responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 145
وَحَاجَتِهِمَا لِلْوَلَدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الْمُوجِبَةِ لِبِرِّهِمَا بَلْ مُجَرَّدُ وَصْفِ الْأُبُوَّةِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَإِذَا نَصَّ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى تَقْدِيمِ صُحْبَتِهِمَا عَلَى صُحْبَتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَمَا بَقِيَ بَعْدَ هَذِهِ الْغَايَةِ غَايَةٌ وَإِذَا قَدَّمَ خِدْمَتَهُمَا عَلَى فِعْلِ فَرَوْضِ الْكِفَايَةِ فَعَلَى النَّفْلِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى بَلْ عَلَى الْمَنْدُوبَاتِ الْمُتَأَكِّدَةِ وَقَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَوْ كَانَ جُرَيْجٌ فَقِيهًا لَعَلِمَ أَنَّ إجَابَةَ أُمِّهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ» لِأَنَّهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانَ الْكَلَامُ الَّذِي يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ مُبَاحًا كَمَا كَانَ فِي أَوَّلِ شَرْعِنَا وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ وَيَكُونُ جُرَيْجٌ عَصَى بِتَرْكِ طَاعَتِهِمَا فِي أَمْرٍ مُبَاحٍ أَوْ مَنْدُوبٍ إلَيْهِ وَهُوَ الصَّمْتُ حِينَئِذٍ.
فَوَائِدُ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ: الْمَيامِيسُ الزَّوَانِي جَمْعُ زَانِيَةٍ وَوَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ أَنَّهُ لَمَّا مَنَعَ أُمَّهُ مِنْ النَّظَرِ إلَى وَجْهِهِ مُحْتَجًّا بِالصَّلَاةِ دَعَتْ عَلَيْهِ بِأَنْ يَنْظُرَ إلَى وُجُوهِ الزَّوَانِي عُقُوبَةً عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ النَّظَرِ إلَى وَجْهِهَا وَيَدُلُّ الْحَدِيثُ أَيْضًا عَلَى مَنْعِ السَّفَرِ الْمُبَاحِ إلَّا بِإِذْنِهِمَا فَإِنَّ غَيْبَةَ الْوَجْهِ فِيهِ أَعْظَمُ وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى وُجُوبِ طَاعَتِهِمَا فِي النَّوَافِلِ وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْعُقُوقَ يُؤَاخَذُ بِهِ الْإِنْسَانُ وَإِنْ عَظُمَ قَدْرُهُ فِي الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ لِأَنَّ جُرَيْجًا كَانَ مِنْ أَعْبَدْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَخُرِقَتْ لَهُ الْعَادَاتُ وَظَهَرَتْ لَهُ الْكَرَامَاتُ فَمَا ظَنُّك بِغَيْرِهِ إذَا عَقَّ أَبَوَيْهِ وَيَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ أَصْلِ الْعُقُوقِ قَوْله تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] وَإِذَا حَرُمَ هَذَا الْقَوْلُ حَرُمَ مَا فَوْقَهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَيَدُلُّ عَلَى مُخَالَفَتِهِمَا فِي الْوَاجِبَاتِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا} [لقمان: 15] وَفِي الْآيَةِ فَائِدَتَانِ: الْفَائِدَةُ الْأُولَى أَنَّ الْأَبَوَيْنِ يَجِبُ بِرُّهُمَا وَيَحْرُمُ عُقُوقُهُمَا وَإِنْ كَانَا كَافِرَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَأْمُرُ بِالشِّرْكِ إلَّا كَافِرٌ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ صَرَّحَتْ الْآيَةُ بِوُجُوبِ بِرِّهِمَا الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ مُخَالَفَتَهُمَا وَاجِبَةٌ فِي أَمْرِهِمَا بِالْمَعَاصِي وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ» .

(الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ) قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الطُّرْطُوشِيُّ: أَمَّا مُخَالَفَتُهُمَا فِي طَلَبِ الْعِلْمِ فَإِنْ كَانَ فِي بَلَدِهِ يَجِدُ مُدَارَسَةَ الْمَسَائِلِ وَالتَّفَقُّهَ عَلَى طَرِيقِ التَّقْلِيدِ وَحِفْظِ نُصُوصِ الْعُلَمَاءِ فَأَرَادَ أَنْ يَظْعَنَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فَيَتَفَقَّهَ فِيهِ عَلَى مِثْلِ طَرِيقَتِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِإِذْنِهِمَا لِأَنَّ خُرُوجَهُ إذَايَةُ لَهُمَا بِغَيْرِ فَائِدَةٍ وَإِنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ لِلتَّفَقُّهِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَعْرِفَةِ الْإِجْمَاعِ وَمَوَاضِعِ الْخِلَافِ وَمَرَاتِبِ الْقِيَاسِ فَإِنْ وُجِدَ فِي بَلَدِهِ ذَلِكَ لَمْ يَخْرُجْ إلَّا بِإِذْنِهِمَا وَإِلَّا خَرَجَ وَلَا طَاعَةَ لَهُمَا فِي مَنْعِهِ لِأَنَّ تَحْصِيلَ دَرَجَةِ الْمُجْتَهِدِينَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ قَالَ سَحْنُونٌ: مَنْ كَانَ أَهْلًا لِلْإِمَامَةِ وَتَقْلِيدِ الْعُلُومِ فَفَرْضٌ عَلَيْهِ أَنْ يَطْلُبَهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 104] وَمَنْ لَا
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ: (الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الطُّرْطُوشِيُّ إلَى آخِرِ الْمَسْأَلَةِ) قُلْتُ: مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ غَيْرَ قَوْلِهِ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ فَقَدْ سَبَقَ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ كُنْيَتَهُ أَبُو بَكْرٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّهَا لَا تُوجَدُ إلَّا فِي الذِّكْرِ الْمَحْضِ أَوْ الْمُحَرَّمِ لِذَاتِهِ أَوْ الْمَكْرُوهِ لِذَاتِهِ أَوْ سَفَاسِفِ الْأُمُورِ وَقَدْ أَخْرَجَ مَا ذُكِرَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ ذِكْرًا مَحْضًا إلَخْ اهـ أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ذِكْرًا أَصْلًا بَلْ كَانَ مِنْ الْعِبَادَاتِ كَالْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ عَلَى الْخِلَافِ وَذَبْحِ النُّسُكِ أَوْ مِنْ الْمُبَاحَاتِ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ وَكَانَ ذِكْرًا غَيْرَ مَحْضٍ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ وَالْبَرَكَاتِ إلَّا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ ذِكْرًا مَحْضًا كَمَا لَا يَخْفَى فَلِذَا شُرِعَتْ فِيهَا الْبَسْمَلَةُ.
وَأَمَّا مَا لَا تُشْرَعُ فِيهِ فَسِتَّةُ أَنْوَاعٍ كَمَا يُفِيدُهُ الضَّابِطُ الْمَذْكُورُ: الْأَوَّلُ مَا جَعَلَ الشَّارِعُ لَهُ مَبْدَأً غَيْرَ الْبَسْمَلَةِ كَالصَّلَوَاتِ وَالْأَذَانِ فَإِنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ مَبْدَأَهُمَا التَّكْبِيرَ وَكَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُ جَعَلَ مَبْدَأَهُمَا التَّلْبِيَةَ وَالثَّانِي مَا كَانَ ذِكْرًا مَحْضًا كَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ.
وَالثَّالِثُ مَا كَانَ مِنْ سَفَاسِفِ الْأُمُورِ وَالرَّابِعُ مَا كَانَ مُحَرَّمًا لِذَاتِهِ كَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَالْخَامِسُ مَا كَانَ مَكْرُوهًا لِذَاتِهِ كَأَكْلِ الْبَصَلِ النِّيءِ عَلَى مَا نَقَلَهُ الأنبابي عَنْ الْعَلَّامَةِ الشَّرْقَاوِيِّ فِي حَاشِيَةِ التَّحْرِيرِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ مِنْ أَنَّهُ بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ تَلْزَمُهُ الْكَرَاهَةُ لِذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ جَعَلَهُ مِنْ الْمَكْرُوهِ لِعَارِضٍ وَالسَّادِسُ نَحْوُ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ فَمَا أُبِيحَ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُحَقَّرَاتِ وَلَا مِنْ ذَوَاتِ الْبَالِ فَلَمْ تُشْرَعْ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْمَشْرُوعَ بَدْؤُهُ بِغَيْرِهَا وَلَا فِي الثَّانِي لِاتِّحَادِ النَّوْعِ فَكَمَا لَا تَبْدَأُ الْبَسْمَلَةُ بِالْبَسْمَلَةِ لِأَنَّهَا تُزَكِّي نَفْسَهَا وَغَيْرَهَا كَالشَّاةِ مِنْ الْأَرْبَعِينَ كَذَلِكَ لَا يَبْدَأُ الذِّكْرُ الْمَحْضُ بِهَا لِمَا ذُكِرَ فِيهَا لَا سِيَّمَا وَقَدْ رُوِيَ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِذِكْرِ اللَّهِ فَهُوَ أَبْتَرُ» فَتَأَمَّلْ بِإِنْصَافٍ وَلَا فِي الثَّالِثِ لِأَنَّ الْأَوْلَى فِي مِثْلِ ذَلِكَ تَرْكُهَا تَعْظِيمًا لِاسْمِهِ تَعَالَى نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِهَا عِنْدَ مُحَقَّرٍ كَامْتِخَاطِهِ التَّحَصُّنَ وَالتَّبَرُّكَ لِنَفْسِهِ بِأَنْ يُقَدِّرَ الْمُتَعَلِّقَ بِسْمِ اللَّهِ أَتَحَصَّنُ مِنْ ضَرَرِ هَذَا الْفِعْلِ أَوْ أَسَتَنْزِلُ الْبَرَكَةَ عَلَيَّ لَامْتَخَطَ يَرْجِعُ لِذَوَاتِ الْبَالِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمُوعِ وَضَوْءِ الشُّمُوعِ وَلَا فِي الرَّابِعِ وَالْخَامِسِ لِقَوْلِ الشَّيْخِ الْبَاجُورِيِّ فَتَحْرُمُ عَلَى الْمُحَرَّمِ لِذَاتِهِ وَتُكْرَهُ عَلَى الْمَكْرُوهِ.
وَكَذَلِكَ قَالَ الأنبابي عَلَيْهِ: هَذَا أَحَدُ أَقْوَالٍ حَاصِلُهَا أَنَّهُ قِيلَ: تُكْرَهُ التَّسْمِيَةُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَكْرُوهِ وَالْمُحَرَّمِ وَلَوْ لِعَارِضٍ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مُرَاغَمَةِ الشَّارِعِ بِجَعْلِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مَحَلًّا لِلْبَرَكَةِ وَقِيلَ: تَحْرُمُ التَّسْمِيَةُ عَلَيْهِمَا إذْ الْمُرَاغَمَةُ تَقْتَضِي التَّحْرِيمَ بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ

اسم الکتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق المؤلف : القرافي، أبو العباس    الجزء : 1  صفحة : 145
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست