اسم الکتاب : دراسات أصولية في القرآن الكريم المؤلف : الحفناوى، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 451
هذا وجدير بالذكر التنبيه على أن العلماء جميعا متفقون على تخصيص عام القرآن بالسنة المتواترة، وأما إذا كانت السنة من أخبار الآحاد فذهب الائمة الأربعة إلى جوازه ومن العلماء من منع ذلك بحجة أن الكتاب قطعى الثبوت، والخبر الذى فيه الكلام ناقلوه متعرضون للزلل، فلا يجوز أن يحكم على الثابت قطعا بما أصله مشكوك فيه [1].
والمختار مذهب الأئمة الأربعة، لأن الصحابة رضوان الله عليهم خصصوا قوله تعالى: وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ بحديث: «لا تنكح المرأة على عمتها ولا خالتها» كما تقدم. على أن الإمام مالكا رحمه الله مع اعتباره دلالة العام فى القرآن ظنية لأنها من قبيل الظاهر والظاهر عنده ظنى لا يخصص عام القرآن بأخبار الآحاد مطلقا. بل هو أحيانا يخصص عام القرآن بخبر الواحد إذا عاضد الخبر عمل أهل المدينة أو قياس، فإن لم يعاضده واحد منهما فلا يخصص عام القرآن به.
ومن أمثلة ذلك: ما تقدم حول قوله تعالى: وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ مع الحديث الشريف حيث قال بتخصيص عموم الآية بالحديث المذكور، لأنه عاضده القياس على الجمع بين الأختين وهو منهى عنه.
ويلاحظ أن القرآن قد يرد مخصصا لعموم الحديث، ومنه قوله تعالى:
وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ [2] وقوله صلى الله عليه وسلم: «ما قطع من البهيمة وهى حية فهو ميت» [3]. فالآية تدل على جواز الانتفاع بالصوف والوبر والشعر، والحديث بعمومه يدل على أن كل جزء انفصل عن الحيوان يكون ميتة ويحرم بالتالى الانتفاع به، ولا شك أن هذا العموم شامل أيضا ما نصت [1] البرهان لإمام الحرمين 1/ 426. [2] سورة النحل الآية: 80. [3] أخرجه أبو داود فى سننه فى كتاب الصيد 2/ 100.
اسم الکتاب : دراسات أصولية في القرآن الكريم المؤلف : الحفناوى، محمد إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 451