلَالَةَ الْأَذَانِ بِجُمْلَتِهِ دَلَالَةٌ عُرْفِيَّةٌ شَرْعِيَّةٌ بِالْمُطَابَقَةِ؛ لِأَنَّهُ لِذَلِكَ وَضَعَهُ الشَّارِعُ مَعَ أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ دَالٌّ عَلَى مُقْتَضَاهُ دَلَالَةً لُغَوِيَّةً بِالْمُطَابَقَةِ أَيْضًا وَمَعْنَى حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَكَذَا حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ فِي اللُّغَةِ بِالْمُطَابَقَةِ أَقْبِلُوا إلَيْهَا، وَهُوَ يَدُلُّ الْتِزَامًا عَلَى دُخُولِ وَقْتِهَا فَيَكُونُ تَقْلِيدُ الْمُؤَذِّنِ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ إذَا أَذَّنَ كَتَقْلِيدِهِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَصَحِيحِ النَّظَرِ إذَا قَالَ لَنَا مِنْ غَيْرِ أَذَانٍ طَلَعَ الْفَجْرُ، وَهُوَ خَبَرٌ صِرْفٌ فَافْهَمْ نَعَمْ قَالَ ابْنُ الشَّاطِّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنَّمَا ثَبَتَ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَصَحِيحِ النَّظَرِ تَقْلِيدُ الْمُؤَذِّنِ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ إذَا أَذَّنَ أَمَّا إذَا أَخْبَرَ بِدُخُولِهِ مِنْ غَيْرِ أَذَانٍ فَالصَّحِيحُ عِنْدِي هَهُنَا أَنْ لَا تَقْلِيدَ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ نَصَبَ دَلِيلًا مُعَيَّنًا فَلَا يُتَعَدَّى مَا نَصَبَ اهـ.
فَتَأَمَّلْ قُلْت لَكِنْ يُؤْخَذُ دَفْعُ هَذَا الْإِشْكَالِ مِنْ قَوْلِ الْعَلَّامَةِ ابْنِ رُشْدٍ الْحَفِيدِ فِي بِدَايَةِ الْمُجْتَهِدِ وَإِذَا قُلْنَا إنَّ الرُّؤْيَةَ تَثْبُتُ بِالْخَبَرِ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَرَهُ فَهَلْ يُتَعَدَّى ذَلِكَ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ بِأَنْ يَجِبَ عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ لَمْ يَرَوْهُ أَنْ يَأْخُذُوا فِي ذَلِكَ بِرُؤْيَةِ بَلَدٍ آخَرَ وَهُوَ مَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْمِصْرِيُّونَ عَنْ مَالِكٍ أَمْ لِكُلِّ بَلَدٍ رُؤْيَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ يَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ الْمَدَنِيُّونَ عَنْهُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَالْمُغِيرَةُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَاعَى ذَلِكَ فِي الْبُلْدَانِ النَّائِيَةِ كَالْأَنْدَلُسِ وَالْحِجَازِ وَسَبَبُ هَذَا الْخِلَافِ تَعَارُضُ الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ فَرَوَى مُسْلِمٌ «عَنْ كُرَيْبٌ أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ بَعَثَتْهُ إلَى مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ فَقَالَ قَدِمْت الشَّامَ فَقَضَيْتُ حَاجَتَهَا وَاسْتَهَلَّ عَلَيَّ رَمَضَانُ وَأَنَا بِالشَّامِ فَرَأَيْتُ الْهِلَالَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ فَسَأَلَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ ثُمَّ ذَكَرَ الْهِلَالَ فَقَالَ مَتَى رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ فَقُلْتُ رَأَيْتُهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ أَنْتَ رَأَيْتَهُ فَقُلْتُ

اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 18
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست